هل يجوز وضع زكاة مالي في الصندوق المركزي للضمان الاجتماعي؟
يجوز شرعًا وضع الزكاة في الصندوق المركزي للضمان الاجتماعي باعتباره وكيلًا عن المزكين في صرف زكاتهم إلى مستحقيها، وهذا ما ينص عليه القانون المنظم لهذا الصندوق.
المحتويات
شرع الله سبحانه وتعالى الزكاة لمعانٍ وحكم كثيرة، منها: صون المال من تطلع الأعين وتطاول الأيدي الآثمة التي تريد أخذه بغير حق؛ أخرج الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ»، وفي "المعجم الأوسط عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «بَاكِرُوا بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ الْبَلَاءَ لَا يَتَخَطَّاهَا». ومنها شكر الله عز وجل على نعمة المال، ومنها: كفاية الفقراء والمحتاجين على إقامة حياتهم ومعاشهم: إسكانًا وإطعامًا وتعليمًا وعلاجًا؛ فهي تحمي المجتمعَ من مضار مرض الفقر، والدولةَ من الإرهاق والضعف.
كما شرعت الزكاة أيضًا تطهيرًا للنفس من داء الشح والبخل، وتعويدًا للمؤمن على البذل والعطاء، ولذلك جعل لها الشرع الشريف نظامًا خاصًّا في إخراجها وكيفية أدائها، ومن ذلك بيان مصارفها؛ فقد خصَّ الشرع الشريف الزكاة بمجموعة من المصارف المذكورة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، ومجموع هذه المصارف الشرعية يرجع إلى بناء الإنسان وسد حاجته وفقره، والعمل على إخراجه من حالة الحاجة والمسكنة التي تعوق مساهمته في بناء المجتمع وتنميته إلى كونه عضوًا فاعلًا له أثره في الرقي والتعمير.
ومن المقرر أن مصارف الزكاة مقصورة على هذه الأصناف الثمانية، قال الإمام النسفي في "تفسيره" (1/ 688، ط. دار الكلم الطيب): [قصر جنس الصدقات على الأصناف المعدودة، أي: هي مختصة بهم لا تتجاوز إلى غيرهم؛ كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم] اهـ.
وقال العلامة أبو السعود في "تفسيره" -أيضًا- (4/ 76، ط. دار إحياء التراث العربي): [مخصوصةٌ بهؤلاء الأصنافِ الثمانيةِ الآتية، لا تتجاوزهم إلى غيرهم] اهـ.
الفقير هو مَن لا يجد شيئًا من المال لنفقته ونفقة مَن يعولهم، والمسكين هو من يجد مالًا ولكنه لا يكفيه لنفقته ونفقة من يعولهم؛ يقول الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (1/ 314، ط. دار الكتب العلمية): [والفقير هو الذي لا يجد ما يقع موقعًا من كفايته فيدفع إليه ما تزول به حاجته من أداة يعمل بها إن كان فيه قوة أو بضاعة يتجر فيها حتى لو احتاج إلى مال كثير للبضاعة التي تصلح له ويحسن التجارة فيها وجب أن يدفع إليه] اهـ.
وقال في المرجع نفسه (1/ 315): [والمسكين هو الذي يقدر على ما يقع موقعًا من كفايته إلا أنه لا يكفيه] اهـ.
هذا وقد ذهب الفقهاء إلى أنه إذا ذُكر أحد الصنفين منفردًا عن الآخر كان شاملًا لمعنى الصنف الأول؛ قال الإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (4/ 432، ط. دار الفكر): [ولو أوصى لمساكين أو فقراء دخل الفقير في المسكين كعكسه؛ لأنه متى أطلق أحدهما شمل الآخر؛ لأن العرف متى قيل مسكين أو فقير يقضي بأنه الذي لا يملك قوت عامه أعمّ من أن لا يملك شيئًا أصلًا أو يملك ما لا يكفيه العام] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 197، ط. دار الفكر): [متى أطلق الفقراء أو المساكين تناول الصنفين] اهـ.
وقد اشترط الفقهاء لإجزاء الزكاة عن المزكي تمليكها للفقراء والمساكين؛ ويدل عليه ظاهر الآية الكريمة: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: ٦٠]. فاللام تقتضي الملك، قال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغنى المحتاج" (4/ 173، ط. دار الكتب العلمية): [أضاف الأصناف الأربعة الأولى بلام الملك، والأربعة الأخيرة بـ«في» الظرفية للإشعار بإطلاق الملك في الأربعة الأولى، وتقييده في الأربعة الأخيرة، حتى إذا لم يصل الصرف في مصارفها استُرجع بخلافه في الأولى] اهـ.
وقال شمس الأئمة السرخسي الحنفي في "المبسوط" (2/ 202، ط. دار المعرفة): [والأصل فيه أن الواجب فيه فعل الإيتاء في جزء من المال، ولا يحصل الإيتاء إلا بالتمليك، فكل قربة خلت عن التمليك لا تجزي عن الزكاة] اهـ.
وفى "الدر المختار" و"حاشيته" لابن عابدين الحنفي (2/ 344، ط. دار الفكر): [ويشترط أن يكون الصرف (تمليكًا) لا إباحة، فلا يكفي فيها الإطعام إلا بطريق التمليك، ولو أطعمه عنده ناويًا الزكاة لا تكفي، وكذلك كل ما لا تمليك فيه] اهـ مختصرًا.
على ذلك: فإن الفقراء والمساكين مصرف أصيل من مصارف الزكاة، ويشترط لإجزاء صرف الزكاة تمليكها لهم تمليكًا تامًّا بأي صورة من صور التملك الشرعي، ولا يخرج المكلف من عهدتها إلا بأدائها، فإذا سلم الفرد زكاته إلى الجهات والمؤسسات المعنية بإيصالها إلى مستحقيها فقد أدى بذلك ما عليه، ولا تكون هذه الأموال ملكًا لهذه الجهات؛ وإلا صارت وقفًا لا زكاة؛ ومن ثمَّ فهي مكلفة شرعًا أن تسعى في إعطائها للمستحقين بقدر الإمكان؛ تحقيقًا لمقصود الزكاة الأعظم الذي هو كفاية الفقراء والمساكين وإنفاقهما فيما يحتاجونه من توفير الطعام والكساء والمسكن والعلاج والتعليم ونحو ذلك.
كما يجوز تأخير الزكاة في يد هذه الجهات لتوزيعها على مدار العام، وتقسيطها في شكل إعانات شهرية أو نحوها أمرٌ مشروع ما دام لم يتضرر منه الفقير المستحق للزكاة لوقته، وما دام ذلك يحقق المصلحة بتوفير الدخل الذي يكفيهم بصورة دورية، ويستوي في ذلك أن تكون الزكاة مالًا أو أعيانًا.
وهذا متحقق في هذا الصندوق ورسالته؛ حيث إنه قد نص قانون الضمان الاجتماعي رقم (137) لسنة 2010م صراحةً على أن الأموال التي تُصرف من الصندوق المركزي للضمان الاجتماعي إنما هي للفقير؛ ففي المادة رقم (4) منه: [للفرد الفقير والأسرة الفقيرة الحق في الحصول على مساعدات الضمان الاجتماعي وفقًا لأحكام هذا القانون، ويتم تحديد حالة الفقر للفرد والأسرة بالبحث الاجتماعي الميداني المعتمد على مؤشرات الاستهداف التي تشمل: الدخل والتعليم وعدد الأفراد والعمل وحالة السكن والحالة الصحية، وعلى الأخص للعاجز والمعاق، والحالة الاجتماعية، وعلى الأخص لليتيم والأرملة والمطلقة، وأي مؤشرات أو معايير أخرى لقياس فقر الأفراد والأسر المستهدفة في الريف أو الحضر يصدر بها قرار من رئيس الوزراء] اهـ.
وفي المادة رقم (6) من هذا القانون: [يصرف المستفيد وفقًا لأحكام هذا القانون قيمة مساعدة الضمان الاجتماعي الشهرية إذا لم يكن للأسرة دخل؛ فإذا كان لها دخل يقل عن الحد الأدنى لمبلغ الاستحقاق المقرر للأسرة يصرف لها الفرق بين دخلها وهذا المبلغ] اهـ.
فعُلم من الاطلاع على القانون المنظم لصرف مساعدة الضمان الاجتماعي أن هذه المساعدة مختصَّة إجمالًا بالأفراد والأسر الفقيرة، لا تُصرف إلى غيرهم.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز شرعًا وضع الزكاة في الصندوق المركزي للضمان الاجتماعي باعتباره وكيلًا عن المزكي في صرف زكاته إلى الفقراء والمساكين.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل التبرع للمجهود الحربي لتحرير الوطن والذود عن الدين ضد الاستعمار والصهيونية يمكن احتساب ذلك من زكاة المال، أو لا يجوز ذلك؟
ما حكم الزكاة الشرعية في نشاط صناعة الدواجن المبين على النحو التالي:
هناك خطان رئيسان للإنتاج في هذه الصناعة، هما: دجاج اللحم "للتسمين والأكل"، ودجاج إنتاج البيض، وكلا الخطين له عدة مراحل:
فأما بالنسبة للجدود والأمهات: فيكون عمر الدجاجة تقريبًا خمسة وستين أسبوعًا تقسم على النحو الآتي:
1- منها ثلاثة وعشرون أسبوعًا للتربية، وفيها يتم تربية الدجاجة من عمر يوم وحتى تصل إلى عمر النضوج الجنسي عند الأسبوع الثالث والعشرين.
2- واثنان وأربعون أسبوعًا للإنتاج، وفيه يقوم الذكور -الديوك- بإخصاب الإناث، ويتم إنتاج البيض المخصب على مدار هذه الأسابيع بنسب إنتاج متفاوتة تختلف حسب عمر القطيع حيث إنه كلما زاد العمر قل الإنتاج نسبيًّا.
ملحوظة: البيض الناتج من هذه الأنواع يستخدم أساسًا في إنتاج الدجاج للمرحلة التي تلي المرحلة المنتِجة ويتم إرساله إلى معمل التفريخ لإنتاج كتكوت الأمهات.
بالنسبة للمصاريف يمكن تقسيمها طبقًا لهاتين المرحلتين إلى:
1- مصاريف فترة التربية "23 أسبوعًا": - الثروة الداجنة "الكتاكيت التي تم شراؤها". - الأدوية. - الأعلاف. - صيانة. - التحصينات. - المطهرات. - وقود وزيوت (مصاريف التدفئة). - مصاريف تشغيل (كهرباء). - تحاليل دورية لمتابعة الحالة الصحية للقطيع. - نشارة خشب "يتم فرشها في أرضية المزرعة قبل دخول الدواجن". - مصاريف إدارية "تليفونات - مستلزمات نظافة للأفراد - ...". - إهلاك "وهي قسط الإهلاك للمعدات والمباني ويتم تقسيمه على حصة سنوية ثم شهرية طبقًا للعمر الافتراضي لكل معدة أو منشأة". - الأجور والحوافز. - مصاريف تشغيل.
2- مصاريف فترة الإنتاج:
"نفس بنود مصاريف التربية باستثناء الثروة الداجنة"، ويضاف على هذه البنود إهلاك مصاريف التربية "حيث يتم توزيع مصاريف التربية على أسابيع الإنتاج".
• المنتج النهائي هنا هو البيض الصالح للتفريخ، وتكون تكلفته هي تكلفة الإنتاج مضافًا لها قسط الإهلاك من مصاريف التربية.
معمل التفريخ:
- يتم إرسال البيض للمعمل ليتم تفريخه ويدخل ماكينات التفريخ ويظل بالماكينات لمدة واحد وعشرين يومًا تحت درجة حرارة ودرجة رطوبة محددة حتى يتم إنتاج كتكوت بعد هذه الفترة، وهو المنتج الذي يتم بيعه.
- ليس كل البيض المرسل للمعمل يُنتَج، ولكن المنتج النهائي -وهو الكتكوت- قد يمثل أربعين بالمائة من عدد البيض الداخل للماكينات كما في الجدود وأمهات البياض، وقد يصل إلى ما بين ثمانين بالمائة وخمسة وثمانين بالمائة في أمهات التسمين، وهذه النسبة تسمى نسبة الفقس.
يوجد مصاريف بالمعمل تعرف بمصاريف التفريخ، وهي كالآتي: - مصاريف المعمل "كهرباء، مطهرات". - أجور عمال المعمل. - مصاريف التسويق "سيارات توصيل الكتاكيت إلى العملاء، مرتبات الأطباء البيطريين لمتابعة الدجاج لدى العملاء".
دجاج إنتاج بيض المائدة "بيض الأكل": يتم معاملته في المصاريف مثل دجاج الجدود والأمهات، ولكنه في النهاية بدلًا من أن يتم إرسال البيض لمعمل التفريخ يتم إرساله للجمهور للاستهلاك.
دجاج التسمين: ويكون عمر هذا الدجاج تقريبًا خمسة وأربعين يومًا، ينمو خلالها من كتكوت عمر يوم إلى دجاجة وزنها ما بين كيلو وثمانمائة جرام إلى 2 كيلو جرام، وهو ناتج من فقس بيض أمهات دجاج اللحم "التسمين"، ومصاريفه كالآتي: - الثروة الداجنة "قيمة الكتاكيت التي تم شراؤها". - الأعلاف. - مصاريف تشغيل "كهرباء". - التحصينات. - الأدوية. - المطهرات. - وقود وزيوت "مصاريف التدفئة". - خدمات بيطرية "تحاليل، إشراف فني". - إيجار أو إهلاك "الإيجار عندما تكون المزرعة غير مملوكة، والإهلاك عندما تكون مملوكة". - أجور وحوافز.
لي جارٌ يملك مسكنًا كبيرًا ويسكن فيه، ولكن ليس معه مالٌ ينفق منه، فهل يجوز أن أعطيَه من مال الزكاة؟
ما حكم الزكاة في المأكولات البحرية؟ وهل ما يتم صيده من البحر تجب فيه الزكاة؟ وهل باعتبار كونه من الأقوات له مدخل في وجوب الزكاة فيه مثل الزروع والثمار؟
ما حكم دفع الصدقات لخدمة ذوي الهمم؛ حيث توجد جمعية للأعمال الخيرية تقوم بالعديد من الأنشطة، منها مساعدة فئات من ذوي الهمم، مع اختلاف قدراتهم المادية، ويتمُّ ذلك عن طريق مساعدتهم علميًّا أو اجتماعيًّا عن طريق مسؤول النشاط يعاونه المتطوعون، ويتطلب ذلك مصاريف مالية للدراسة، وجلسات تأهيلية، ورسوم اشتراكهم في مسابقات رياضية، ونقوم بالصرف على ذلك من الصدقات؛ فهل هذا جائز شرعًا؟
ما حكم إخراج زكاة الفطر عن الابن الكبير الموسر؟ فقد اعتدتُ إخراج زكاة الفطر عن نفسي وزوجتي وجميع أبنائي، ولي ابنٌ كبيرٌ يعمل وله مالٌ ولله الحمد؛ فهل يجوز لي شرعًا إخراج زكاة الفطر عنه مع كونه قادرًا على إخراجها عن نفسه ويجزئ ذلك عنه؟تجب زكاة الفطر على المسلم إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، فإن تَطَوَّع الأب فأداها عن ابنه الكبير جاز ذلك شرعًا على جهة التبرع والإحسان، لا على جهة الوجوب والإلزام، وسواء أَأَعْلَمَهُ بذلك أو لا؛ لوجود الإذن منه عادةً، وإن كان إعلامه هو الأَوْلَى؛ خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه.