ما حكم تعيين النية في صلاة التراويح؟ وهل تصح صلاة التراويح بنيةٍ مطلقةٍ دون تخصيص؟
يصح شرعًا أداء صلاة التراويح بنيةٍ مطلقةٍ على ما ذهب إليه المالكية والمختار عند الحنفية، والأولى تعيينها خروجًا من الخلاف.
المحتويات
صلاة التراويح سنةٌ نبويةٌ في أصلها عُمَريَّة في هيئتها، سَنَّها سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأمته في شهر رمضان المعظَّم؛ فقال: «شَهْرٌ كَتَبَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، وَسَنَنْتُ لَكُمْ قِيَامَهُ» رواه ابن ماجة من حديث عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه.
وهي شعيرةٌ عظيمةٌ من شعائر الإسلام ثَبَتَ فضلُها وجزيلُ ثوابها والترغيبُ في أدائها في أحاديث كثيرة؛ منها ما رواه الشيخان في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (6/ 39، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا» معنى إيمانًا: تصديقًا بأنه حقٌّ مقتصدٌ فضيلتُهُ. ومعنى احتسابًا: أنْ يريدَ -أي الصائمُ- اللهَ تعالى وَحدَهُ، لا يقصد رؤيةَ الناس ولا غيرَ ذلك مما يخالف الإخلاص. والمراد بقيام رمضان: صلاة التراويح، واتفق العلماء على استحبابها] اهـ.
المراد بتعيين النية: قصد المسلم بقلبه أداء العبادة مقترنًا بفعلها.
وعلى ذلك فتعيين النية لصلاة التراويح معناه: أن يقصد المسلمُ بقلبه أداءَ هذه الصلاة المسمَّاة بـ"التراويح"، ويكون هذا القصد مقترنًا بفعلها.
وعكسه: إطلاق النية، ومعناه: عدم التعيين القَلْبِي لهذه الصلاة، وإنما ينوي مطلق التنفل بالصلاة من غير تحديد. انظر: "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" لشمس الدين الرملي (1/ 455-458، ط. دار الفكر بيروت)، و"الغرر البهية في شرح البهجة الوردية" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (1/ 84، ط. المطبعة الميمنية)، و"السراج الوهاج على متن المنهاج" للإمام الغمراوي (ص: 41، ط. دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت).
قد اختلف الفقهاء في حكم تعيين النية في صلاة التراويح:
فذهب الشافعيةُ وبعضُ الحنفية، وهو المذهب عند الحنابلة: إلى اشتراط تعيين النية فيها، وإلا صارت نفلًا لا سنة التراويح.
قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (1/ 293، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(قوله: ويكفيه مطلق النّية للنفل وَالسنة وَالتراوِيحِ) أمّا في النّفل فمتَّفقٌ عليه؛ لأنّ مطلق اسم الصلاة ينصرف إلى النفل؛ لأنّه الأدْنى؛ فهو متيَقّنٌ، والزيادة مشكوكٌ فيها.. وأمّا في السنّة والتراويح؛ فظاهر الرواية ما في "الكتاب" كما في "الذخيرة" و"التَّجْنِيسِ" وجعله في "الهداية" هو الصحيح وَفي "المحيط": أنّه قول عامّة المشايخ. وفي "مُنْيَةِ الْمُفْتِي" وَ"خِزَانَةِ الْفَتَاوَى": أنّه المختار، ورجّحه في "فتح القدير"، ونسبه إلى المحقّقين بأنّ معنى السنة: كونُ النَّافلةِ مُواظبًا عليها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الفريضةِ الـمُعَيَّنةِ أو قبلها، فإذا أَوْقَعَ المصلِّي النافلة في ذلك المحلِّ صدق عليه أنه فعل الفعلَ المسَمَّى سُنةً.. وذكر قاضِي خان في "فتاوِيه" في (فصلِ التَّراويح): اختلافَ المشايخِ في السُّنن والتراويح. والصحيح أنها لا تَتَأدَّى بنيةِ الصلاة وبنيةِ التطوع؛ لأنّها صلاٌة مخصوصةٌ؛ فتجب مراعاةُ الصِّفة للخروجِ عن العُهْدةِ؛ وذلك بأن يَنْويَ السنةَ أو متابعةَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (1/ 334، ط. المكتب الإسلامي): [وينوي التَّراويح أو قيام رمضانَ، ولا يصحّ بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ، بل ينوي ركعتين ركعتين من التراويح في كلّ تسليمةٍ] اهـ.
وقال الشيخ مصطفى بن سعدة السيوطي الحنبلي في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (1/ 563، ط. المكتب الإسلامي): [(وتُسَنّ) صلاةُ التراويح (جماعةً)؛ لأن عمر رضي الله عنه جمع النّاس على أُبَيِّ بن كعْبٍ رضي الله عنه، فصلّى بهم التراويح (يُسَلّم من كل ثنتين) بنية التراويح في أوّل كلّ ركعتين. (وفي رواية لـ) الإمام (أحمد تُشْعِرُ بالوجوب)، أي: وجوب نية التراويح؛ على الصحيح من المذهب. (بِنِيَّتِهَا) أي: التراويح (في أوّل كل ركعتين)] اهـ.
وذهب المالكية إلى أنها تصح بمطلق النية؛ لأنها من النوافل، والنوافل تتأدَّى بمطلق النية؛ قال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (2/ 138، ط. دار الغرب الإسلامي): [النوافل على قسمين: مقيَّدةٌ، ومطلقةٌ. فالمقيَّدة: السننُ الخمسُ: العيدان، والكسوفُ، والاستسقاءُ، والوترُ، وركعتا الفجر؛ فهذه مقيدةٌ: إما بأزمانها، أو بأسبابها؛ فلا بد فيها من نية التعيين؛ فمن افتتح الصلاة من حيث الجملة ثم أراد رَدَّهَا لهذه لَمْ يَجُزْ. وأَلْحَقَ الشافعيةُ بهذه قيامَ رمضان، وليس كذلك؛ لأنه مِن قيامِ الليل، والمطلقة ما عدا هذه -أي السنن الخمس المقيَّدة- فيكفي فيها نيةُ الصلاة، وإن كان في الليل فهو قيام الليل، أو في قيام رمضان كان منه، أو في أول النهار فهو الضحى، أو عند دخول مسجد فهو تحيته، وكذلك سائرُ العبادات من صومٍ أو حجٍّ أو عمرةٍ لا يفتقر إلى التعيين في مطلقه، بل تكفي نيةُ أصل العبادة] اهـ.
وهو أيضًا مذهب الحنفية في المشهور عندهم وهو المفتى به في المذهب، إلا أنهم قالوا بـتعيينها احتياطًا؛ قال العلامة بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (2/ 140، ط. دار الكتب العلمية): [(ثم إن كانت الصلاة نفلًا يكفيه مطلق النية، وكذا إن كانت سُنةً) ش: أي: وكذا يكفيه مطلق النية إن كانت الصلاة سُنةً؛ لأن السنة نفلٌ أيضًا؛ لكونها زيادةَ عبادةٍ شُرِعَت لتكميل الفرائض. وقوله: (سنة) يشتمل سائر السنن وكذا التراويح] اهـ.
وقال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 288، ط. دار الكتب العلمية): [وقال عامة مشايخنا: إن التراويح وسائر السنن تتأدَّى بمطلق النية؛ ولأنها وإن كانت سنةً لا تخرج عن كونها نافلةً، والنوافل تتأدَّى بمطلق النية، إلا أن الاحتياط أن ينوي التراويحَ أو سُنَّةَ الوقتِ أو قيامَ رمضان؛ احترازًا عن موضع الخلاف] اهـ.
بناءً عليه: فيصح شرعًا أداء صلاة التراويح بنيةٍ مطلقةٍ على ما ذهب إليه المالكية والمختار عند الحنفية، والأولى تعيينها خروجًا من الخلاف.
والله سبحانه وتعالى أعلم
ما هو البلوغ الذي تجب به حقوق الله تعالى مِن صلاة وصوم شهر رمضان المبارك ونحوهما؟
ما حكم القنوت في الفجر؟ حيث إن هناك خلافًا بين المصلين في مسجدنا في ذلك.
ما حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة؟ فهناك رجلٌ يتاجر في السَّجَّادِ، ومنه سَجَّاد الصلاة المكتوب عليه كلمات للإهداء أو بعض الأسماء، مما يشتمل أحيانًا على لفظ الجَلَالَة -كما في بعض الأسماء المركبة مِن نحو عبد الله وغيرها- أو بعض الكلمات القرآنية، ويَبسُطُه المشتري على الأرض للصَّلاةِ عليه، فهل يحرُم عليه شرعًا بيع السَّجَّاد المشتمل على تلك الكلمات؟
أرجو من فضيلتكم التكرم ببيان آداب الجنازة؛ حيث إنَّ بعض الناس ينتظرُ الجنازة عند المقابر، وبعضهم يدخل المقابر ويتركُ الجنازة لقراءة الفاتحة لذويهم الموتى من قبل، وبعض أهالي المُتَوفّين يتركُ الدفن ويُسْرِع لتلقي العزاء، وبعض المسلمين في المدن يشيّعون الجنازة راكبين.
كما أنَّ بعض الأهالي يرفضون صلاة الجنازة بالمساجد، وتقامُ بالشوارع؛ لكثرة المصلين، ويقوم بعض المُشَيِّعين بالاكتفاء بالإشارة بالسلام بدلًا من المصافحة عند كثرة المُشَيِّعين أو مستقبلي العزاء. فما هو الرأي الشرعي في ذلك كله؟
السؤال عن مسجدين متلاصقين بكل منهما ضريح: أحدهما لسيدي محمد العدوي، والآخر لسيدي محمد بدر الدين، ونصلي الجمعة بينهما بالتناوب منذ خمسينيات القرن الماضي، كما يحدث تشويش في الصلوات الجهرية، ويريد أحد الأشخاص بناء مسجدٍ كبيرٍ مكانهما على نفقته، ويشترط لذلك إزالة الضريحين ونقل رفاتهما إلى مدافن القرية، ويوافق بعض الإخوة على ذلك أخذًا بقول من يحرم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة. فما حكم الشرع في ذلك؟
هل هناك ما يقوم مقام سجود التلاوة إذا لم يتمكَّن الإنسان من السجود؟