حكم تأخير إخراج الزكاة بدون عذر

تاريخ الفتوى: 12 فبراير 2020 م
رقم الفتوى: 5055
التصنيف: الزكاة
حكم تأخير إخراج الزكاة بدون عذر

هل يجوز إخراج زكاة المال السنوية بالقسط على مدار سنة كاملة، مع العلم بأنه سيتم صرفها في نفس سنة الدفع؟ (للتوضيح: لو أن زكاتي ستون ألف جنيه، وميعاد دفعها في شهر المحرم، فهل يجوز لي أن أدفع المبلغ بالقسط إلى شهر ذي الحجة من نفس العام، بمعدل ستة آلاف جنيه شهريًّا، مع العلم بأني سأدفعها لمكان خيري، وسوف يتم صرف المبلغ في نفس سنة وشهر الدفع). وشكرًا جزيلًا لكم.

لا يجوز شرعًا تقسيطُ مال الزكاة بعد وجوبها وحلول وقتها إلا لمصلحة آخذيها، أو تعسر معطيها، فإن لم يستطع أداءها كلَّها وقتَ وجوبها أخرج منها ما استطاع فَوْرَ ما يتيسر عليه ذلك.

المحتويات

 

هل تجب الزكاة بمجرد حولان الحول

الأصل في الزكاة أنها تجب على الفور متى تحققت شروط وجوبها، وقدر صاحب المال على إخراجها، ولا يجوز تأخيرها إلا إذا كان ذلك لمصلحة الفقير، أو لترشيد استهلاكه، لا مطلًا من الغني أو تكاسلًا عن أداء حق الله في المال؛ قال العلامة الرملي في "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (3/ 135، ط. دار الفكر): [(تجب) (الزكاة) أي أداؤها (على الفور) لأنه حق لزمه وقدر على أدائه ودلت القرينة على طلبه وهي حاجة الأصناف (إذا تمكن) من الأداء؛ لأن التكليف بدونه تكليف بما لا يطاق أو بما يشق.. وله تأخيرها لانتظار أحوج أو أصلح أو قريب أو جار؛ لأنه تأخير لغرض ظاهر] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (2/ 116، ط. المكتب الإسلامي): [(وله تأخيرها)، أي: الزكاة (لأشد حاجة) أي: ليدفعها لِمَن حاجَتُه أشدُّ مِمَّن هو حاضرٌ نصًّا، وقيّده جماعةٌ بزمنٍ يسير، (و) له تأخيرها لـ(قريب ولحاجَتِه) أي: المالك إليها (إلى يساره) نصًّا، واحتج بحديث عمر رضي الله عنه "أنهم احتاجوا عامًا، فلم يأخذ منهم الصدقة فيه، وأخذها منهم في السنة الأخرى" (و) له تأخيرها (لتَعذُّر إخراجها من مال لنحو غيبته) كغصبِه وسرقتِه وكونِه دينًا (إلى قدرته) عليه، لأنها مُواساة، فلا يُكَلِّفها مِن غيره. (ولو قدر أن يخرجها مِن غيره) لم يَلزَمْه؛ لأن الإخراج مِن عين المُخرَج عنه هو الأصل، والإخراج مِن غيره رخصة، فلا تنقلب تضييقًا (ولإمامٍ وساعٍ تأخيرها عند ربها لمصلحة؛ كقحط) نصًّا؛ لفعل عمر رضي الله عنه، واحتج بعضهم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم عن العباس رضي الله عنه: «فهي عليه ومثلها معها» رواه البخاري، وكذا أوَّلَه أبو عبيد، قاله في "الفروع"] اهـ.

حكم إخراج الزكاة مقسطة على مدار العام

من المقرر شرعًا أنه يجوز التقسيط في الزكاة إن كان ذلك قبل موعدها؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 510، ط. مكتبة القاهرة): [فأما إن عجلها فدفعها إليهم، أو إلى غيرهم متفرقة أو مجموعة، جاز؛ لأنه لم يؤخرها عن وقتها] اهـ.
وأما تقسيط الزكاة بعد مرور العام الهجري وحلول أجلها فلا يجوز إلا لعذر قاهر؛ بأن لم يتوفر لديه المبلغ كاملًا، فهو جائز شرعًا بالقدر الذي توفر له من المال؛ لا بأقل من ذلك، فإن وجد نصفه لم يجز له الاكتفاء بإخراج ربعه مثلًا؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 510): [وتجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه، والتمكن منه، إذا لم يخش ضررًا.. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يحول الحول على ماله، فيؤخر عن وقت الزكاة؟ فقال: لا، ولم يؤخر إخراجها؟ وشدد في ذلك. قيل: فابتدأ في إخراجها، فجعل يخرج أولًا فأولًا؟ فقال: لا، بل يخرجها كلها إذا حال الحول. فأما إذا كانت عليه مضرة في تعجيل الإخراج، مثل من يحول حوله قبل مجيء الساعي، ويخشى إن أخرجها بنفسه أخذها الساعي منه مرة أخرى، فله تأخيرها. نص عليه أحمد. وكذلك إن خشي في إخراجها ضررا في نفسه أو مال له سواها، فله تأخيرها؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، ولأنه إذا جاز تأخير قضاء دين الآدمي لذلك، فتأخير الزكاة أولى] اهـ.

الخلاصة

عليه: فلا يجوز للمزكي إبقاء الزكاة عنده وإخراجها على أقساط، إلا إذا كان هذا التأخير لمصلحة آخذها؛ كأن ينتظر إخراجها في أمر مهم ديني أو دنيوي، أو ينتظر قريبًا أو صالحًا أو جارًا، أو كان التأخير لعذر من جهة معطيها؛ كأن يكون عليه مضرة في تعجيل الإخراج، أو خشي في إخراجها ضررًا في نفسه، أو لم يكن عنده من المال ما يخرج به الزكاة فيؤخر إخراجها حتى يتوفر له المال، فلو يتوفر له مال الزكاة على دفعات أو أقساط جاز له أن يخرجه بقدر ما توفر من غير نقص؛ زمانًا ومكانًا؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، والضرورة تُقدَّر بقدرها، ولا يُتجاوَز بها محلُّها.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فلا يجوز شرعًا تقسيطُ مال الزكاة بعد وجوبها وحلول وقتها، إلا لمصلحة آخذيها، أو تعسر معطيها، فإن لم يستطع أداءها كلَّها وقتَ وجوبها أخرج منها ما استطاع فَوْرَ ما يتيسر عليه ذلك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يقول: أمتلك محلًّا تجاريًّا لبيع المواد الغذائية، وأريد أن أعرف ما هي الشروط الواجب توافرها في عروض التجارة حتى تجب فيها الزكاة؟


ما النصاب الشرعي الذي تجب فيه زكاة المال؟


ما كيفية إخراج الزكاة في التجارة المشتركة؟ فهناك شخص أشتركُ مع مجموعة من أصدقائه في تجارة، ويريد معرفة كيفية إخراج الزكاة؛ هل تكون على نصيب كل واحد من الشركاء، أو على جميع المال قبل توزيعه؟


تأخرتُ في إخراج زكاة الفطر؛ فأخرجتها بعد صلاة العيد؛ فهل تقع أداءً أو قضاءً؟ وهل تسقط عن الإنسان بمرور يوم العيد؟


هل من الممكن خصم الديون المتعثرة لإخوة لنا في الإسلام على حساب الزكاة؟ بمعنى أن تُقَيَّدَ من ضمن مدفوعات الزكاة دون إشعارهم بذلك، وإنما يفادون فقط بالتنازل عن الدين.


هل يجوز صرف الزكاة للمرضى ضعاف السمع في زراعة قوقعة الأذن؛ فهناك الكثير من الأطفال يُولدون ضعاف السمع ويحتاجون لإجراء عملية زراعة قوقعة بالأذن، والتي إذا لم تتم خلال الأشهر الأولى للولادة يحدث فَقْدٌ نهائيٌّ للسمع والنطق كذلك، وتتكلف العملية ما يقرب من مائة ألف جنيه، وتقوم الدولة مشكورة مُمَثَّلة في الهيئة العامة للتأمين الصحي بتوفير مبلغ خمسة وأربعين ألف جنيه فقط لا غير، وعلى أسرة المريض تدبير باقي المبلغ؛ مما يُمَثِّل عبئًا كبيرًا على كثير من الحالات؛ لذلك تقدمت لجنة الإغاثة بنقابة الأطباء بالتعاون مع الهيئة العامة للتأمين الصحي بإطلاق مشروع زراعة قوقعة الأذن. ونرجو إفادتنا عن جواز إخراج زكاة المال لهذا الغرض؟