ما حكم وضع الجنازات في طوابق عند الصلاة عليها، حيث أني أعمل في مسجد "الرحمن الرحيم" الكائن في طريق صلاح سالم بالعباسية، وفي يوم الجمعة يكون المسجد مكتظًّا بالجنازات التي كثيرًا ما تزيد عن العشرة، ويتعثر علينا كعمال بالمسجد حمل الجنازات إلى الأمام في وقت الجمعة لشدة الازدحام، وعليه: فإننا نرجو من فضيلتكم التكرم بفتوى تبين حكم وضع الجنازات في ركات متعددة الطوابق في شقٍّ صغيرٍ أمام المصلين حتى لا تأخذ الجنازات مساحة كبيرة من المسجد. مع العلم أننا سنضع ساترًا يفصل الجنائز عن المصلين، فهل هناك مانع شرعي من هذا؟
لا مانع شرعًا من عمل ركات (طوابق) متعددة الطوابق لوضع الجنازات أمام المصلين ريثما يتمون صلاتهم، ما دام هناك ساتر بين الجنائز والمصلين؛ لأن ذلك لا يخرج عن مقصود الصلاة وشرطها، ولِما فيه من معنى الإسراع والتخفيف وهما مقصدان شرعيان، وحتى لا تشغل الجنازات مساحات كبيرة من المسجد فتُضيِّق على المصلين، فإن جعلت الجنائز في أحد أركان المسجد دون القبلة كان ذلك أولى وأحرى بالجواز وأبعد من الكراهة، مع مراعاة احترام الموتى وصيانتهم عند وضعهم أو رفعهم من هذه الطوابق.
من المعلوم أن أمر الجنائز في ترتيبها وكيفية وضعها مبني على السعة؛ إذ تواردت نصوص الفقهاء على أن الشأن واسع في وضع الجنازات وكيفية ترتيبها عند اجتماعها للصلاة عليها، ما دام أنها توضع أمام الإمام إلى القبلة؛ فنصوا على أنه إذا وضعت الجنازات أمام الإمام واحدة خلف واحدة: كان حسنًا، وإن جُعل الرجال صفًّا واحدًا، ثم الصبيان خلفهم، ثم النساء خلفهم مما يلي: كان حسنًا، ويقوم الإمام وسطهم ويصلي عليهم، ويصنع بالنساء كما يصنع بالرجال، وإن وضعت الجنازات شبه الدرج؛ بأن تكون رأس جنازة الثاني عند صدر جنازة الأول: كان حسنًا، وإن اختلف الترتيب في الصلاة وقدم النساء على الرجال والصغار على الكبار: مضت الصلاة، ولم تجب إعادتها:
قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (2/ 65، ط. دار المعرفة): [(قال): وإذا اجتمعت الجنائز فإن شاءوا جعلوها صفًا وإن شاءوا وضعوا واحدًا خلف واحد، وكان ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى يقول: توضع شبه الدرج؛ وهو أن يكون رأس الثاني عند صدر الأول، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه أنه إن وضع هكذا فحسن أيضًا؛ لأن الشرط أن تكون الجنائز أمام الإمام وقد وجد ذلك كيف وضعوا فكان الاختيار إليهم] اهـ.
وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني في "النوادر والزيادات" (1/ 628، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأما إن كثروا، مثل العشرين والثلاثين، فلا بأس أن يجعلوا صفين وثلاثة، ممدودة عن يمين الإمام ويساره، ويقدم الأفضل والأسن إلى الإمام وقربه] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 278، ط. دار الغرب الإسلامي): [الأمر في ذلك واسع، فلو أخطأ في ترتيب الجنائز للصلاة عليها: فقدم النساء على الرجال والصغار على الكبار لمضت الصلاة، ولم تجب إعادتها، وإن علم بذلك بالقرب قبل الدفن] اهـ.
وقال العلامة ابن المُلقن الشافعي في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (9/ 625، ط. دار الفلاح): [قيل: يوضع شبه الدرج؛ رأس الثاني عند صدر الأول، وإن شاءوا جعلوها واحدًا بعد واحدٍ، وإن شاءوا صفًّا واحدًا، وإن كان القوم سبعة: قاموا ثلاثة صفوف خلفه؛ ثلاثة، ثم اثنان، ثم واحد. قلتُ: والأولى عندي: اثنان ثم اثنان ثم اثنان؛ لكراهية الانفراد] اهـ.
وهذا كله يقتضي أن الأمر في ترتيب الجنائز واسع، وأنه جارٍ على وفق المسموح به من مساحة المنطقة التي توضع فيها أمام الإمام، ولا يخفى الاحتياج -مع كثرة الجنازات- إلى وضعها في طوابق -كما في السؤال-، وأن ذلك لا يخرج عن مقصود الشرع في حصول الصلاة، وكونها أمام الإمام.
ولا يتنافى ذلك مع كون المصلين خلف هذه الجنازات ما دامت هذه الجنائز لا تشغلهم عن صلاتهم؛ فإن وضعت الجنائز في ركن المسجد لا في القبلة كان أحرى بالجواز؛ لبعدها عن إشغال المصلين، فإن وضع ساتر بين الجنائز والمصلين فذلك أولى وأحرى.
وبناء على ذلك: فلا مانع من عمل ركات (طوابق) متعددة الطوابق لوضع الجنازات أمام المصلين ريثما يتمون صلاتهم، ما دام هناك ساتر بين الجنائز والمصلين؛ لأن ذلك لا يخرج عن مقصود الصلاة وشرطها، ولِما فيه من معنى الإسراع والتخفيف وهما مقصدان شرعيان، وحتى لا تشغل الجنازات مساحات كبيرة من المسجد فتُضيِّق على المصلين، فإن جعلت الجنائز في أحد أركان المسجد دون القبلة كان ذلك أولى وأحرى بالجواز وأبعد من الكراهة، مع مراعاة احترام الموتى وصيانتهم عند وضعهم أو رفعهم من هذه الطوابق.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
اطلعنا على الطلب الـمُقَدَّم، والمتضمن الأسئلة الآتية:
أولًا: ما هي آداب الدفن الشرعية؟
ثانيًا: هل يجوز بناء مقبرة (فسقية) فوق قبور دفن بها منذ أربعين عامًا؛ وذلك لضيق المكان، ولأن الدفن قد توقف مما سبب طمع بعض المعتدين الذين نبشوا القبور القديمة وأزالوا شواهدها بغية الاستيلاء على المقبرة؛ مما جعلنا ننشئ هذه المقابر لتجديد الدفن وجعلها حقوقًا للمسلمين عامة؟
ثالثًا: هل يجوز شق طريق بين هذه المقابر؛ وذلك لبناء مقابر أخرى في المساحة المتبقية نظرًا لأن تعداد السكان في تزايد مستمر؟
رابعًا: هل يجوز وضع أكثر من ميت في العين الواحدة؟
خامسًا: قد تم تشجير الجبّانة حول السور وداخله، فما الحكم؛ حيث إنه من الممكن وجود جثث تحت أو جوار الأشجار؟ وهل يجوز زرع أشجار مثمرة؟ بالعلم أنها تروى بالتنقيط؟
سادسًأ: هل يجوز إنشاء دورة مياه داخل سور المقابر؛ بحيث يكون الخزان خارج السور؟
سابعًا: ما حكم الشرع في بناء المقبرة بالطوب الأحمر الطفلي؟ مع العلم أنه دخل النار. وما حكم البناء بالطوب الجيري البلوك؟ مع العلم أننا نبني جسم المقبرة بالبلوك، والقبو بالطوب الأحمر الطفلي؟
ثامنًا: هل يجوز تجديد المقام المبني داخل المقابر لشيخ يدعى السنوسي أم لا؟
ما حكم عمل العمامة والقميص للميت عند تكفينه؟ وما كيفية عمل ذلك؟
ما حكم نقل الموتى من قبورهم إلى قبور أخرى؟ وذلك بسبب بناء مقابر جديدة، أو لفصلهم عن أموات آخرين بغرض الاستقلال عن الأقارب أو منعًا لمشكلات مع الأحياء أو لجمعهم مع موتى آخرين من أقاربهم.
ما حكم إعادة صلاة الجنازة؛ فبعد وفاة أحد الناس بالقاهرة يتم صلاة الجنازة عليه، وبعد وصوله إلى القرية فأهل القرية يصرون على إعادة الصلاة عليه مرة أخرى. فما هو الحكم الشرعي في إعادة الصلاة على الجنازة مرة ثانية؟
ما حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن في أوقات الكراهة؟
ما حكم قراءة الفاتحة للمتوفى بعد صلاة الجنازة، وهل تعتبر بدعة؟