حكم عمل مسحة (PCR) لاختبار كورونا في الصيام

تاريخ الفتوى: 26 مايو 2021 م
رقم الفتوى: 5439
التصنيف: الصحة
حكم عمل مسحة (PCR) لاختبار كورونا في الصيام

هل عمل مسحة (PCR) في نهار رمضان لمصاب كورونا أو المشتبه في إصابته، يُعدُّ مُفَطِّرًا، سواء كان عن طريق المسحة الأنفية أو المسحة الحلقية؟

عمل مسحة كورونا (PCR) في نهار رمضان لا يُفسد الصوم، ولا فرق في ذلك بين المسحة الأنفية أو المسحة الحلقية؛ لأن أداة الفحص التي تتم بها لا تصل إلى الجوف، ولو وصلت إلى الجوف فإنها لا تستقر فيه، ويبقى طرفها متصلًا بالخارج، وما كان كذلك فلا يُفَطِّر عند بعض الفقهاء. كما أن المسحة تدخل أيضًا تحت ما ذهب إليه جماعة من العلماء من أنَّ الصائم لا يفطر إلا بطعام أو شراب، أو بما ينماعُ ويُغَذِّي، فإذا دخل في فم الصائم شيءٌ لا يؤكل أو يشرب لم يفسد صومه، وإن وصل إلى جوفه.

المحتويات

بيان الأدلة الشرعية على استحباب اتِّخاذ كافة السبل المؤدّية إلى التداوي والعلاج

حفاظ الإنسان على نفسه من الأمراض مقصودٌ شرعيٌّ، ولذلك جاءت الأدلة الشرعية باتِّخاذ كافة السبل المؤدّية إلى التداوي والعلاج؛ أخذًا بأسباب النجاة، وعملًا بالسنن الكونية التي أودعها الله تعالى في هذه الحياة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» رواه الإمام البخاري في "الصحيح". وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه الإمام مسلم في "الصحيح".
وعن أسامة بن شريك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللهِ؛ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ مَعَهُ شِفَاءً» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والإمام البخاري في "الأدب المفرد"، وغيرهما.
قال الشيخ ابن القيم الحنبلي في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (4/ 9، ط. الرسالة): [فكان من هديه صلى الله عليه وآله وسلم فعل التداوي في نفسه، والأمر به لمن أصابه مرض من أهله وأصحابه] اهـ.
وقد أرشد الشرع الشريف إلى الرجوع في التداوي من الأمراض إلى الأطبَّـــاء لأنهم أهل الذكر والتخصص في هذا؛ فعن هلال بن يساف، قال: جُرِحَ رجلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «اُدْعُواْ لَهُ الطَّبِيبَ» فقال: يا رسول الله، هل يُغْنِي عنه الطبيب؟ قال: «نَعَمْ، إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّاَ أنْزَلَ مَعَهُ شِفَاءً».
وعن زيد بن أسلم أن رجلًا أصابه جرح، فاحتقن الدم، وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا له رجلين من بني أنْمَار فقال: «أيُكُمَا أَطَبُّ؟» فقال رجل: يا رسول الله، أو في الطبّ خيرٌ؟ فقال «إِنَّ الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاءَ أَنْزَلَ الدَّوَاءَ» أخرجهما ابن أبي شيبة في "مصنفه".

بيان كيفية عمل مسحة (PCR) لاختبار كورونا

من الأساليب التي اعتمدها الأطباء في الكشف عن مرض كورونا "كوفيد 19" أو الاشتباه في الإصابة به، كأحد الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشاره: عمل مسحة (PCR)؛ وذلك بأخذ عينة طبية صغيرة من أنسجة الغشاء المخاطي الأنفي أو الفموي، بغرض تحليلها واكتشاف نوع الِجين الفيروسي فيها، وذلك إما بالمسحة الأنفية القصيرة، أو المسحة الحلقية؛ بحيث يُدخِل الطبيب المختص عُودًا رفيعًا ومرنًا ذا طرفٍ قُطنيٍّ في الأنف، أو يفرد طرفه على امتداد الجزء الخلفي من الحلق.
وهذه الخطوة من الاختبارات هي أولى مراحل العلاج؛ لأن بها يعرف وجود الفيروس من عدمه، وكذلك حجمه ومدى خطورته، وعلى أساس ذلك يتم تحديد العلاج، والمسار الذي سيسلكه المُصاب، مما يجعله أمرًا مهمًّا في تداوي المريض من هذا الفيروس الوبائي.

بيان حكم عمل مسحة (PCR) لاختبار كورونا في الصيام


هذه الطريقة الاستباقية من التداوي لا يفطر الصائم بسببها -ولا فرق في ذلك بين المسحتين: الأنفية أو الحلقية-؛ وذلك لثلاثة أسباب:
الأول: أن كلًّا من الأنف والفم سبيل يحصل بالواصل منه الفطر، ويتعلق به التحريم، وأداة الفحص التي تدخل منهما لا تصل إلى الجوف، وما كان كذلك فلا يعتبر من المفطّرات؛ ولذلك فرق الفقهاء بين اليابس والرطب، بناءً على أن اليابس لا يتعدى إلى الباطن في العادة، بل ذهب بعضهم إلى أن اليابس لا يُفَطِّرُ وإن تعدَّى ووصل إلى الجوف.
قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (3/ 68، ط. دار المعرفة): [وأكثر مشايخنا رضي الله عنهم أن العبرة بالوصول، حتى إذا علم أن الدواء اليابس وصل إلى جوفه فسد صومه، وإن علم أن الرطب لم يصل إلى جوفه لا يفسد صومه عنده، إلا أنه ذكر اليابس والرطب بناء على العادة، فاليابس إنما يستعمل في الجراحة لاستمساك رأسها به فلا يتعدى إلى الباطن، والرطب يصل إلى الباطن عادة، فلهذا فرق بينهما] اهـ.
قال الإمام الدردير المالكي في "أقرب المسالك" (1/ 699، ط. دار المعارف): [وأما غير المائع: فلا يفطر إلا إذا وصل للمعدة من الفم. ولكن نقل الحطاب وغيره عن "التلقين": أن ما وصل للحلق مفطر مطلقًا؛ من مائع أو غيره] اهـ. قال مُحشِّيه العلامة الصاوي: [قوله: "ولكن نقل الحطاب" إلخ: والطريقة الأولى للبساطي وكثيرٍ من الشراح، وهي الأظهر] اهـ.
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (2/ 111، ط. دار المعرفة): [وما داوى به قُرْحَةٍ مِن رَطْبٍ أو يابس فخَلَصَ إلى جَوْفِهِ فَطَّرَه، إذا داوى وهو ذاكرٌ لصومِهِ عامدٌ لإدخالِهِ في جوفِهِ، وقال بعض الناس: يُفطِّره الرّطب ولا يُفطِّره اليابسُ] اهـ.
الثاني: أن هذه الأداة لا تستقر داخل الجوف، وقد نصَّ بعض الفقهاء على أن استقرار الداخل في الجوف شرطُ فسادِ الصوم:
قال العلامة السمرقندي في "تحفة الفقهاء" (1/ 355، ط. دار الكتب العلمية): [فَأَما إِذا طُعِن بِرُمْح ثمَّ أخرجه من سَاعَته لَا يفْسد صَوْمه لِأَنَّهُ لم يسْتَقرّ فِي مَحل الطَّعَام، وَلِهَذَا قَالُوا: إِن من ابتلع لَحْمًا مربوطًا على خيط ثمَّ انتزع من سَاعَته لَا يفْسد صَوْمه؛ لِأَنَّهُ لم يسْتَقرّ فِي مَحَله حَتَّى يعْمل عمله فِي دفع الْجُوع] اهـ.
وقال الإمام الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 93، ط. دار الكتب العلمية): [وهذا يدل على أن استقرار الداخل في الجوف شرطُ فسادِ الصوم] اهـ.
الثالث: أن هذه الأداة المستخدمة للاختبار، وإن دخلت إلى الجوف فإنها لا تنفصل، أي يبقى شيء منها في الخارج:
قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (3/ 98): [لو ابتلع خيطًا، فإن بقي أحد الجانبين بيده: لم يفسد صومه، وإن لم يبق: فسد صومه] اهـ.
وقال العلامة ابن نُجيم في "البحر الرائق" (2/ 300، ط. دار الكتاب الإسلامي): [ولو شدّ الطعامَ بخيطٍ وأرسله في حلقه وطرفُ الخيطِ في يده لا يفسد الصوم، إلا إذا انفصَل] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (2/ 397، ط. دار الفكر): [(قوله: وإن غيَّبَه) أي غيَّب الطرفَ أو العود؛ بحيث لم يبق منه شيء في الخارج، (وكذا لو ابتلع خشبة)، أي: عودًا من خشب، إن غاب في حلقه: أفطر، وإلا: فلا، (قوله: مفاده)، أي: مفاد ما ذُكِرَ متنًا وشرحًا، وهو أن ما دخل في الجوف، إن غاب فيه فسد، وهو المراد بالاستقرار، وإن لم يغب بل بقي طرف منه في الخارج أو كان متصلًا بشيء خارج: لا يفسد لعدم استقراره] اهـ.
وعلى ذلك جرى قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة؛ حيث قرَّر في دورته العاشرة برقم 93 (1/ 10) لسنة 1997م: [أنَّ إدخال جسم من منظار أو الأنابيب التي تستخدم للتصوير أو لإجراء عملية جراحية لا تفطر الصائم] اهـ.
وقد نص جماعة من العلماء على أن الصائم لا يفطر إلا بطعام أو شراب، أو بما ينماعُ ويُغَذِّي، وما عدا ذلك لا يفسد به الصوم.
قال العلامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 385، ط. دار الكتب العلمية): [وفي "البَقَّالِي": إذا أمسك في فمه شيئًا لا يؤكل، فوصل إلى جوفه لا يفسد صومه] اهـ.
وقال القاضي عبد الوهاب المالكي في "الإشراف على نكت مسائل الخلاف" (1/ 438، ط. دار ابن حزم): [ومن أصحابنا من يقول: لا يحصل الفطر إلا بما يَنْماعُ ويغذي، وهو قول قوم من المتقدمين] اهـ.
وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (3/ 456، ط. دار الكتب العلمية): [قال الحسن بن صالح بن حي الكوفي: لا يفطر إلا بطعام أو شراب، وبه قال أبو طلحة في البرد؛ لأنه ليس بمطعومٍ ولا مشروبٍ] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك: فعمل مسحة (PCR) هو إجراء يتخذه الأطباء في الكشف عن مريض كورونا أو المشتبه في إصابته بالفيروس، كأحد الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار الفيروس، وهذه الخطوة من الاختبارات هي أولى مراحل العلاج؛ لأن بها يعرف وجود الفيروس من عدمه، وكذلك حجمه ومدى خطورته، والذي على أساسه يتم تحديد العلاج، والمسار الذي سيسلكه المُصاب، مما يجعله مطلوبَ الإجراء لمن يُشتبَه في إصابته بالوباء.
وعمل مسحة كورونا في نهار رمضان لا يُفسد الصوم؛ لأن أداة الفحص التي تتم بها لا تصل إلى الجوف، ولو وصلت فهي لا تستقر فيه، ويبقى طرفها متصلًا بالخارج، وما كان كذلك فلا يُفَطِّر عند بعض الفقهاء، ولا فرق بين المسحة الأنفية أو المسحة الحلقية. كما أن المسحة تدخل أيضًا تحت ما ذهب إليه جماعة من العلماء من أنَّ الصائم لا يفطر إلا بطعام أو شراب، أو بما ينماعُ ويُغَذِّي، فإذا دخل في فم الصائم شيءٌ لا يؤكل أو يشرب لم يفسد صومه، وإن وصل إلى جوفه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم أداء الحج نافلة نيابة عن الغير العاجز عنه؟ فأحد أقاربي كبيرٌ في السن، وقد أدى فريضة الحج، ويرغب في التطوع بالحج لكنه لا يقدر أن يحج بنفسه بسبب كبر سنه ومرضه، فهل يجوز له أن يُوكّل غيره ليحج عنه تطوعًا؟


ما حكم ترقيع الجلد التالف للإنسان الحي بجلد الميت؟ حيث تعرضتُ لحادث تسبب في تهتك وتشوه أجزاء كبيرة من جلدي وفي أماكن متفرقة، ولشدة التهتك وعمقه يصعب تجدُّد الجلد في هذه الأماكن مرة أخرى؛ بسبب تلف الخلايا التي تعمل على تجدُّده، وذلك مما يعرضني  لمشاكل صحية ومخاطر كبيرة؛ خاصة أنه قد وصل هذا التهتك إلى الأوعية الدموية والعضلات، إضافة إلى الضرر النفسي الذي يصيبني حال رؤية هذا التشوه في جسدي، وقد قال لي الطبيب المعالج إنه لا وسيلة للتداوي من هذا التهتك والتشوه، إلا بزراعة طبقة من الجلد تغطي الجزء المصاب، وبعد إجراء فحوصات عديدة تبين أنه لن يتناسب معي إلا زراعة جلد بشري مناسب لطبيعة جلدي حتى تغلب نسبة نجاح هذه الزراعة، ويتعذر مع ذلك أخذ ذلك الجلد مني لكبر وتعدد الأماكن المصابة، إضافة لسوء حالتي الصحية التي لا تسمح بمزيد من الجروح والآلام، فهل يجوز لي في هذه الحالة الانتفاع بجلد مَن مات حديثًا خاصة من الأشخاص الذين يبيحون التبرع بأعضائهم بعد وفاتهم؟


ما الرأي الشرعي فيما يأتي:
أولًا: هل يستحق المريض عقليًّا الذي لا يستطيع الحصول على حقوقه شيئًا من الزكاة؟
ثانيًا: إذا وُجد طفل معاق في أسرة غنية، ولكنه محروم من حقوقه ومن الإنفاق عليه لرعايته وعلاجه. فهل يُصرَف له من الزكاة؟
ثالثًا: هل يجوز صرف الزكاة في شراء الأجهزة الطبية لذوي الهمم، وتوفير سيارة لنقلهم من منازلهم للمؤسسات التي ترعاهم؟



سائل يسأل عن مدى إلزام الآباء بالرعاية الصحية لأبنائهم؟ وما حكم الإهمال في التطعيمات التي تُقدِّمها وزارة الصحة للأطفال؟ وهل يجب الالتزام بالتعليمات الصادرة عن وزارة الصحة في هذا الشأن؟


هل يجب الوضوء قبل مس المصحف مطلقًا؟ أو قبل القراءة فقط؟