من هم آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟
الآل تطلق في اللغة على أهل الرجل وعياله، كما تطلق على أتباعه وأوليائه، ومنه قوله تعالى: ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ﴾ [آل عمران: 11]: يعني مَن آل إليه بدِينٍ أو مذهبٍ أو نسب. انظر: "تاج العروس" (28/ 36).
وذهبت طائفة إلى أن أصلها "أهل" ثم قلبت الهاء همزة، ثم سُهِّلت على قياس أمثالها فقيل: "آل"، وقد ضعف ابن القيم في "جلاء الأفهام" هذا الرأي من وجوه؛ منها: أنه يلزم منه القلب الشاذ من غير موجب مع مخالفة الأصل، وأن الأهل تضاف إلى العاقل وغيره، والآل لا تضاف إلا إلى عاقل، وأن الرجل حيث أضيف إلى آله دخل فيه؛ كقوله تعالى: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر: 46]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» رواه البخاري، وهذا إذا لم يذكر معه من أضيف إليه الآل، وأما إذا ذكر معه؛ فقد يقال: ذُكر مفردًا وداخلًا في الآل، وقد يقال: ذِكره مفردًا أغنى عن ذِكره مضافًا، والأهل بخلاف ذلك، فإذا قلت: جاء أهل زيد؛ لم يدخل فيهم. انظر: "جلاء الأفهام" (ص203-204، ط. دار العروبة بالكويت).
وأما خصوص "آل البيت" أو "أهل البيت" -ولا فرق بينهما-: فقد اختلف العلماء في المقصود بـهم على ثلاثة أقوال ذكرها العلامة ابن الجوزي في "زاد المسير" (3/ 462-463، ط. دار الكتاب العربي)؛ فقال:
[أحدها: أنهم نساء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، لأنهنَّ في بيته، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال عكرمة، وابن السّائب، ومقاتل.
والثاني: أنه خاصٌّ في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم، قاله أبو سعيد الخدري، وروي عن أنس وعائشة وأمّ سلمة نحو ذلك.
والثالث: أنهم أهل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وأزواجه؛ قاله الضحاك] اهـ بتصرف.
وقال الإمام الرازي في "تفسيره" (25/ 168، ط. دار إحياء التراث العربي): [والأولى أن يقال: هم أولاده، وأزواجه، والحسن والحسين منهم، وعليٌّ منهم؛ لأنه كان من أهل بيته؛ بسبب معاشرته ببنت النبي عليه السلام، وملازمته للنبي] اهـ.
أما آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَيُطلَقُونَ ويراد بهم: أقاربه المؤمنون من بني هاشم وبني المطلب. وقولنا: "بني" خرج مخرج التغليب، فيشمل البنات أيضًا.
وهذا هو مذهب الإمام الشافعي وجمهور أصحابه، ودليله: ما رواه الإمام البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلة واحدة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيءٌ وَاحِدٌ».
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في "أحكام القرآن" (1/ 76-77، ط. دار الكتب العلمية): [وإذا عد من آل الرجل: ولده الذين إليه نسبهم، ومن يأويه بيته؛ من زوجه، أو مملوكه، أو مولى، أو أحد ضمه عياله، وكان هذا في بعض قرابته من قِبَل أبيه دون قرابته من قِبَل أمه، وكان يجمعه قرابة في بعض قرابته من قبل أبيه دون بعض: فلم يجز أن يستعمل على ما أراد الله عز وجل من هذا، ثم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، وَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةَ، وَعَوَّضَنَا مِنْهَا الْخُمْسَ»؛ دل هذا على أن آل محمدٍ: الذين حرم الله عليهم الصدقة وعوضهم منها الخمس.
وقال الله عز وجل: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ [الأنفال: 41]، فكانت هذه الآية في معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ»، وكان الدليل عليه: أن لا يوجد أمر يقطع العنت ويلزم أهل العلم -والله أعلم- إلا الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما فرض الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يؤتي ذا القربى حقه، وأعلمه أن لله خمسه وللرسول ولذي القربى، فأعطى سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب: دل ذلك على أن الذين أعطاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخمس هم: آل محمد الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة عليهم معه والذين اصطفاهم من خلقه بعد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه يقول: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33]، فاعلم أنه اصطفى الأنبياء صلوات الله عليهم وآلهم] اهـ.
وقال الإمام البيهقي في "الاعتقاد" (ص: 325-326، ط. دار الآفاق الجديدة): [اسم الآل لكل من يُحْرَم الصدقة من أولاد هاشم وأولاد المطلب؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ، وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ»، وإعطائه الخمس الذي عوضهم من الصدقة بني هاشم وبني المطلب، وقال: «إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ»، وقد يسمى أزواجه آلًا؛ بمعنى التشبيه بالنسب] اهـ.
وقيل: إن آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم خصوص بني هاشم؛ وهو مذهب الحنفية والحنابلة. وقال العلامة أشهب من أصحاب الإمام مالك: هم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب. وقيل: هم ذريته وأزواجه خاصة. وقيل: "آله": أتباعه على دينه إلى يوم القيامة؛ روي ذلك عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، واختاره بعض السادة الشافعية، وقال به كثير من علماء الحنابلة في مقام الدعاء خاصة. وقيل: هم الأتقياء من أمته؛ حكاه القاضي حسين وغيره. انظر: "لوامع الأنوار البهية" للسفاريني (1/ 51، ط. مؤسسة الخافقين).
وقد تطلق عبارة "أهل البيت" في سياقٍ آخر ويراد بها معنًى آخر؛ فـ"الآل" بالمعنى السابق تطلق في مقام الزكاة، وقد تطلق في سياق الدعاء ويراد بها ما يشمل كل مسلم ولو كان عاصيًا، وقد تطلق في سياق المدح ويراد بها كل تقي.
قال الإمام البيجوري في "حاشيته على شرح العلامة ابن قاسم لمتن أبي شجاع" (1/ 16-17، ط، مصطفى الحلبي) بعد أن ذكر هذا المعنى: [فتحصل أنهم -أي: آل محمد- مختلفون باختلاف المقامات. وقال بعض المحققين: يُنظَر للقرينة؛ فإن دلت على أن المراد بهم الأقارب: حُمِلَ عليهم؛ كقولك: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرًا. وإن دلت على أن المراد بهم الأتقياء: حُمِلَ عليهم؛ كقولك: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله الذين اخترتهم لطاعتك. وإن دلت على أن المراد بهم كل مسلم ولو عاصيًا: حُمِلَ عليهم؛ كقولك: اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله سكان جنتك. والحاصل: أنه لا يطلق القول في تفسير الآل، بل يُعَوَّلُ على القرينة] اهـ. وممَّا سبق يعلم جواب السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما هي كيفية التعامل مع الأطفال غير الشرعيين؟ فقد سألت سفارة ماليزيا بما نصه: نحيط فضيلتكم علمًا بأن وزارة الشؤون الدينية بماليزيا تود الاستفادة منكم بصدد شؤون الأطفال غير الشرعيين، وترجو مساعدة فضيلتكم في إمدادنا بالآتي:
1- كيفية تسجيل الأطفال غير الشرعيين.
2- منهج دار الإفتاء في كيفية مواجهة الدولة للمسائل التي تتعلق بالأبناء غير الشرعيين.
3-كيفية مواجهة جميع المشاكل التي تتعلق بالأبناء غير الشرعيين؛ مثل المدارس والتربية.
ما حكم الزواج بعد الوقوع في الزنا؟ لأنه يوجد رجل زنى بامرأة وحملت منه، ثم تزوجها قبل الولادة. ما حكم هذا الولد في المذاهب؟
ما حكم تحديد درجة المصاهرة للتعيين في الوظائف؟ فقد ورد سؤال نصه كالتالي: طلبت مديرية أمن أسيوط بيان وتحديد درجة المصاهرة بين المرشح لوظيفة الشياخة الخالية بإحدى قرى مركز ديروط وعمدة نفس القرية.
مع الإحاطة بأن عمدة القرية المذكورة متزوج من بنت خالة المرشح المذكور من ناحية الأم، مع العلم بأن القانون رقم 59 لسنة 1964م في شأن العمد والمشايخ يشترط فيمن يعين شيخًا ألا يمت بصلة القرابة أو المصاهرة لعمدة القرية حتى الدرجة الرابعة.
هل يجوز إضافة اسم الكافل المفرد لاسم الطفل المكفول مجهول النسب في محل اسم الأب؟
ما حكم نسبة اللقيط لمَن أقر ببنوته؟ فقد قال السائل: لقيط وجده مسيحيون أهل كنيسة داخل ديرهم الموجود به كنيسة لهم، الواقع في حي إفرنجي لا يسكنه مسلمون من مدينة إسلامية، فالتقطوه وعمَّدوه نصرانيًّا وألحقوه بكنيستهم وربَّوه في ديرهم إلى أن بلغ أربع سنوات، فسلموه راضين لآخر مسيحي مصري تولى تربيته والإنفاق عليه من ماله، وبقي في يده حتى بلغ، واستمر معه إلى الحادية والعشرين من عمره، فأقر هذا الشخص الذي هو معه أنه ابنه وأنه ليس له أولاد سواه لا ذكورًا ولا إناثًا، وكان المُقَرُّ له يولد لِمِثل المُقِرِّ، وليس للمُقَر له وقت الإقرار نسب معروف، ولم يدعه أحد من قبل لا مسلمًا ولا غيره، وصدق المُقَرُّ له المُقِرَّ على هذا جميعه وحرر بهذا الإقرار والتصادق إشهاد أمام قاضٍ شرعي، واستمر معه إلى أن مات المُقِرُّ، فهل يثبت نسب المُقَرُّ له من المُقِرِّ أو لا؟ وهل يرثه المُقَرُّ له أو لا؟
بمناسبة الفحص الذي تجريه إدارة البحث الجنائي بالقطاع نأمل بالتفضل بالموافاة عن الحكم الشرعي في التسمي بالأسماء التالية: (الله، اللهم، كليم الله، هاشم النبي، رسول الله، نبي الله، اللهم صلِّ على، المسيح عيسى، الرحيم، رحمان، المهيمن، الجبار)، وكذا التسمي بأسماء الحيوانات مثل: (حمار، خروف، بقرة)، وذلك حتى يتسنى لنا استكمال الفحص واتخاذ اللازم.