حكم استبدال الوقف

تاريخ الفتوى: 19 يونيو 2018 م
رقم الفتوى: 4354
التصنيف: الوقف
حكم استبدال الوقف

ما حكم الشرع في استبدال الأوقاف؟

يجوز شرعًا استبدال الوقف إذا خرب أو قَلَّتْ منفعتُهُ بحيث لا يقوم بما وُقِفَ لأجْلِهِ أو كان ذلك لمصلحةٍ حقيقيةٍ راجحةٍ غير متوهمةٍ عائدةٍ على الموقوف عليه؛ بمراعاة أن يكون التبديل إلى ما هو أكثرُ نفعًا وأَجْلَبُ رِيعًا وأَنْفَسُ ثمنًا، والذي يحكم بذلك هو القاضي المختص بالوقف أو مَن يُقيمُهُ وليُّ الأمر في هذا المقام.

المحتويات

تعريف الوقف

الوقف: هو حبسُ مالٍ يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه، بقطع التصرف في رقبته من الواقف وغيره، على مصرفٍ شرعيٍّ تقربًا إلى الله تعالى، وفيه يخرج المال عن ملك الواقف، ويصير حبيسًا على حكم ملك الله تعالى، ويمتنع على الواقف تصرفه فيه، ويلزم التبرع بريعه على جهة الوقف. انظر: "الدر المختار" (4/ 337، ط. دار الفكر)، و"مغني المحتاج" (3/ 522، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" (4/ 240-241، ط. دار الكتب العلمية).

آراء المذاهب الفقهية في حكم استبدال الوقف

الأصل أنه لا يجوز الإبدال والاستبدال في الوقف إلا لمنفعةٍ حقيقيةٍ راجعةٍ إليه، والذي يحكم بذلك هو القاضي المختص بالوقف أو من يُقيمُهُ وليُّ الأمر في هذا المقام مراعيًا تحقيقَ مصلحةٍ للوقف حقيقيةٍ غير متوهَّمة، وليس للعامة نظرٌ في ذلك، ونصّ بعض الفقهاء على أنه يجوز إبدال الوقف بدون شرط الواقف بإذن القاضي متى كان لمصلحة الوقف، ومنهم مَن شَدّد في المنع؛ خشية ضياع الوقف وتصرف النُّظّار في ثمنه، لكن متى وُجِدَت الوسيلة للأمن من ذلك وتوفرت الأسباب لمنع النُّظّار من تبديد الأثمان فللقاضي أن يحكم باستبدال الوقف أو بعضه إذا تحقق لديه منفعة الوقف في ذلك.

ومن هذه النصوص ما ذكره صاحب "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (5/ 241، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وإن كان للوقفِ رِيعٌ ولكن يرغب شخصٌ في استبداله إن أعط مكانه بدلًا أكثر ريعًا منه في صقع -أي مكان- أحسن من صقع الوقف جاز عند القاضي أبي يوسف والعملُ عليه، وإلا فلا يجوز] اهـ. وفيه أيضًا (5/ 241): [لو شرط الواقف أَن لا يستبدل أو يكون الناظر معزولًا قبل الاستبدال أو إذا هَمّ بالاستبدالِ انعزل هل يجوز استبداله؟ قال الطَّرسُوسِيُّ: إنه لا نقل فيه. ومقتضى قواعد المذهب أن للقاضي أن يستبدل إذا رأى المصلحة في الاستبدال؛ لأنهم قالوا: إذا شرط الواقف ألَّا يكون للقاضي أو السلطان كلامٌ في الوقف أنه شرط باطلٌ، وللقاضي الكلام؛ لأن نظره أعلى، وهذا شرطٌ فيه تفويت المصلحة للموقوف عليهم وتعطيل للوقف، فيكون شرطًا لا فائدة فيه للوقف ولا مصلحة؛ فلا يقبل] اهـ.

ولا يخفى أن المقصود بالمنفعة والمصلحة المعتبرة هنا هو مصلحة الوقف وحده لا غيره، والقضاء هو المعنِيُّ بالنظر فيما إذا كانت العين الموقوفة في حاجةٍ حقيقيةٍ إلى الاستبدال أم لا.
ولتحديد معيارِ كَوْنِ الداعي للاستبدال مصلحةً أم لا؛ يُقال: الوقف هو حبسٌ للموقوف على الموقوف عليه، إلا أن العين الموقوفة قد يَرِدُ عليها ما يمنع الانتفاع بها أو يُقَلِّلُهُ؛ فبعض الفقهاء وَقَفَ على حكم الأصل لم يَتَعَدَّهُ، والبعض نظر إلى مصلحة الوقف الذي خرب أو قَلَّتْ منفعتُهُ فرأى أنه يجوز استبداله بغيره مما يكون أكثر نفعًا للوقف.

فأباح السادة الحنفية استبدال الوقف لمجرد مصلحةٍ راجحة، ولم يقصروا جواز استبداله على خرابه، وذلك كاستبداله بآخر أكثر ريعًا منه؛ وهذا مبنيٌّ منهم على أهمية اعتبار المصلحة في الوقف التي لم تقتصر على الاستبدال في حالة خراب الوقف، بل تجاوزت ذلك إلى الاستبدال القائم على المصلحة الراجحة والجدوى، ثم وصلت إلى الاستبدال بالدراهم الذي هو بيعٌ يُحوِّل الموقوف إلى أموال سائلة تُصرف في مصالح الوقف؛ قال العلامة ابن عابدين في "العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية" (1/ 115، ط. دار المعرفة): [في فتاوى "قاري الهداية": سئل عن استبدال الوقف؛ ما صورته؛ هل هو على قول أبي حنيفة وأصحابه؟ أجاب: الاستبدال إذا تعيَّن بأن كان الموقوفُ عليه لا ينتفع به وثَمَّةَ مَن يرغب فيه ويعطي بدله أرضًا أو دارًا لها ريعٌ يعود نفعُهُ على جهة الوقف؛ فالاستبدال في هذه الصورة قولُ أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى. وإن كان للوقف ريعٌ ولكن يرغب شخصٌ في استبداله إن أُعطِيَ بَدَلُهُ أكثر ريعًا منه في صقعٍ أحسن مِن صقعِ الوقفِ جاز عند القاضي أبي يوسف، والعملُ عليه، وإلا فلا يجوز] اهـ.

وقال العلامة ابن نجيم الحنفي في "النهر الفائق شرح كنز الدقائق" (3/ 320، ط. دار الكتب العلمية): [ورأيتُ بعض الموالي يَمِيلُ إلى هذا ويعتمده، وأنت خبيرٌ بأن المستبدِل إذا كان قاضي الجهة فالنفسُ به مطمئنةٌ فلا يُخشَى الضياعُ معه ولو بالدراهم والدنانير] اهـ.

وأفتى بجواز الاستبدال بالنقود إذا كان فيه مصلحةٌ للوقف جماعةٌ من العلماء الأعلام؛ منهم العلامة الخير الرملي، وتلميذه الفهامة السيد عبد الرحيم اللطفي، والمحقق الشيخ إسماعيل الحائك، وغيرهم من العلماء روَّح اللهُ تعالى روحهم بدار السلام؛ قال العلامة ابن عابدين في "العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية" (1/ 115) نقلًا عن "فتاوى اللطفي" في جوابٍ عن الدراهم البدل عن الوقف: [الجواب: تلك الدراهم بدل الموقوف المستبدَل يُشتَرى بها ما يكون وقفًا مكانَهُ وقد تُصرف في عمارة الوقف الضرورية بإذن قاضٍ يملك ذلك، ويُستوفى من غلة الوقف بعد العمارة ليُشترى بها ما يكون وقفًا كالأول؛ لا تكون ملكًا للموقوف عليهم ولا إرثًا، ومسألةُ الاستبدال بالدراهم معلومةٌ وتحتاج إلى ديانة. ثم علق عليه العلامة ابن عابدين بقوله: فمقتضاه جواز صرف البدل في عمارة الوقف فتأمل. والاستبدالُ والبيعُ واحدٌ من حيث المآل] اهـ.

وأباح بعض علماء المالكية في قولٍ لهم استبدالَ الوقف للمصلحة الراجحة في العقار؛ أشار إلى ذلك العلامة السجلماسي في "شرح العمل المطلق" بقوله: [إن العقار إذا خرب وصار لا ينتفع به الانتفاع التام أنه يباع)، كما ذكروا جواز بيعه لصالح الْمُحْبَسِ عليه إذا خِيفَ عليه الهلاك بالجوع؛ أفتى به القاضي أبو الحسن علي بن محسود، ونقله ابن رحال عن اللخمي وعبد الحميد] اهـ.

وأفتى بجواز بيع ما تلف أو أوشك على التلف من الوقف وإنفاق ثمنه على مصلحة الوقف من الشافعية: الإمامُ ابن الصلاح؛ فجاء في "فتاويه" (387-388، ط. مكتبة العلوم والحكم): [مسألة: رجلٌ وقف دارًا مرخَمة الأراضِي والحيطان مدرسةً، والمراد من الرخام الزينة فقط، فَأشرَف على التَّلف. فهل يجوز للواقِف -وله النَّظر- بيعُ الرخام وشراءُ مِلكٍ للمدرسة بثمنه تعود غَلَّته على المدرسة ومصالحها؟ أجاب رضي الله عنه: حُكمُ هذا الرخام حُكمُ الجذع من المكان الموقوف إذا أشرف على الانكسار وفيه بَعْدُ بقيةُ المنفعة، وفي بيعه عند ذلك وجهٌ مشهور عن أئمة الشافعيين مُتَّجهٌ؛ فإن رأى الناظر العَمَل بذلك فليستخر الله تعالى قبل إقدامه عليه، ثم صرف ثمنه إلى ما يعود من صالح المدرسة الأحق بثمن نحاتة خشب الواقف المصروف في مصالحه، لا بثمن الجذع المصروف في شيءٍ مثله، من حيث إن غرض الزينة -لا سيما بثمن الرخام المرتفع- لا يصار إلى إنشائه متصلًا في مثل هذا الوقف ونحوه، وإذا لم يتجه صرف ثمنه في إعادة مثله تعيَّن صرفه إلى مصالح المكان، وشراء ملكٍ له من الطرف في ذلك ومما قد أجيز المصير إليه في الوُقُوف. ونسأل الله العصمة والتوفيق] اهـ.

وقال بالاستبدال والمناقلة في الوقف للمصلحة بعضُ علماء الحنابلة ومتأخريهم؛ فنَقَلَ الشيخ صالح بن الإمام أحمد بن حنبل جوازَ نقل المسجد لمصلحة الناس، وصنَّف صاحبُ "الفائق" مصنفًا في جواز المناقلة سماه "المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف"، ووافقه على جوازها الشيخ برهان الدين ابن القيم، والشيخ عز الدين حمزة وصنَّف فيه مصنفًا سماه "رفع المثاقلة في منع المناقلة"، ووافقه أيضًا جماعةٌ في عصره، وقد نبَّه العلامةُ المرداوي الحنبلي على أنهم تبعٌ للشيخ ابن تيمية في ذلك. انظر: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (7/ 101، ط. دار إحياء التراث العربي).

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 425، ط. عالم الكتب): [(لا يفسخ) الوقف (بإقالة ولا غيرها)؛ لأنه عقدٌ يقتضي التأبيد، (ولا يباع) فيحرم بيعه، ولا يصح، ولا المناقلة به (إلا أن تتعطل منافعه المقصودة) منه (بخرابٍ ولم يوجد) في ريع الوقف (ما يعمر به) فيباع (أو) تتعطل منافعه المقصودة (بغيره) أي غير الخراب، كخشبٍ تَشَعَّثَ وخِيفَ سقوطه نصًّا (ولو كان) الوقف (مسجدًا) وتعطل نفعه المقصود (بضيقه على أهله) نصًّا. قال في "المغني": ولم تمكن توسعته في موضعه (أو) كان تعطيل نفعه (بخراب محلته) وقال في رواية صالح: يحول المسجد خوفًا من اللصوص وإذا كان موضعه قذرًا. قال القاضي: يعني إذا كان ذلك يمنع من الصلاة فيه فيباع (أو) كان الوقف (حبيسًا لا يصلح لغزوٍ فيباع)؛ لأن الوقف مؤبد، فإذا لم يمكن تأبيده بعينه استبقينا الغرض؛ وهو الانتفاع على الدوام في عينٍ أخرى، واتصال الإبدال يجري مجرى الأعيان، وجمودنا على العين مع تعطلها تضييعٌ للغرض؛ كذابح الهدي إذا عطب في موضعه مع اختصاصه بموضعٍ آخر، فلما تعذر تحصيل الغرض بالكلية استوفى منه ما أمكن. وقوله "فيباع"؛ أي: وجوبًا؛ كما مال إليه في الفروع. ونقل معناه عن القاضي وأصحابه والموفق والشيخ تقي الدين] اهـ.

أدلة ترجح القول بجواز استبدال الوقف

يدل على ترجح القول بجواز استبدال الوقف أمورٌ؛ منها ما يلي:

۞ أولًا: أن عدم الاستفادة من الوقف مع تعطل منافعه فيه إفسادٌ للمال، وقد نهت عنه الشريعةُ؛ فعن المُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ» متفقٌ عليه. ووجه الدلالة فيه واضح.

۞ ثانيًا: ما أخرجه البخاري ومسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لها: «يا عائشةُ، لولا أن قومك حديثُ عهدٍ بجاهليةٍ لَأَمَرْتُ بالبيت فَهُدِمَ فأدخلتُ فيه ما أُخرِجَ منه وأَلْزَقْتُهُ بالأرض وجعلتُ له بابين: بابًا شرقيًّا، وبابًا غربيًّا، فبَلَغْتُ به أساسَ إبراهيم». فذلك الذي حَمَلَ عبدَ الله بن الزبير رضي الله عنهما على هدمه، قال يزيد: وشهدتُ ابن الزبير حين هدمه وبناه وأدخل فيه من الحِجْرِ".

ووجه الدلالة: جواز الهدم والتغيير في بناء الكعبة من أجل الانتفاع الأكمل منها، ويظهر هذا جليًّا في مسألة إلزاق الباب بالأرض وجَعْلِ بَابَيْنِ لها، وهذا عند التأمل ليس بضرورةٍ، ومع ذلك كان سَيَتِمُّ هدمُ الجزء الذي فيه الباب مِن أجل ذلك.
قال الإمام ابن قاضي الجبل في الرسالة الأولى من "مجموع في المناقلة والاستبدال بالأوقاف" (ص: 100، ط. مؤسسة الرسالة): [ووجه الاحتجاج: أن عمارة البيت الذي هو أشرف المساجد بَيَّنَ الرسولُ صلى الله عليه وآله وسلم أنه لولا المانع من حَدَثَانِ عهد القوم كما ذكر لَهَدَمَهَا وغَيَّر وَضْعَهَا وهَيْأَتَهُ؛ طُولًا وزيادةً مِن الحِجْرِ وإلصاقًا لبابها بالأرض، فدَلَّ ذلك على مَسَاغِ مُطلَقِ الإبدال في الأعيان الموقوفات للمصالح الراجحات] اهـ.

۞ ثالثًا: ما رواه الطبراني في "المعجم الكبير" عن القاسم قال: قَدِمَ عبدُ الله -يعني: ابن مسعود- وقد بَنَى سعدٌ -يعني: ابن مالك- القصر، واتخذ مسجدًا في أصحاب التمر، فكان يخرج إليه في الصلوات، فلما ولي عبدُ الله بيت المال نقب بيت المال، فأخذ الرجل، فكتب عبدُ الله إلى عمر، فكتب عمر رضي الله عنه: "أن لا تقطعه، وانقل المسجد، واجعل بيت المال مما يلي القبلة؛ فإنه لا يزال في المسجد مَن يصلي".

ووجه الدلالة: أن المسجد نُقِل بأمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه دون إنكارٍ من أحدٍ مع اشتهاره؛ فكان كالإجماع؛ قال الشيخ بهاء الدين المقدسي الحنبلي في "العدة شرح العمدة" (ص: 313، ط. دار الحديث): [وكان هذا بمشهدٍ من الصحابة ولم يظهر خلافه، ووَجْهُ الحُجَّةِ منه: أنه أمره بنقله من مكانه؛ فدل على جواز نقل الوقف من مكانه وإبداله بمكانٍ آخر، وهذا معنى البيع، ولأن فيما ذكرنا استبقاء الوقف بمعناه عند تعذر إبقائه بصورته؛ فوجب؛ كما لو اسْتَوْلَدَ الموقوفُ عليه الجاريةَ الموقوفةَ أو قَتَلَهَا فإنه يجب قيمتها وتُصرَفُ في شراء مِثلها] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق: فيجوز شرعًا استبدال الوقف إذا خرب أو قَلَّتْ منفعتُهُ بحيث لا يقوم بما وُقِفَ لأجْلِهِ أو كان ذلك لمصلحةٍ حقيقيةٍ راجحةٍ غير متوهمةٍ عائدةٍ على الموقوف عليه؛ بمراعاة أن يكون التبديل إلى ما هو أكثرُ نفعًا وأَجْلَبُ رِيعًا وأَنْفَسُ ثمنًا، والذي يحكم بذلك هو القاضي المختص بالوقف أو مَن يُقيمُهُ وليُّ الأمر في هذا المقام.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

طلبت محافظة قنا الإفادة عن الحكم الشرعي في إزالة جبانة؛ للأسباب الواردة بمذكرة المجلس القروي المرافقة، وقد تبين من الاطلاع على مذكرة المجلس القروي المشار إليها أن التفكير في إزالة هذه الجبانة كان بناءً على طلب موظف بنفس الناحية؛ لأنها تجاور منزله، وأن هذه الجبانة قديمة تُرِك الدفن فيها، وأن جثث الموتى المدفونين بها لا تزال باقية، وأن من هذه الجثث جثثًا لبعض الصالحين، وأن المجلس القروي ولجنة المرافق طلبا الحصول على رأي دار الإفتاء في إزالة الجبانة من الوجهة الشرعية، وهل في الإمكان حفظ الرفات في باطن الأرض الصلبة؟


ما حكم هدم مسجد بني في أرض مغتصبة؟ فقد طلبت وزارة التعمير- جهاز تنمية مدينة العاشر من رمضان - بكتابها أن دولة العلم والإيمان وهي تنشئ وتعمر تضع في مقدمة أعمالها تشييد دور العبادة لأداء الصلاة وإقامة شعائر الدين، لهذا وحين رخصت الدولة بإنشاء مدينة العاشر من رمضان على المساحة التي حددها قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 249 سنة 1977م أُعِدَّ تخطيط للمدينة مع تحديد مواقع المساجد على نحو كافٍ، وتم فعلًا بناء أول مسجد، وتم افتتاحه للصلاة، إلا أن نفرًا ممن احترفوا التمسح بالدين اعتدوا على جزء من هذه الأراضي بوضع اليد عليها لأغراض شتى جاعلين الدين واجهة لإخفاء نواياهم الحقيقية؛ وذلك باستيلائهم على مساحة قدرها سبعة عشر ألفًا وخمسمائة متر مربع من أرض المدينة، وخصصا منها ما لا يجاوز تسعين مترًا مربعًا لإقامة مسجد -زاوية صغيرة- وأما بقية المساحة فلإقامة كازينو وكافيتريا بجوار هذا المسجد، فما حكم الشريعة الغراء في مدى مشروعية إقامة مسجد أو زاوية على أرض الغير -أرض المدينة- غصبًا؟


ما حكم صرف الفائض من وقف المسجد إلى مسجد آخر؟ فهناك رجلٌ أوقف وقفًا على مسجدٍ خاص وسجَّل وقفيته على يد القاضي في المحكمة الشرعية، وعيَّن عليه ناظرًا عنه ليقوم برعاية شؤون الوقف وصرف رِيعه على المسجد المذكور، وقام الناظر بأداء ما وُكِّل إليه بدقة وأمانة، غير أنه اتضح له بعد مرور فترة من الزمن ازدياد ريع الوقف أكثر بكثير من اللازم وعن المتطلبات الشهرية والسنوية للمسجد، وأن المسجد أصبح الآن ليس بحاجة أكثر مما يصرف عليه، وظلت دراهم ريع المسجد تزداد سنة بعد سنة ويجمع له في البنك.


ما حكم تغيير النية من بناء مسجد إلى أغراض خيرية أخرى؟ حيث أني اشتريت قطعة أرض معدة للسكن في مدينة العاشر من رمضان وذلك منذ سنوات عديدة، ولما شعرت أنني لست بحاجة إليها كما أنني لن أُعَمِّرها بالبناء والتأجير بسبب هجرتي خارج البلاد آنذاك اتصلت بإدارة المدينة عن طريق وكيل وأبلغتهم أنني أرغب في تخصيصها لبناء مسجد، فأجابوني بأن الأرض تقع في منطقة مخصصة للسكن فقط، وأنه يمكنني عرضها للبيع ثم تخصيص ثمنها لبناء مسجد أو للإسهام في بناء مسجد في الأمكنة المخصصة لذلك في المدينة، ووافقت على ذلك الاقتراح، وعرضتها للبيع. ولكنني عندما عدت من الهجرة، وتبين لي أن هناك العديد من أوجه الخير المُلِحَّةِ والأَوْلَى من بناء المساجد، فَكَّرتُ في توجيه ثمن الأرض في جهات خيرية أخرى، من بينها الإسهام في أوقاف مخصصة لأعمالٍ فكريةٍ إسلامية، وكفالة يتامى، وتمويل مشروعاتٍ اجتماعية في قريتنا، وغير ذلك مما كان بعيدًا عن إدراكي وأنا في الغربة.
والسؤال هو: هل يجوز لي شرعًا تغيير النية من بناء مسجد إلى أغراض خَيرٍ أخرى مختلفة في طبيعتها وغير قاصرة على مدينة العاشر من رمضان؟


ما حكم إنشاء دار مناسبات تلحق بالمسجد؟ وهل يجوز تمويل هذه الدار من تبرعات المساجد؟


ما حكم استبدال العين الموقوفة؟ فمثلًا المبنى الموقوف الصالح للسكن لا يسع لكثيرٍ من الناس، كما أنه لو بنى متولي الوقف غرفًا جديدة في مكان واسع أمام هذا المبنى القديم فسيبدو مظهر المبنى القديم غير جيد أمام هذه الغرف الجديدة، فبناءً على ذلك، هل يجوز أن نهدم المبنى القديم ونبني عليه الجديد على نفس الصورة والشكل الذي بناه المتولي؟ وإن كان ذلك جائزًا فإلى أي حدٍّ؟ وأيضًا بأي أوصافٍ يجوز أن يتصف الرجل الذي يتولى أمور المسجد؟ نريد تفصيلًا في هذه المسألة؟