ما حكم الانتفاع بأعضاء الأسرى؟ فقد ورد في فتوى منسوبة لما يسمى بهيئة البحوث والإفتاء فيما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" (داعش)، وقد أجازت هذه الفتوى أخذ شيء من أعضاء أسراها الذين وصفوهم بالمرتدين لزرعها في جسد من يحتاجها من المسلمين، حتى وإن كان ذلك معناه موت الأسير. فما الحكم الشرعي في هذا الفعل؟
الاعتداء على الأسير بقطع شيء من أعضاء جسده نوعٌ من أنواع الاعتداء البدني والتشويه المحرم شرعًا؛ بغض النظر عن كون ذلك يعرض الأسير للموت أو لا، وبغض النظر أيضًا عن كونه مؤلمًا من عدمه، وأما أولئك الدواعش فما هُم إلا عصابة مبتدعة لا شرعية لها، وليسوا بولاة أمور شرعيين، وليست الحرب بينهم وبين غيرهم شرعيةً أصلًا.
المحتويات
الأسير لغة: مأخوذ من الإسار، وهو القيد، لأنهم كانوا يشدونه بالقيد، فسمي كل أخيذ أسيرًا وإن لم يُشد به، وكل محبوس في قيد أو سجن أسير. انظر: "لسان العرب" (4/ 19، ط. دار صادر).
والأسير حتى لو كان مأسورًا في حرب مشروعة -وليس كذلك هنا في موضوع السؤال كما سيأتي بيانه- فإن الاعتداء عليه بقطع شيء من أعضاء جسده يعتبر نوعًا من أنواع الاعتداء البدني، وهو من المُثْلة التي هي تشويه للخِلْقة، بل قد يكون أبلغ؛ إذ إن المثلة الأصل فيها أنها تقطع فيها بعض الأطراف التي لا تُذهب بحياة المفعول به، كقطع أنفه أو أذنه. أما استئصال بعض أجزاء الإنسان كالكبد أو الطِّحال أو الكُلية أو العين أو غيرها فقد تعجّز الإنسان المسلوبة منه، أو تعرض حياته للخطر بالكلية، كما أنها لا تقضي عليه بالموت دفعة واحدة لو أرادوا الحكم عليه بالموت.
والحكم الشرعي في مسألة أخذ أعضاء الأسير: أنها غير جائزة؛ سواء في ذلك إذا كان أخذ العضو يعرضه للموت أم لا، يسبب له ألمًا أم لا.
والدليل على ذلك أمور؛ منها:
أولًا: أن الاعتداء على أعضاء الإنسان -مسلمًا كان أو كافرًا- فيه امتهان له، وهو الذي كرمه الله تعالى؛ حيث قال: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، وأخذ أعضاء الأسرى ينافي تكريم الله تعالى للإنسان.
ثانيًا: أن هذا الفعل يعد من التمثيل؛ والمثلة: تشويه الخلقة، يُقَالُ: مَثَلْتُ بِالْحَيَوَانِ أَمْثُلُ بِهِ مَثْلًا، إِذَا قَطَعْتَ أَطْرَافَهُ وشَوّهْتَ بِهِ، ومَثَلْتُ بالقَتيل، إِذَا جَدَعْت أَنْفَهُ، أَوْ أذُنَه، أَوْ مَذاكِيرَه، أَوْ شَيْئًا مِنْ أطرافِه. وَالِاسْمُ: المُثْلَة. فأمَّا مَثَّلَ، بِالتَّشْدِيدِ، فَهُوَ للمبالَغة. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: "نَهى أَنْ يُمَثَّلَ بالدَّواب"؛ أَيْ تُنْصَب فترْمَى، أَوْ تُقْطَع أطرافُها وَهِيَ حَيَّة. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (4/ 294، ط. المكتبة العلمية).
والمثلة حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المثلة، وورد النهي عنها في أحاديث كثيرة؛ منها: ما روى الإمامان مسلم والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمَّر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: «اُغْزُوا عَلَى اسْمِ الله، فِي سَبِيلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله، اُغْزُوا، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا»، وعقب الإمام الترمذي على هذا الحديث بقوله: [وَكَرِهَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْمُثْلَةَ] اهـ.
قال الشيخ المباركفوري في شرحه "تحفة الأحوذي على شرح سنن الترمذي" (4/ 553، ط. دار الكتب العلمية) معلقًا على عبارة الترمذي: [أي: حرموها، فالمراد بالكراهة: التحريم، وقد عرفت في المقدمة أن السلف رحمهم الله يطلقون الكراهة ويريدون بها الحرمة] اهــ.
وروى الإمام البخاري عن عبد الله بن يزيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن النهبة والمثلة. وروى الأئمة أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان عن عمران بن حصين رضي الله عنه مرفوعًا: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحثهم على الصدقة وينهاهم عن المثلة.
وروى الإمام ابن ماجه عن صفوان بن عسَّال رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سرية، فقال: «سِيرُوا بِاسْمِ اللهِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، وَلا تُمَثِّلُوا، وَلا تَغْدِرُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَقْتُلُوا وَلِيدًا».
بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن المثلة بالحيوان؛ فروى الإمام البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن مَن مَثَّل بالحيوان. فكيف بالتمثيل بالإنسان؟
وتحريم المثلة لا خلاف في تحريمه؛ كما قاله الإمام الزمخشري في تفسيره "الكشاف عن حقائق وغوامض التنزيل" (2/ 645، ط. دار الكتاب العربي)، وحكى الإمام الصنعاني فيه الإجماع في "سبل السلام بشرح بلوغ المرام" (2/ 467، ط. دار الحديث).
ثالثًا: أن فعل هذا بما يؤدي إلى وفاة المفعول به مناف للإحسان المأمور به في الشريعة، ولو كان في قتل من يستحق القتل، ولو كان المقتول من بهيمة الأنعام، فكيف إذا كان أسيرًا عند عصابة لا شرعية لها من الخوارج المبتدعة، وقد روى الإمام مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ».
رابعًا: ما ورد من تخيير ولاة الأمر الشرعيين في الأسير المأخوذ في الحرب الشرعية بين المسلمين وغيرهم لم يرد فيه ما يفعله أولئك؛ قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ [محمد: 4]، يقول الإمام ابن قدامة في "المغني" (10/ 400، ط. الكتاب العربي): [وإذا أسر الإمام فهو مخير، إن رأى قتلهم، وإن رأى مَنَّ عليهم وأطلقهم بلا عوض، وإن رأى أطلقهم على مال يأخذه منهم، وإن رأى فَادَى بهم، وإن رأى استرقَّهم] اهـ. وكتب المذاهب الفقهية تدور حول هذا المعنى، وتركنا نقله اختصارًا.
هذا مع كون أولئك ليسوا بولاة أمور شرعيين، وليست الحرب بينهم وبين غيرهم شرعية، وليس المأسورون لديهم كلهم من غير المسلمين، بل إن منهم من هو من المسلمين يشهد الشهادتين، ولكنه في اعتقادهم الفاسد الكاسد غير موحد توحيدهم البدعي، ولا يقول بأصولهم الفاسدة المخترعة، فوجب أن يكون عندهم مرتدًا عما يعتقدون أنه الإسلام.
خامسًا: أمر الله بالإحسان إلى الأسير، ومدح من يفعل ذلك، قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ [الإنسان: 8].
قال سيدنا قتادة رضي الله عنه: "أمر الله بالأُسراء أن يُحسن إليهم، وإنّ أسراهم يومئذ لأهلُ الشرك". "تفسير البغوي" (8/ 294، ط: طيبة).
وفي "زاد المسير في علم التفسير" لابن الجوزي (4/ 377، ط: دار الكتاب العربي): [أنه الأسير المشرك، قاله الحسن، وقتادة] اهـ.
والإساءة إلى الأسير خرجت عن هذا المدح، الذي هو في حقيقته خبر المقصود منه الطلب.
ويضاف إلى ذلك ما ورد من المعاملة الحسنة التي كان يعاملها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للأسرى؛ وقد أمرنا بالاقتداء به؛ قال الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
ولقد دفعت معاملة الإسلام الحسنة للأسرى أن يسلموا كثُمَامة بن أُثَالٍ رضي الله عنه؛ فقد روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم خيلًا قِبَل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟»، فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فترك حتى كان الغد، ثم قال له: «مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟»، قال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد، فقال: «مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟»، فقال: عندي ما قلت لك، فقال: «أطْلِقُوا ثُمَامَةَ»، فانطَلَق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل ثم دخل المسجد، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، يا محمد، والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليَّ، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليَّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟ فبشّره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوتَ؟ قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا والله، لا يأتيكم من اليمامة حبة حِنطة، حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يكسو الأسرى فيحسن كسوتهم؛ قال الإمام البخاري في "صحيحه" (باب الكسوة للأُسارى): عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "لمَّا كان يوم بدرٍ أُتِيَ بأسارى، وأُتِيَ بالعبَّاس، ولم يكن عليه ثوبٌ فنظر النبيُّ له قميصًا فوجدوا قميص عبد الله بن أبيٍّ يَقْدُرُ عليه، فكساه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إيَّاه".
وفي "صحيح مسلم" عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: كانت ثقيف حلفاء لبنى عقيل، فأَسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله، وأسر أصحاب رسول الله رجلًا من بني عُقيلٍ، وأصابوا معه العضباء (الناقة)، فأتى عليه رسول الله وهو في الوثاق قال: يا محمد. فأتاه فقال: «مَا شَأْنُكَ؟» فقال: بم أخذتني، وبم أخذت سابقة الحاجِّ -يعني ناقته-؟ فقال: «إِعْظَامًا لِذَلِكَ، أَخَذْتُكَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثَقِيفَ»، ثمَّ انصرف عنه فناداه، فقال: يا محمد، يا محمد. وكان رسول الله رحيمًا رقيقًا، فرجع إليه، فقال: «مَا شَأْنُكَ؟» قال: إنِّي مسلمٌ. قال: «لَوْ قُلْتَهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلاَحِ»، ثمَّ انصرف، فناداه، فقال: يا محمد، يا محمد. فأتاه فقال: «مَا شَأْنُكَ؟» قال: إنِّي جائعٌ فأطعمني، وظمآن فاسقني. قال: «هَذِهِ حَاجَتُكَ». وتقدم حديثه أيضًا مع ثمامة.
وفي قصة فتح مكة التي رواها الإمام البيهقي في "السنن الكبرى" وغيره بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «مَا تَقُولُونَ وَمَا تَظُنُّونَ؟» قالوا: نقول: ابن أخ، وابن عم، حليم، رحيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَقُولُ كَمَا قَالَ يُوسُفُ: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [يوسف: 92]»، فخرجوا كأنما نُشروا من القبور، فدخلوا في الإسلام.
وقد راعى الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم هذا المعنى في الدعوة، فنقل عنه كثير من الأحاديث التي ترسّخ معنى مراعاة حال الناس وتصورهم عن الإسلام كمنهج ودين؛ من ذلك: ما روى الإمام البيهقي في "السنن الكبرى" في أحداث غزوة بني المصطلق حين تعقب رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم ناسٌ من المنافقين ادّعَوْا صُحبته، إلا أنهم أبطنوا الكفر، وتحدثوا بما يؤذي رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم من قولهم: "سَمِّنْ كلبَك يأكلْك"، فأشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتلهم، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَكَيْفَ يَا عُمَرُ إِذَا تَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ؟ لا».
مما سبق يتبين أن الاعتداء على الأسير بقطع شيء من أعضاء جسده نوعٌ من أنواع الاعتداء البدني والتشويه المحرم؛ بغض النظر عن كون ذلك يعرض الأسير للموت أو لا، وكذلك بغض النظر عن كونه مؤلمًا من عدمه، وأن أولئك الدواعش عصابة مبتدعة لا شرعية لها، وليسوا بولاة أمور شرعيين، وليست الحرب بينهم وبين غيرهم شرعيةً في الأصل.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
الطلب المُقدَّم من السيد وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية عن مركز قويسنا منوفية، والمتضمن: نرجو من فضيلتكم التكرم بإصدار فتوى شرعية مُوثَّقة بخصوص رغبة بعض الأهالي مِن قرية (ميت القصري) مركز قويسنا؛ أصحاب الأفكار المتطرفة، بهدم ونقل ضريح أولياء الله الصالحين (السادة القَصاروة)، بحجة توسعة المسجد، في حين أن الضريح ملاصقٌ للمسجد وبجدرانٍ منعزلة عن المسجد، فقاموا بهدم الغرفة الخارجية للضريح تمهيدًا لإزالة الضريح نفسه أو دفنه في الأرض وعمل سيراميك والصلاة عليه؟!
ومرفق لسيادتكم بعض المستندات الدالة على ذلك، مع التأكيد أن هذا العمل أشعل نار الفتنة بين الأهالي من مؤيِّدٍ ومعارض. وإن فتاواكم الكريمة سوف تطفئ نار هذه الفتنة وهذا الجدل وهذا الفكر الدخيل علينا في تحريم الصلاة بمسجد فيه أضرحة لأولياء الله الصالحين الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن وفي الحديث القدسي: «مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ» رواه البخاري.
جعلكم الله نصيرًا لأوليائه الصالحين، ولسيادتكم منا كل الاحترام والتبجيل.
وبالنظر في المرفقات بالطلب تبين لنا ما يأتي:
- تقدم أحد أهالي القرية، بطلب إلى أوقاف قويسنا لتوسعة مسجد السادة القَصاروة، وقد حصل على الموافقة من الوزارة بعمل التوسعة اللازمة على نفقته الخاصَّة وبجهوده الذاتية، وبالاطلاع على المستندات الخاصَّة بهذا الأمر وجدنا أنَّ:
• وزارة الأوقاف اشترطت أن يتم عمل التوسعة تحت إشراف المديرية وبالشروط المعتمدة وفق ما تم اعتماده من الرسومات وطبقًا للتراخيص الصادرة من الجهات المختصة؛ كما هو مُبيَّن من تصريح مدير عام المشروعات والتصميمات بالوزارة.
• لم يتعرَّض التصريح بذكر هدم الضريح أو نقله أو هدم الغرف المجاورة للضريح؛ بل هو تفويض من الأوقاف باسم المتبرع لعمل توسعة مسجد السادة القصاروة.
• أخذ المتبرع إقرارًا على نفسه بعدم المساس بالضريح وبالحفاظ عليه حسب التعليمات الواردة من الإدارة وكما هو مُبيَّن من خطاب القسم الهندسي بالوحدة المحلية بقرية (طَهْ شبرا) الموجَّه للسيد وكيل الوزارة رئيس مجلس ومدينة قويسنا.
- تمَّ تشكيل لجنة من إدارة أوقاف قويسنا مكوَّنة من خمسة أعضاء برئاسة مدير الأوقاف، بناءً على قرارٍ من مديرية أوقاف المنوفية، وانتقلت اللجنة للمسجد، وتبين من تقريرها المرفق ما يأتي:
أولًا: قام المتبرع بعمل التوسعة من الناحية القبلية الموجودة بين دورة مياه المسجد ومكان الوضوء، وبين جدار القبلة الموجود بالمسجد القديم، (مرفق رسم توضيحي لعملية التوسعة).
ثانيًا: بعد الانتهاء من أعمال التوسعة تبيَّن وجود ضريحين وسط المسجد، وغرفة خارج المسجد، وقد أقيم على الضريحين أقفاص حديدية للحفاظ عليهما.
ثالثًا: عند وجود اللجنة للمعاينة على الطبيعة حضر بعض رواد المسجد وانقسموا إلى فريقين:
الفريق الأول: يرى عدم المساس بالضريحين ويرغب في بناء غرفة خاصة بالضريحين وعمل باب خاص للدخول لزيارة الضريحين داخل التوسعة الجديدة.
الفريق الثاني: يرى نقل الأضرحة إلى غرفة خاصة موجودة بالفعل ملصقة بالمسجد والغرفة لها بابان: باب على الشارع الرئيسي، وباب جانبي للدخول منه للمسجد، وبهذا تتحقق الفائدة من عملية التوسعة للمسجد لوجود الأضرحة في الربع الأول من التوسعة الجديدة وسط المسجد.
خامسًا: توصي اللجنةُ بأن يقوم المتبرع بطلب إلى المجلس الأعلى للطرق الصوفية للبت في الضريحين من حيث النقل وعدمه، مع الاحتفاظ بالضريحين لحين إحضار رأي المجلس الأعلى للطرق الصوفية صراحة. كما توصي اللجنة الإدارة الهندسية بشبين الكوم بعدم إصدار أي قرار يخص الضريحين أو المسجد؛ سواء بهدم جدار القبلة الحائل بين الضريحين والمسجد القديم أو الجدار الغربي في التوسعة الجديدة، إلا بعد الانتهاء التام من جميع الأعمال المتعلقة بالمسجد وإحضار قرار المجلس الأعلى للطرق الصوفية.
- تقدَّم المتبرع بطلبٍ للمشيخة العامة للطرق الصوفية، يريد فيه الموافقة على إحلال وتجديد الضريحين الموجودين بمسجد السادة القَصاروة.
- وبعد ذلك تبين أنَّ المتبرع لم يعمل بمضمون تصريح وزارة الأوقاف بخصوص التوسعة؛ بل بدأ العمل في جهة الضريح وهي غير الجهة المُصرَّح بها من الأوقاف، وقام بهدم الغرفة الخارجية لضريح السادة القصاروة، وحجرة الضيافة الخاصَّة بالضريح، وأيضًا جدار القبلة، ثم قام ببناء ضريح صوري تمهيدًا لإزالة الضريح الحقيقي ودفنه في الأرض وعمل سيراميك للصلاة عليه، فقام أهل القرية بعمل محضرٍ في النيابة العامة وأمن الدولة، ثمَّ عمل شكوى لوزارة الأوقاف؛ فقامت اللجنة الهندسية بأوقاف قويسنا بتحرير محضرٍ بذلك، ثم أخذت الإدارة إقرارًا على المتبرع أن يُعيد بناء الغرفة الخاصة بالضريح مرةً أُخرى.
- أرسل وكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا خطابًا إلى الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية، يُبيِّنُ فيه ما حدث من هدمٍ في المسجد، وأنَّ الأضرحة أصبحت عارية في ساحة المسجد، وذلك لأخذ اللازم والمحافظة على حرمة وقدسية أولياء الله الصالحين والتأدب معهم ظاهرًا وباطنًا.
- كما قام مدير إدارة أوقاف قويسنا بإخطار وكيل وزارة أوقاف المنوفية بخطابٍ محررٍ بأنَّ المتبرع ما زال يخالف التعليمات ويرفض تنفيذها، رغم الإقرارات المأخوذة عليه، ونحن نخلي مسؤولية إدارة أو قاف قويسنا والقسم الهندسي بها من أي تقصير تجاه هذا الأمر، والرجاء اتِّخاذ اللازم.
- وقد ردَّ الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية على خطاب وكيل مشيخة طرق قويسنا بخطاب محررٍ يطلب منَّا فيه المُعاينة وأخذ التعهد الَّلازم على القائمين بعملية الإحلال والتجديد، والعمل وفق ما ورد بنصِّ الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية والتي انتهت إلى "أنَّ إزالة الضريح أو نقل رُفاته إلى مكانٍ آخر بالمسجد أو خارجه تحت أي دعوى، حتَّى لو كانت توسعة المسجد وتجديده هو أمرٌ مُحرَّمٌ شرعًا؛ لما فيه من الاعتداء السافر على حُرمة الأموات وسوء الأدب مع أولياء الله تعالى الصالحين رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم الذين توعَّد الله مَن آذاهم بأنَّه قد آذنهم بالحرب، وقد أُمرنا بتوقيرهم وإجلالهم أحياءً وأمواتًا، ولا يجوز التوصل إلى فعل الخير بالباطل؛ بل يوسع المسجد ويُجدد ويبقى الضريح في مكانه، حتَّى لو أصبح في وسط المسجد، وتبقى القُبَّة على حالها، أو يُترك المسجد كما هو حتى يُقَيِّضَ الله تعالى له مَن يتولى توسعته مِن عباده المخلصين الذين يعرفون لأوليائه قدرهم وحرمتهم، والذين ينأون بأنفسهم عن التعدي على أضرحة الصالحين؛ لتتحقق إقامةُ المساجد على تقوى مِن الله تعالى ورضوان".
فيُحرَّر من المذكور -المتبرع- إقرار بالالتزام بذلك؛ فتتم أعمال الإحلال والتجديد في ضوء ما ورد بالفتوى، ويكون العمل تحت مُراقبة ومتابعة وكيل المشيخة المُختص لإخطارنا في حال وجود أي مُخالفة في التنفيذ لاتِّخاذ اللازم قانونًا والإفادة بما يتم.
- كما قام الأمين العام للمشيخة العامَّة للطرق الصوفية بإخطار وكيل وزارة الأوقاف مدير أوقاف قويسنا بالمنوفية بخطاب منه، بشأن الخطاب الموجه إليه من مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا، ونبَّه على إعادة بناء حجرة ضريح السادة القصاروة وغرفة الزيارة الخاصة به تحت إشراف السيد وكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا، وفي ضوء ما ورد بفتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية، والمرفق صورتها مع الأوراق.
- ثم قام الأمين العام لمشيخة الطرق الصوفية بإخطار وكيل الوزارة مدير أوقاف قويسنا بالمنوفية مرةً أخرى بخطابٍ يطلب فيه تنفيذ طلب الكتاب السابق بإعادة البناء، مع التنبيه المُشدَّد بعدم التدخل في أمر الأضرحة إطلاقًا إلَّا بعد الرجوع للمشيخة العامة للطرق الصوفية، والتكرم بالإفادة بما يتم لاتِّخاذ اللازم.
- وجرت عدَّة خطابات بعد ذلك بين الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية، ووكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا تشدد الإنكار على ما حدث تجاه أضرحة مسجد السادة القصاروة، وتطلب تكاتف وزارة الأوقاف مع مشيخة الطرق الصوفية لمنع هذه الممارسات.
هل للوارث طلب حقه في الميراث عن طريق القضاء؛ فلدي أختين شقيقتين قد قامتا بقسمة بيت والده ووالدته عليهما، وتصرفتا فيما تركه والدهم من نقود وخلافه. وأريد الآن أن أسترد حقي الشرعي في ميراث والدي بالطرق القانونية.
فهل رفع شكوى للقضاء أشكو فيها هاتين الشقيقتين يُعدُّ هذا قطعًا للرحم؟
ما حكم بيع الأدوية المغشوشة؟
اطلعت على فتوى منسوبة لما يسمى بهيئة البحوث والإفتاء فيما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" (داعش)، وقد تكلمت الفتوى عن الأسير المرتد وأنه لا يجوز مفاداته بمال أو رجال؟ فهل هذا الكلام صحيح، وما هو الأسير المرتد؟
ساعدت أم ابنها في الاستيلاء على منقولات زوجته والمصوغات المملوكة لها أثناء الزوجية، وبعد طلاقه لها قامت الأم بنقل هذه الأشياء من مسكن الزوجية وإبقائها تحت يديها وعدم ردها، ومنع المطلقة من دخول مسكن الزوجية، وأخيرًا صدر حكم على ابنها المطلق بالتبديد لمملوكات مطلقته.
فما هو الحكم الشرعي في هذه الأفعال؟
ما حكم التنقيب عن الآثار؟