الاستثمار في أذون الخزانة

تاريخ الفتوى: 01 فبراير 2012 م
رقم الفتوى: 1956
التصنيف: الاستثمار
الاستثمار في أذون الخزانة

ما حكم الشرع في الاستثمار في أذون الخزانة المصرية؟

لا مانع شرعًا من الاستثمار في أذون الخزانة المصرية؛ لأن الغرض منها هو دعم الوعي الادخاري لدى جمهور المتعاملين، وتمويل خطة التنمية في الدولة وتمويل عجز الموازنة؛ مما يقلل من مشكلة التضخم المالي في الدولة، ويُجنِّب مشكلات إصدار البنكنوت وزيادة كمية المعروض منه في المجتمع وما يترتب عليه من زيادة في الأسعار وظلم بَيِّنٍ لمحدودي الدخل، ولذا فهي عقود تمويل جديدة خالية من الغرر والضرر والربا تحقق مصالح أطرافها، ويجب عدم تسميتها بـ"القروض"؛ لأن ذلك يسبب لَبسًا مع قاعدة "كلُّ قرضٍ جَرَّ نفعًا فهو رِبًا".

المحتويات

 

بيان مفهوم أذون الخزانة والهدف من إصدارها

أذون الخزانة هي نوع من الأوراق المالية التي يقوم بإصدارها البنك المركزي لحساب وزارة المالية؛ أي إن البنك يكون وسيطًا بين الأشخاص والدولة، وتتميز بأنها قصيرة الأجل لا تزيد غالبًا على عام، ويصدر إذن الخزانة عادة بخصم إصدار؛ أي إنه يباع بأقل من قيمته الاسمية، وتلتزم الحكومة دفع القيمة الاسمية للإذن كاملة في تاريخ الاستحقاق، والفرق بين القيمة الاسمية والمبلغ المدفوع في الإذن هو مقدار العائد الذي يجنيه المستثمر. والهدف من إصدارها كما هو مقرر في علم الاقتصاد: هو دعم الوعي الادخاري لدى جمهور المتعاملين، وتمويل خطة التنمية في الدولة وتمويل عجز الموازنة؛ مما يقلل من مشكلة التضخم المالي في الدولة، ويُجنِّب مشكلات إصدار البنكنوت وزيادة كمية المعروض منه في المجتمع وما يترتب عليه من زيادة في الأسعار وظلم بَيِّنٍ لمحدودي الدخل؛ فهو من قبيل السياسات النقدية التي لا بد منها مع جَعْل وسيط التبادل بين الناس هذه الأوراق المطبوعة والخروج عن قاعدة ربطها بالذهب وهو ما يُعرَف بالتعويم.
والأرباح المقدمة على هذه الأذون إنما هي لتشجيع الأفراد على الاكتتاب فيها؛ حتى يمكن للدولة مواجهةُ المشكلات المشار إليها سابقًا.
كما أن الدولة هي المنوطة بإصدار الأوراق النقدية، وهي التي يمكنها سداد هذه الأذون بطبع قيمتها في الوقت المناسب لذلك؛ فتدرأ المشكلات وتحافظ على مستويات الأسعار وتدفع عجلة التنمية بأسلوب حكيم.

بيان حكم إصدار الدولة أذون الخزانة

الدولة في إصدارها لمثل هذه الأذونات هي شخصية اعتبارية لها أحكامها التي تختلف عن أحكام الشخصية الطبيعية، وقد اعتبر الفقهاء أربع جهات لتغير الأحكام من بينها تغير الأحكام على قدر طبيعة الأشخاص؛ فأقروا مثلًا عدم استحقاق زكاة على مال الوقف والمسجد وبيت المال، وجواز استقراض الوقف بالربح عند الحاجة إلى ذلك.
كما أن هذه الأذون إنما هي في الحقيقة عقود تمويل وليست قروضًا؛ لأن القرض عقد إرفاق مبناه على الفضل ومكارم الأخلاق بسد الحاجات وكشف الكُرَب، فإذا كان فيه استغلال الغني لحاجة الفقير بإغراقه في الفوائد وتراكم الديون المركَّبة كان ظلمًا بيِّنًا، أما إذن الخزانة فهو عقد جديد قائم على تبادل المصالح والمنافع التي سبق الإشارة إليها، والذي عليه العمل والفتوى أنه يجوز إحداث عقود جديدة من غير المُسمَّاة في الفقه الموروث كما رجَّحَه الشيخ ابن تيمية وغيره من الفقهاء.

بيان الرد على الاعتراض بأن أذون الخزانة من العقود المشتملة على الغرر

أما الاعتراض على هذا العقد بأن فيه غررًا أو ضررًا أو رِبًا فليس بصحيح، ويجاب عنه بأن الواقع المعيش قد تغير بمجموعة من العلوم الضابطة؛ كدراسات الجدوى وبحوث العمليات والإحصاء والمحاسبة، وتغير فيه كنه الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة، وهذا كله يستوجب تحديد معنًى جديد للغرر والضرر لا يوجد في أذون الخزانة، بل يوجد في عدم إصدارها.

بيان الرد على الحكم على أذون الخزانة بأنها من الربا

أما الحكم على هذه الأذون بأنها من الربا فلا نراه وجيهًا؛ بل إنها عكس الربا تمامًا، ولقد خرج الذهب والفضة من تعامل الناس كوسيطٍ للتبادل ومخزونٍ للقيمة ومعيارٍ للأثمان وكانا مقبولَيْنِ قبولًا عامًّا، وأصبح وسيطُ التبادل يفتقد مِعيارِيَّته للأثمان وخَزْنَه للقيمة؛ فلا يجري الربا في هذه الأوراق النقدية بعد تعويمها وفصلها عن قاعدة الذهب أصلًا عند جميع المذاهب السُّنِّيَّة؛ لأن علة الربا قاصرة لا يُتعدَّى بها عن موطنها، والمحل فيها جزء علة كما نص عليه جماعة من الفقهاء، منهم الشيخ سليمان الجمل الشافعي في "حاشيته على شرح المنهج" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (3/45) حيث يقول: [وحرمته -أي الربا- تعبدية، وما ذُكِرَ فيه من أنه يؤدي إلى التضييق ونحوه حِكَمٌ لا عِلَلٌ] اهـ.

الخلاصة

من كل ذلك: نرى أن أذون الخزانة هي عقود تمويل جديدة خالية من الغرر والضرر والربا تحقق مصالح أطرافها، ولذا فهي معاملات جائزة ولا شيء فيها، ولا مانع من الاستثمار فيها شرعًا، ويجب عدم تسميتها بـ"القروض"؛ لأن ذلك يسبب لَبسًا مع قاعدة "كلُّ قرضٍ جَرَّ نفعًا فهو رِبًا".
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم استخدام التمويل في غير الغرض المنصوص عليه في العقد؟ فقد حصل أحد الأشخاص على تمويل وتسهيلات ائتمانية من أحد البنوك لأغراض معينة تم تحديدها في العقود المبرمة بينه وبين البنك؛ فهل عليه وزر في ذلك شرعًا؟ وما حكم استخدامها في غير الأغراض والمجالات التي حددت في الموافقات الائتمانية؟


ما حكم التعامل بالدروب سيرفس؟ حيث أمتلك منصةً إلكترونيةً لبيع بعض الخدمات الرقمية (تصميمات، إعلانات، ترجمة فورية، صور، أبحاث، برمجة وتطوير.. إلخ)، وأقوم بدور الوسيط بين البائع -مقدِّم الخدمة- والمشتري -طالِب الخدمة- مقابل عمولة بنسبة 5% من قيمة الخدمة يتم اقتطاعها من البائع فقط، فما حكم الشرع في هذه المعاملة؟


هل العمل في البنوك حرام؟ وما حكم الشرع في إيداع الأموال في البنوك وأخذ القروض البنكية؟ وهل التمويل من البنوك حلال أو حرام في هذا الوقت بالذات من أجل الحصول على شقة ضمن مشاريع الإسكان الحكومية؟


ما حكم اشتراط صاحب المال عدم تحمل الخسارة في المضاربة؟ فأنا أريد القيام بعقد شراكة مع شخص، بحيث أعطيه الأموال، وهو يقوم بشراء البضاعة وبيعها، وذلك مقابل نسبة 40% من الأرباح له، ونسبة 60% لي، وأشترط عليه عدم تحملي لأيِّ خسارة، فما حكم إبرام هذا العقد شرعًا؟


ما حكم اشتراط أحد الشركاء أن يأخذ نسبة ربحٍ زائدة عن باقي شركائه في الشركة؛ نظرًا لما يستمتع به من خبرة ومهارة عالية تؤهله لإدارة الشركة وتحقيق أكبر عائد ربحي للجميع؟ فقد قمت أنا وبعض الأصدقاء بعمل شركة للتجارة وقام الشركاء بتفويضي للقيام بأعمال الإدارة؛ نظرًا لخبرتي ومهارتي في التجارة، واشترطت عليهم، أخذ نسبة ربح زائدة عن باقي الشركاء جميعًا، نظير قيامي بتلك الأعمال، ووافقوا على ذلك، فما حكم الشرع في أخذي تلك النسبة الزائدة؟


ما حكم الدعم المالي من الدولة للأفراد عن طريق التمويل من البنوك لزراعة الأراضي واستثمارها؟