نرجو بيان الرأي الشرعي في الآتي: نحن أطباء نعمل في مجال علاج العقم وتأخر الحمل وأطفال الأنابيب، وقد يحدث أن تحمل المرأة أكثر من جنين، وذلك أحيانًا بدون أن يكون لنا تدخل في عدد الأجنة مثل التلقيح الصناعي بوضع نطفة الزوج داخل الرحم، وأحيانًا بأن نضع داخل الرحم عددًا كبيرًا من الأجنة مثل أربع أو خمس أجنة وذلك لزيادة فرص الحمل، حيث إننا لا نعلم أيّها سوف يَعلَق في الرحم، وإذا قلَّلنا عددَ الأجنة قلَّت بالتالي فرص الحمل.
والسؤال هو: إذا حملت المرأة في أكثر من جنين، فهل يجوز شرعًا شفط عدد من الأجنة لتقليل العدد إلى واحد أو اثنين في الخمسين يومًا الأولى من حدوث الحمل، أو حقن مادة كيمائية في صدر عدد من الأجنة ليوقف النبض في المدة من الخمسين إلى المائة اليوم الأولى في الحمل؟ مما يعطي فرصة للأجنة المتبقية لتواصل الحمل إلى نهايته.
اتفق الفقهاء على أنه إذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا وهي مدة نفخ الروح فيه، فإنه لا يجوز إسقاط الجنين ويحرم الإجهاض قطعًا في هذه الحالة؛ لأنه يعتبر قتلًا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَٰقٍ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِيَّاهُمۡ﴾ [الأنعام: 151]، ولقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُواْ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ﴾ [الإسراء: 33].
أما إذا لم يبلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يومًا فقد اختلف الفقهاء في حكم الإجهاض: فبعضهم قال بالحرمة، وهو المعتمد عند المالكية والظاهرية وبعض الشافعية، وبعضهم قال بالكراهة مطلقًا، وهو رأي بعض الحنفية والمالكية، وقول محتمل عند الشافعية، وبعضهم قال بالإباحة لعذر فقط، وهو حقيقة مذهب الحنفية، وبعضهم قال بالإباحة مطلقًا وهو رأي بعض الأحناف وقول عند الحنابلة والرملي والشافعي إذا كانت النطفة من زنا، وقال به اللخمي من المالكية وأبو إسحاق المروزي من الشافعية قبل الأربعين يومًا.
والراجح والمختار للفتوى أن الإجهاض لا يجوز قبل نفخ الروح إلا إذا كانت النطفة من زنا، أو كان ذلك لعذرٍ كما هو حقيقة مذهب الحنفية، ونقل ابن عابدين في "حاشيته" (3/ 193) عن ابن وهبان أن من الأعذار أن ينقطع لبنها بعد ظهور الحمل وليس لأبي الصبي ما يستأجر به الظئر -أي المرضع- ويخاف هلاكه؛ قال: [فإباحة الإسقاط محمولةٌ على حالة العذر] اهـ.
وذكر الإمام الزركشي أن المرأة لو دعتها ضرورةٌ لشرب دواءٍ مباحٍ يترتب عليه الإجهاض، فينبغي أنها لا تضمن بسببه. "حاشية البيجرمي على الإقناع" (4/ 129).
وبناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه يجوز لكم شرعًا شفط عدد من الأجنة في الخمسين يومًا الأولى من الحمل لتقليل المتبقي إلى واحدٍ أو اثنين إذا كان عدمُ التدخل بذلك يترتب عليه غلبةُ الظن بتعرض حياة الأم للخطر، أو حصول إجهاضٍ لجميع الأجنة، أو حدوث تشويه خِلقي لها أو لبعضها، أو غير ذلك من ضررٍ محققٍ أو غالبٍ للأم أو لجميع الأجنة، فيجب حينئذ التدخل بشفط بعضها إبقاءً على حياة الأم المستقرة وحياة بقيتها، أو حتى بشفط جميعها؛ إبقاءً لحياة الأم المستقرة، وإيثارًا لارتكاب أخف الضررين بدفع أشدهما في الحالتين. وفي حال شفط بعض الأجنة دون بعضٍ يجب تحري القيام بذلك على أساسٍ علميٍّ ينبني على الإبقاء على الأرجى منها حياةً من الناحية النظرية العلمية، والتنازل عن الأقل رجاءً منها في ذلك.
أما في حال استواء جميع الأجنة في الاحتمالات النظرية العلمية للبقاء وعدمه فيكون اختيار ما يتم شفطه بناء على ما يكون أخف على الأم وأرفق بها، فإن كان الجميع في ذلك سواءً فإنه يُقرَع بينها للاختيار، حيث إن القرعة في مثل هذه الأحوال مما يُشرَع اللجوء إليه للتخاير بين الأفراد المستوية في الصفات والأحوال كما هو مقررٌ في موضعه من كتب الفقه الإسلامي.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل تنظيم النسل قانوني؟
ما حكم حج الحامل و المرضِع؟ فهناك امرأتان: إحداهما حاملٌ، والأخرى مُرضِع، وتسألان: هل يجوز لهما أداء فريضة الحج؟
ما حكم تحديد نوع الجنين عن طريق التقنية الحديثة -التلقيح المجهري أو أطفال الأنابيب- عن طريق أخذ حيوانات منوية من الزوج وتلقيح بويضة زوجته بها؟
ما حكم الغسل بعد عملية التلقيح الصناعي؟ فهناك طبيبة تسأل: أجريت اليوم عملية تلقيح صناعي لإحدى الزوجات، وفيها يتم تجهيز عينة من السائل المنوي للزوج وحقنها في رحم الزوجة، وأثناء ذلك سألتني: هل يلزمها الغُسل بعد حقن السائل المنوي كغُسل الجنابة؟
ما مدى وجوب الدية أو الكفارة بالإجهاض؟ فزوجتي كانت حاملًا في الشهر الخامس، وحدثت لها بعض المشكلات الصحية، وقرر الأطباء -وفقًا للتقرير الطبي المرفق- أن في بقاء الجنين خطرًا محققًا على حياتها، وتمت بالفعل عملية الإجهاض، ثم قرأنا على الإنترنت ما فهمنا منه أنَّ عليها في هذه الحالة ديةً وكفارةً، فهل هذا صحيح؟ وإذا كان صحيحًا فما قيمةُ الدية؟ وما الكفارة؟
ما قول فضيلتكم فيما يأتي: رجل متزوج رُزِق بولد واحد ويخشى إن هو رزق أولادًا كثيرين أن يقع في حرج من عدم قدرة على تربية الأولاد والعناية بهم، أو أن تسوء صحته فتضعف أعصابه عن تحمل واجباتهم ومتاعبهم، أو أن تسوء صحة زوجته لكثرة ما تحمل وتضع دون أن يمضي بين الحمل والحمل فترة تستريح فيها وتسترد قوتها. فهل له أو لزوجته أن يتخذ بعض الوسائل التي يشير بها الأطباء ليتجنب كثرة النسل بحيث تطول الفترة بين الحمل والحمل فتستريح الأم ولا يرهق الوالد؟