حكم صلاة الغائب على المتوفى بالوباء

تاريخ الفتوى: 01 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5233
التصنيف: الجنائز
حكم صلاة الغائب على المتوفى بالوباء

هل يجوز صلاة الغائب على من مات بسبب وباء كورونا المستجد ولم يُصَلَّ عليه؟

لا يجوز شرعًا دفْنُ إنسانٍ مسلمٍ من غير صلاة الجنازة عليه بغير عذر، ويتأدَّى ذلك ولو بصلاة واحدٍ فقط، فإذا ثبت أنَّ في الصلاة عليه ضررًا على الحيّ؛ فإن الواجب الانتقال للصلاة عليه عند قبره بعد دفنه، ويجوزُ للغائبِ أن يصليَ عليه صلاة الغائب، وذلك كلُّه يجوز جماعةً وفرادى، والأولى أن يكون في جماعة.

المحتويات

 

حكم صلاة الجنازة على القبر عند الضرورة

نصَّ الفُقهاءُ على أنه إذا وُجدت ضرورةٌ تمنع من صلاة الجنازة على الميت فإنه يجوزُ في هذا الحال دفْنُه ثم الصلاة على قبره.
قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 315، ط. دار الكتب العلمية): [ولو دفن بعد الغسل قبل الصلاة عليه صُلي عليه في القبر ما لم يعلم أنه تفرق، وفي "الأمالي" عن أبي يوسف أنه قال: يُصلَّى عليه إلى ثلاثة أيام، هكذا ذكر ابن رستم عن محمد، أما قبل مضي ثلاثة أيام فلما رُوينا أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم صلَّى على قبر تلك المرأة، فلما جازت الصلاة على القبر بعد ما صُلي على الميت مرَّة، فلأن تجوز في موضع لم يصل عليه أصلًا أولى] اهـ.
وقال العلامة النفراوي المالكي في "الفواكه الدواني" (1/ 299، ط. دار الفكر): [(ومن دُفن) بعد الغسل (و) الحال أنه (لم يُصَلَّ عليه ووُرِيَ، فإنه يُصلَّى على قبره)، قال خليل: ولا يُصلَّى على قبر إلا أن يدفن بغيرها، فيصلي على القبر ظاهره ولو كان عدم الصلاة عمدًا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 249، ط. دار الفكر): [إذا دفن من غير صلاة قال أصحابنا.. يصلى على القبر] اهـ.
والأصلُ في جواز الصلاة على القبر فِعْلُه صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقد أخرج البخاري في "الصحيح" عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن امرأة -أو رجلًا- كانت تقمُّ المسجد -ولا أراه إلا امرأة-، فذكر حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "أنه صلى على قبرها".
وبنحوه أخرج الإمامُ مسلم في "الصحيح" عن الشعبي: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى على قبر بعدما دفن، فكبر عليه أربعًا" قال الشيباني: فقلت للشعبي: من حدثك بهذا؟ قال: الثقة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وقصة الحديث أن الرجل أو المرأة التي صلَّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبره أو قبرها كان قد سبقت الصلاة عليه من الصحابة رضوان الله عليهم، فإن جازت الصلاة لمن صُلي عليه، فإنه تجوز لمن لم يُصَلَّ عليه من باب أولى.
والصلاة على القبر تسقط فرض الصلاة والإثم مع وجود العذر لترك الصلاة عليه قبل دفنه؛ قال الإمام شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج" (2/ 486، ط. دار الفكر): [فلو دفن من غير صلاة أتم الدافنون والراضون بدفنه قبلها؛ لوجوب تقديمها عليه إن لم يكن ثَمَّ عذر، ويصلى على قبره؛ لأنه لا ينبش للصلاة عليه كما يؤخذ من قوله (وتصح بعده)، أي: بعد الدفن؛ للاتباع في خبر "الصحيحين"، بشرط أن لا يتقدم على القبر كما سيأتي في المسائلِ المنثورة، ويسقط الفرض بالصلاة على القبر على الصحيح] اهـ.

شروط صلاة الغائب

يجوز لمن لم يُصَلِّ على الميت صلاةَ الجنازة أو على قبره أن يصليَ عليه صلاةَ الغائبِ بشرطين:
أولهما: أن تبعد بلدة المتوفى عن بلد الصلاة عليه ولو كانت المسافة بين البلدين دون مسافة القصر، فإن كان المصلون والمتوفى في بلدة واحدة فلا تجوزُ الصلاةُ إلا بحضور المتوفى ولو كبرت البلدة، ولعل الأيسرَ اعتبارُ قُرْبِ البلدة وبعدها في عصرنا باعتبار الحدود بين المحافظات، ولا يشترط في الصلاة على الميت الغائب أن يكون الميت مستقبلًا للقبلة.
وثاني الشرطين: اعتبار الوقت، فالشافعيَّة يقيِّدون صحَّة الصلاة بمن كان من أهل فرضها وقت الموت، بأن كان مكلفًا مسلمًا طاهرًا؛ لأنه يؤدِّي فرضًا خُوطب به، بخلاف من لم يكن كذلك، وقيَّد الحنابلةُ الوقتَ بشهر من حين وفاته، وعلَّلوا بأنه لا يعلم بقاء الميت من غير تلاشٍ أكثر من ذلك. راجع: "نهاية المحتاج" (2/ 486)، و"شرح المنتهى" (1/ 363، ط. عالم الكتب).
والأصل في ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ نَعَى لِلنَّاسِ النَّجَاشِيَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى الْمُصَلَّى، وَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ".
ويقول الإمام النووي فيما يدلُّ عليه هذا الحديث في "شرح صحيح مسلم" (7/ 21، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه إثباتُ الصلاة على الميت، وأجمعوا على أنها فرضُ كفاية، والصحيحُ عند أصحابنا أن فرضها يسقط بصلاة رجل واحد، وقيل: يشترط اثنان، وقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة، وفيه أن تكبيراتِ الجنازة أربع، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور، وفيه دليلٌ للشافعي وموافقيه في الصلاة على الميت الغائب] اهـ.

كيفية أداء صلاة الغائب

صلاة الغائب كصلاة الجنازة؛ فيجوز أن تُصلَّى فرادى وجماعاتٍ، فصلاةُ الغائب أيضًا يجوزُ أن تصلى جماعة، وأن تصلى فرادى؛ فقد صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم بمفرده على أم سعد بن عبادة، فقد أخرج البيهقي في "السنن الكبرى" عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قيل له: لو صليت على أم سعد، فصلى عليها وقد أتى لها شهر، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم غائبًا".

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه لا يجوزُ دفْنُ إنسانٍ مسلمٍ من غير صلاة الجنازة عليه بغير عذر، ويتأدَّى ذلك ولو بصلاة واحدٍ فقط، فإذا ثبت أنَّ في الصلاة عليه ضررًا على الحيّ؛ فإن الحكم ينتقلُ لوجوب الصلاة عليه في قبره، ويجوزُ للغائبِ أن يصليَ عليه صلاة الغائب، وذلك كلُّه يجوز جماعةً وفرادى، والأولى أن يكون في جماعة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم إعطاء العمالة اليومية من الزكاة والصدقات في زمن الوباء؟ وذلك نظرًا لانتشار وباء فيروس كورونا، وطبقًا لإجراءات السلامة من الإصابة بالوباء، وأمام التعليمات الواضحة للدولة بالتزام حظر التجول للوقاية من العدوى، التزم الناس بيوتهم، وقلّلوا أعمالهم، وأُجّلوا مصالحهم، مما اضطر المواطنين العاملين بالأجور اليومية (العمالة اليومية والأرزقية) إلى الجلوس في البيوت، واشتدت أحوال كثير منهم حتى صاروا عُرضة لاستغلال المغرضين لهم ضد إجراءات الدولة الوقائية وتعليماتها الرسمية، ومثلهم أصحاب المشاريع متناهية الصغر، وذوي الدخول المحدودة.
فما واجب المجتمع تجاه هذا القطاع الواسع من المواطنين؟ وهل يجوز إعطاؤهم من أموال الزكاة إعانةً لهم على رعايةِ أسرهم وكفاية أهليهم، وسد حاجاتهم وحاجات ذويهم؟


ما حكم ترك تغسيل المتوفى بمرض مُعدٍ إذا قرر الأطباء أن العدوى تنتقل من خلال هذا إلى الحي؟


ما حكم ما يُسمى بـ( طلعة رجب ) لتوزيع الصدقات عند المقابر؟ علمًا بأنه يعتاد بعض المسلمين في بداية شهر رجب من كل عام زيارة المقابر فيما يعرف بـ "طلعة رجب" ويمكثون في المقابر يوزعون فيها الطعام والأموال على الفقراء والمحتاجين. فما حكم ذلك شرعًا؟


هل يعد الموت في الأماكن المقدسة كمكة والمدينة المنورة من علامات حسن الخاتمة؟


ما حكم الوظائف الحكومية في البلاد غير الإسلامية؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم المناصب الحكومية في داغستان، هل يجوز لواحدٍ من المسلمين أن يرشح نفسه ليكون رئيسًا لجمهورية داغستان -علمًا بأن %95 من السكان ينتسبون إلى الإسلام- أو وزيرًا من الوزراء، أو عضوًا في مجلس الشعب؟ وإذا رشح نفسه وصار واحدًا من المذكورين هل يُعتبر عميلًا للكفار لأنه يحمي وينفذ القانون الروسي، ويأمر ويحكم به؟
وما حكم شَغل المسلم لهذه المناصب في الحكومة المركزية الروسية في موسكو، هل له أن يكون منتخبًا في البرلمان الروسي، أو أن يعمل موظفًا حكوميًّا في روسيا وفي المجالات المختلفة؛ في الوزارات الداخلية والخارجية والاقتصادية وغيرها؟
وما حكم مشاركة المسلمين منا في الانتخابات العامة لاختيار رئيس روسيا الاتحادية، هل تعتبر هذه الانتخابات اختيارًا منا لتولية الكافر علينا، وإعطاءً للكافر الولاءَ، وماذا علينا أن نفعل إذا كان الحكم الشرعي كذلك فعلًا؛ والحال أننا إذا لم نُجر الانتخابات في القرية ولم نشارك فيها نهائيًّا نقع في مشاكل مع الحكومة، وفي ذات الوقت نخاف من الوقوع في الإثم إن شاركنا، وهناك من الشباب من لا يشاركون في الانتخابات ويفسِّقون أو يُكَفِّرون من شارَك، ولهم من يتبعهم في هذا الرأي، فما الحكم في ذلك؟
وهل يجوز لمسلمٍ أن يكون شرطيًّا أو يعمل في الأمن في بلدنا؟ فهناك مَن يقول بجواز قتل الشرطة ورجال الأمن والمخابرات، ولو كانوا يدَّعون الإسلام ويصلون ويصومون؛ لأن مجرد كونهم موظفين في البلد الذي هو تحت حكم الكفار يُحِلُّ دماءهم وأموالهم، ومن المعلوم أن روسيا تُنَصِّب علينا رئيسًا ووزراء وشرطة وغيرهم من أرباب المناصب والسلطات من غير المسلمين، إذا لم يَشْغَل أحدٌ مِن المسلمين هذه المناصب.


هل دخول الأفراد على الميت في غسله بدون وضوء جائز؟