هل الركاز للفيء أو للزكاة؟
الأصل أن الركاز -على خلاف بين الفقهاء في تعريفه- يجب فيه الخمس، وهذا الخمس يصرف في مصارف الزكاة لا الفيء، لكن لو كان هناك قانون ينظم الأمر على وجه يراعي المصالح العامة في ذلك فيجب العمل به؛ فلو كان الركاز من جملة الآثار التي يعثر عليها في أرض مصر فإنه يعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز للفرد تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها بغير تصريح من الدولة، سواء عثر عليها في أرض تملكها الدولة أو يملكها الأفراد.
المحتويات
الفيء: مصدر مستعمل في المال الراجع من الكفار إلى المسلمين بلا قتال، وبلا إيجاف الخيل، وبلا ركاب؛ من استعمال المصدر في اسم الفاعل؛ لأنه راجع، والمفعول؛ لأنه مردود. انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (4/ 145، ط. دار الكتب العلمية).
والرِّكاز لغة: بمعنى المركوز، كالكتاب بمعنى المكتوب، وهو من الركز أي: الإثبات، يقال: ركز شيئًا في شيء ركزًا: إذا أقره وأثبته. ورَكَزَ الله المَعادِنَ في الجبال: أَثْبَتَها. وشيء مركوز في العقول؛ أي: ثابت فيها. ومَركوزٌ في الأَرض: أَي ثابتٌ ومَدفُون. انظر: "المعجم الوسيط" (1/ 766، ط. مجمع اللغة العربية)، و"تاج العروس" (15 / 160، ط. دار الهداية).
وقد ذهب الحنفية إلى أن الركاز اسم يطلق على ما كان ذا قيمة مدفونًا في باطن الأرض؛ سواء أكان بفعل المخلوق أم بفعل الخالق سبحانه وتعالى، فهو عندهم أعم من الكنز ومن المَعدِن. انظر في ذلك: "تبيين الحقائق" للزيلعي (1/ 287-288، ط. دار الكتاب الإسلامي).
وأما الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: فإن الركاز عندهم هو عبارة عن دفين الجاهلية خصوصًا على تفصيل عندهم في ذلك.
فيرى المالكية أن الركاز عبارة عن دفن جاهلي: أي مال مدفون كان يمتلكه شخص جاهلي، وفسروا مرادهم بالجاهلي أنه غير المسلم والذمي، فيشمل من كان قبل الإسلام ومن كان بعده. انظر: "منح الجليل شرح مختصر خليل" للشيخ عليش (2/ 81، ط. دار الفكر).
ويرى الشافعية أن الركاز عبارة عن دفين الجاهلية وأموالها من النقدين الذهب والفضة، وفسروا الجاهلية بأنها ما كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ويعتبر في كون الدفين الجاهلي ركازًا أن لا يُعلم أن مالكه بلغته الدعوة، فإن علم أنها بلغته وعاند ووجد في بنائه أو بلده التي أنشأها كنز فليس بركاز، بل فيء. انظر: "مغني المحتاج" (2/ 103، ط. دار الكتب العلمية)، و"أسنى المطالب" (1/ 386، ط. دار الكتاب الإسلامي).
ويرى الحنابلة أن الركاز هو الكنز من دِفن الجاهلية، أو مَنْ تَقَدَّم مِنْ كفار في الجملة، عليه أو على بعضه علامة كفر. انظر: "مطالب أولي النهى" (1/ 426، ط. عالم الكتب). ولا يشترط فيه أن يكون من النقدين، بل يكون من أي نوع من المال قل أو كثر. انظر: "الإنصاف" (3/ 123، ط. دار إحياء التراث العربي).
الركاز يجب فيه الخمس؛ لما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ»، ولا يجب ذلك إلا على من تجب عليه الزكاة؛ لأنه زكاة.
وهذا الخمس يجب صرفه في مصرف الزكاة لا في مصرف الفيء؛ وذلك لما رواه ابن ماجه عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَيْسَ فِي الْمَالِ حَقٌّ سِوَى الزَّكَاةِ».
قال الإمام الماوردي في "الحاوي" (3/ 337، ط. دار الكتب العلمية): [فلما نفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما سوى الزكاة، وأثبت الزكاة، وكان في المعادن والركاز حق ثابت، علم أنه زكاة؛ لنفيه ما سواها، ولأن مال الفيء مأخوذ من مشرك على وجه الصغار والذلة، وهذا مأخوذ من مسلم على وجه القربة والطهرة، فلم يجز أن يجمع بينهما مع اختلاف أحكامهما وموجبهما] اهـ.
المفتى به أن انتقال ملكية الأرض من المالك الأول عند الفتح إلى المالك الحالي لا يستتبع انتقال ملكية الركاز المدفون في الأرض ما لم يكن المالك الحالي أحد ورثة المالك الأول، وإذا عُدِم انتقال ملكية الركاز للمالك الحالي مع التأكد من تعذر الوصول إلى المالك الأول وورثته فمِن ثَمَّ يكون ذلك الركاز مملوكًا لعموم المسلمين أو لبيت المال ويصير لقطة يجب ردها إليه.
ولو كان هناك قانون ينظم الأمر على وجه يراعي المصالح العامة في ذلك فلا بد من العمل به؛ لأن القاعدة الشرعية أن "تصرف ولي الأمر على الرعية منوط بالمصلحة". انظر: "الأشباه والنظائر" للسيوطي (ص: 121، ط. دار الكتب العلمية).
والركاز هذا قد يكون من الأموال التي يتضرر مجموع الأمة لو اقتصر تملكها على بعضهم وتصرف فيها بما لا يحقق المصلحة العامة، فمثلها في ذلك كالماء العِدّ -وهو الماء الدائم الذي لا انقطاع له؛ كماء العيون- والمعادن وما لا يستغنى عنه؛ لما لها من قيم تاريخية وحضارية وعلمية واقتصادية تصب جميعها في مصلحة المجتمع ونمائه وتقدمه.
وقد روى أبو داود وغيره عن أبْيَضَ بن حَمَّالٍ رضي الله عنه أنه وفَدَ إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم، فاستقطَعَه المِلحَ الذي بمأرِبَ، فقطعه له، فلما أن وَلَّى قال رجلٌ من المجلِس: أتدري ما قطعتَ له؟ إنما قطعتَ له الماء العِدَّ، قال: فانتُزِع منه.
اعتبر القانون المصري الآثار التي يعثر عليها في أرض مصر من الأموال العامة التي لا يجوز للفرد تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها بغير تصريح من الدولة، سواء عثر عليها في أرض تملكها الدولة أو يملكها الأفراد.
جاء في المادة (6) من القانون المذكور: [على أن جميع الآثار تعتبر من الأموال العامة -عدا ما كان وقفًا-، ولا يجوز تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في هذا القانون والقرارات المنفذة له] اهـ.
وجاء في المادة (24) منه أنه: [على كل من يعثر مصادفة على أثر منقول، أو يعثر على جزء أو أجزاء من أثر ثابت فيما يتواجد به من مكان، أن يخطر بذلك أقرب سلطة إدارية خلال ثمان وأربعين ساعة من العثور عليه، وأن يحافظ عليه حتى تتسلمه السلطة المختصة، وإلا اعْتُبِرَ حائزًا لأثر بدون ترخيص، وعلى السلطة المذكورة إخطار الهيئة بذلك فورًا، ويصبح الأثر ملكًا للدولة، وللهيئة إذا قدرت أهمية الأثر أن تمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة المختصة] اهـ.
عليه: فالأصل أن الركاز يجب فيه الخمس؛ وهذا الخمس يجب صرفه في مصرف الزكاة لا في مصرف الفيء.
ولكن لو كان هناك قانون ينظم الأمر على وجه يراعي المصالح العامة في ذلك فيجب العمل به؛ فلو كان الركاز من جملة الآثار التي يعثر عليها في أرض مصر فإنه يعتبر من الأموال العامة التي لا يجوز للفرد تملكها أو حيازتها أو التصرف فيها بغير تصريح من الدولة، سواء عثر عليها في أرض تملكها الدولة أو يملكها الأفراد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز تعجيل إخراج زكاة المال قبل حلول وقتها؟ وذلك لقضاء حاجة أحد الفقراء أو المحتاجين.
ما حكم الزكاة لصندوق تحيا مصر؟ حيث ورد إلى فضيلة الأستاذ الدكتور/ شوقي إبراهيم علام، مفتي جمهورية مصر العربية، تحية طيبة وبعد...
اسمحوا لي فضيلتكم بالتقدم بخالص الشكر والامتنان لمساندة فضيلتكم لصندوق تحيا مصر ولأعماله الاجتماعية والخيرية التي يهدف إلى تحقيقها.
وقد قمت فضيلتكم بشرح الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام، وكيف نظم الشرع الشريف كيفية أدائها، وأن الزكاة مشروعة لبناء الإنسان، ولكفاية حاجته، وما يتصل بأمور معيشته وحياته؛ كالزواج والتعليم وغير ذلك من ضرورات الحياة وحاجياتها، أي إنها للإنسان قبل البنيان وللساجد قبل المساجد.
لذلك يُرجَى من فضيلتكم التكرم بتوضيح الفتوى عن إمكانية اعتبار عناصر نشاط وأهداف صندوق تحيا مصر من أوجه وأبواب الزكاة والتي تتمثل في الآتي:
1) السكن: بناء بديل للعشوائيات، رفع كفاءة القرى، فرش المنازل الجديدة.
2) أطفال بلا مأوًى: بناء دور الرعاية والصرف عليها، تعليم الأطفال وتدريبهم بهدف إيجاد فرص عمل.
3) المشروعات الصغيرة والمتوسطة: مشروعات تمكين الشباب، مشروعات تمكين المرأة المعيلة.
4) برنامج رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة: يشمل البرنامج التدريب والتأهيل لفرص العمل المتاحة والتي تتناسب مع احتياجات السوق وإمكانات المواطن، هذا بالإضافة إلى الكشف والعلاج بالنسبة لفيروس C.
ونحن نشكر لفضيلتكم دائم دعمكم وتنويركم للجميع بالتعاليم والقيم الوسطية الأصيلة للإسلام.
وفقكم الله لما فيه رضاه. وتفضلوا بقبول بفائق الاحترام.
هل تستحق الزكاة على الذمم الدائنة؟ حيث إن شخصًا يمتلك عقارًا مؤجرًا، والمستأجر لا يدفع منذ ما يقارب الثلاث سنوات، والمستأجر مقر بالمبلغ، وسيسدد حسب توفر السيولة لديه، فما الحكم في ذلك؟
كان معي مبلغ من المال فقمت بتأسيس شركةٍ للتجارة في أجهزة الحاسب الآلي ومستلزماتِه، والآن مَرَّ عام على تأسيس هذه الشركة وأريد أن أخرج الزكاة عن هذه التجارة. فكيف يتم إخراج الزكاة عن هذا النشاط بالتفصيل، مع العلم بأن هناك مديونيات للشركة ومديونيات عليها، وهناك أيضًا بضاعة موجودة بالمخازن مع بداية تأسيس الشركة؟ فهل تدخل هذه المديونيات وهذه البضاعة في حساب الزكاة؟
ما حكم دفع الزكاة للسجناء الفقراء المفرج عنهم؟ ففي إطار اهتمام وزارة الداخلية بالجوانب الإنسانية في مجال رعاية أسر السجناء المفرج عنهم باعتبارهم ركائز إعادة التأهيل في برامج إصلاح السجناء فقد تساءلت بعض الهيئات والأفراد عمَّا إذا كانت المساعدات التي تقدم لأسر السجناء والمفرج عنهم الفقراء المعدمين تدخل ضمن زكاة المال من عدمه؟ ويطلب السائل الرأي في ذلك.
ما حكم إخراج الزكاة لتوفير فرص العمل للشباب، ومساعدةً لهم في تعليمهم، ودفعًا لقيمة الإيجار لمَنْ عجز عن دفعها، ومساعدةً لمَنْ أراد الزواج وهو عاجز عن تكاليفه بشراء مستلزماته؟ وما حكم إقراضهم بحيث يستثمر المقترض مبلغ القرض ويرده ولو على أقساط؟