حكم التحايل على الدعم الحكومي من أصحاب المخابز

تاريخ الفتوى: 18 مايو 2014 م
رقم الفتوى: 5617
التصنيف: البغاة
حكم التحايل على الدعم الحكومي من أصحاب المخابز

ماحكم التحايل على الدعم الحكومي من أصحاب المخابز؟ حيث تقوم منظومة دعم الخبز الجديدة على اعتماد الكارت الذكي، فمن المقرر في بعض القرى في السلع التموينية أنَّ المواطن إما أن يأخذ دقيقًا من المستودع الخاص لتوزيع الدقيق أو أن يصرف خبزًا من المخبز.
لكن بعض أصحاب المخابز يقوم بالتحايل وإعطاء المواطن جزءًا من الدقيق غيرَ مخبوزٍ، في مقابل أن يأخذ الكارت ويستخدمه طوال الشهر، وذلك يجعله لا يخبز الدقيق، فيوفِّر عليه العمالة والغاز، مع أن الحكومة تعطيه فرق الغاز، ولا تستطيع الحكومة إثبات أنه مخالف؛ لأنه يضع الكارت الذكي، فهل هذه المعاملة حلالٌ أو حرام؟

تحايلُ أصحاب المخابز بإعطاء الدقيقِ غيرَ مخبوزٍ إلى المواطن بغرض الاستفادة من فرق التكلفة- أمرٌ محرّمٌ شرعًا، ويُعَدُّ استيلاءً على المال العام، وأكلًا لأموال الناس بالباطل، وخيانةً للأمانة، وتجاوزًا لما قرره وليُّ الأمر، وتضييعًا للحقوق، وكل واحدةٍ منها مِن كبائر الذنوب.
وعلى المسؤولين القائمين على توزيع الدقيق والموكول إليهم هذا الأمر أن يقوموا بواجبهم، وإعطاء الحق لأهله؛ فهم مستأمَنُون على عملهم، ولا يجوز لهم التفريط فيه، وعلى المستحقون للسلع التنبهُ إلى ما لهم من حقوق؛ حتى لا يأكلها أهل الجشع بالباطل.

المحتويات

 

حكم التحايل على الدعم الحكومي من أصحاب المخابز

الـخُبْزُ مِن السلع الأساسية التي تدعمها الدولة وتلتزم بتوفيرها وبيعها بثمنٍ مخفَّضٍ للمواطنين حتى لو ارتفعت أسعار التكلفة، وتتحمل الدولة أعباء ذلك مِن أجل أن تصل هذه السلع إلى شرائح المجتمع كافَّةً خاصة الفقراء منهم؛ باعتبارها من أساسيات العيش، ولِتَضَعَ بذلك حَدًّا للتلاعب بأقوات الناس الأساسية، وهي أيضًا طريقةٌ مِن طُرُق سَدِّ حاجة محدودي الدخل ورفع مستواهم المادِّي بإيصال المال إليهم بصورةٍ غير مباشرةٍ، وهي صورة الدعم، وهذا كله مِن الواجبات الشرعية على الدول والمجتمعات تجاه مواطنيها، خاصةً محدودي الدخل مِنهم.

وما يقوم به بعض أصحاب المخابز مِن إعطاء الدقيقِ غيرَ مخبوزٍ إلى الجمهور -تحايلًا عليهم؛ بغرض الاستفادة من الفروق بينه وبين خبزه الأعلى تكلفة- يُعَدُّ استيلاءً على المال العام الذي يُسَمَّى في الشريعة مال الله؛ لأن لكل فردٍ مِن أفراد المجتمع فيه حقًّا ونصيبًا؛ وذلك لأن الدولة قد فوَّضتهم بعمل معين، وهو صناعة الدقيق وتوزيعه على مستحقيه خبزًا لا دقيقًا، فإذا باعوه دقيقًا أدَّى ذلك إلى الحيلولة دون وصول الدعم بصورته التي حددته الدولة إلى مستحقيه مِن المواطنين خاصةً البسطاء ومحدودي الدخل، وكل ذلك يُعَدُّ اعتداءً على أموال الناس بالباطل، وبغيًا وإفسادًا في الأرض، وإيقاعًا للمحتاجين في الحرج والمشقة بالاستيلاء على حقوقهم ومَنْعِهِم مِن الوصول إليها؛ وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [النساء: 29]، ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَليْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا» رواه الشيخان عن أبي بَكرةَ رضي الله عنه.
وما يقومون به أيضًا يُعَدُّ شرعًا خيانةً للأمانة التي ائتمنهم عليها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وائتمنهم عليها المجتمعُ الذي عاشوا في ظِلَالِه، ولم يحافظوا على ماله، وأَكَلُوا مِن خَيْرِه، ثم سَعَوْا في ضَيْرِه؛ فَهُم داخِلون في قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ﴾ [الأنفال: 58].

بيان مخاطر هذه المعاملة على الفرد والمجتمع والمال العام

كما أن في فعلهم ذلك تبديدًا للمال العام؛ لأنهم مُستَأمَنُون على توصيل هذه السلع المدعومة للمواطنين بصورتها التي حددتها الدولة ليحصلوا عليها مِن غير عناء، وهم بتفريطهم في هذه الأمانة وعدم توصيلها لمستحقيها في صورتها المطلوبة -وهي الخبز- يزيدون من الظلم والبغي والاستيلاء على حقوق الناس، وناهيك بذلك ذَنْبًا وجُرْمًا؛ فَهُم مرتكبون بذلك لهذه الكبائر مِن الذنوب التي لا طاقة للإنسان بأحدها، فضلًا عن أن تتراكم عليه أحمالها، كما أن في فعلهم هذا مخالفةً لوليِّ الأمر الذي أمر اللهُ تعالى بطاعته ما لم يأمر بمعصيةٍ؛ فقال تعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59].
واستيلاء هؤلاء الجشعين على الفروق بين خَبزِ الدقيق وبيعه غيرَ مخبوز: يفتح عليهم مِن الإثم أبوابًا كثيرة؛ حيث افتأتوا على ولي الأمر، واستولوا على المال العام، وانطبق عليهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ المسلمين لِيُغْلِيَهُ علَيهِم، فَإِنَّ حَقًّا على الله أَن يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِن النَّارِ يومَ القِيَامَةِ» رواه الإمام أحمد في المسند عن معقل بن يسار رضي الله عنه.
ومثل هذه التصرفات سببٌ في انتشار الحِقد والكراهية وتَفَكُّكِ المجتمع وانهيار العلاقات بين الأفراد، ويَترتب عليها العديدُ مِن المُشكِلات الاقتصادية والاجتماعية؛ كالبطالة والتضخم والكساد والرشوة والمحسوبية والنفاق والسرقة والغش.
وعلى العاملين في المستودعات المنوطين بتوزيع الدقيق أن يحرصوا على تسليمه إلى مستحقيه دون تَوَانٍ؛ فقد روى الإمام أبو داود في سننه عَنْ أَبِي مريم الأزدي رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ وَفَاقَتِهِمْ وَفَقْرِهِمُ احْتَجَبَ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَفَقْرِهِ وَفَاقِتِهِ».
وهذا العمل أمانة استأمنهم ولي الأمر عليها، وهي إيصال هذه السلع إلى مستحقيها، وفي عدم القيام بذلك خيانةٌ للأمانة، وقد حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من خيانة الأمانة؛ لِمَا روى أبو داود في "السنن"، والترمذي في "الجامع" وحسَّنه، والحاكم في "المستدرك" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ».
وعلى المستحقين لهذه السلع أن يتنبهوا إلى معرفة حقهم فيها، وأن يحرصوا على الحصول عليه؛ كيلا يكون لقمة سائغة لهؤلاء الجشعين، فتضيع الحقوق على أصحابها، وعليهم أن لا يساهموا في مساعدة أصحاب المخابز بإعطائهم الكارت وترك أخذ الحق؛ لكيلا يقوم هؤلاء بأخذ ما في الكارت من نقاط الدعم التي يستحقها صاحبها على مدار الشهر.

الخلاصة

بِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما يفعله بعض أصحاب المخابز مِن إعطاء الدقيقِ غيرَ مخبوزٍ إلى الجمهور -تحايلًا عليهم؛ بغرض الاستفادة من الفروق بينه وبين خبزه الأعلى تكلفة- يُعَدُّ استيلاءً على المال العام، وأكلًا لأموال الناس بالباطل، وخيانةً للأمانة وافتياتًا على ولي الأمر، وتضييعًا للحقوق، وكل واحدةٍ منها مِن كبائر الذنوب.
وعلى العاملين بالمستودعات المنوط إليهم توزيعُ الدقيق أن يقوموا بواجبهم في توزيع الدقيق على مستحقيه، وإعطاء الحق لأهله، فهم مستأمنون على عمل يأخذون عليه أجرًا، ولا يجوز لهم التفريط فيه.
أما المستحقون للسلع فعليهم التنبه إلى ما لهم من حقوق؛ حتى لا يأكلها أهل الجشع بالباطل.
وعلى كل قادر أن يقوم بواجبه في النهي عن المنكر؛ بالنصح لِمَن يَنتصح منهم، أو السعي في منع ظلمهم بتبليغ الجهات المسؤولة لتقوم بواجبها في إيقافهم عن غَيِّهِم وبَغْيِهِم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تخريب المرافق العامة للدولة؟ ففي ظل النهضة العمرانية التي تشهدها مصر في الفترة الحالية؛ يقوم بعض الأشخاص بالاعتداء تخريبًا على المرافق العامة، لا سيما الطرق والمحاور الجديدة التي تنشئها الدولة. فما حكم الشرع في ذلك؟


ما حكم الشرع في القيام بالأعمال التي تعطل مسيرة العمل والإنتاج؟ حيث ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الدعوات الهدامة التي تدعو إلى تعطيل مسيرة العمل والإنتاج نكايةً في الدولة ولتحقيق مآرب شخصية.


ما حكم قيام بعض الناس بتطبيق الحدود والعقوبات على غيرهم بدعوى مخالفة الشريعة؟ وما حكم قيام طوائف الشعب بحماية المؤسسات العامة بدلًا من الجهات المختصة؟


ما حكم تحويل دار لتحفيظ القرآن الكريم إلى محلات تجارية؟ فقد تم جمع تبرعات لإقامة دار لتحفيظ القرآن الكريم، وبعد إقامتها قام المسؤول عنها بتحويلها إلى محلّات تجارية؛ لأغراض استثمارية. فما حكم الشرع الشريف في ذلك؟


ما قولكم دام فضلكم في الرد على داعش في سبي النساء؟ فقد جاء الطلب من رئيس اتحاد علماء الدين الإسلامي في كردستان العراق، بالآتي:
يهديكم اتحاد علماء الدين الإسلامي في كردستان أسمى عبارات التقدير والاحترام، ويتمنى أن تكونوا في خير دائم ومزيد من التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة.
لا يخفى على سماحتكم ما قام به الفئة الضالة المنحرفة (داعش) وما ارتكبه من جرائم باسم الإسلام بحق الإنسانية، ومن تلك الجرائم: سبيُ النساء؛ حيث قام ببيع بنات ونساء المسيحيات والإيزيديات بثمن بخس دراهم معدودة، على مرأًى ومسمع من الناس، وكان لهذا العمل الإجرامي الأثر السيئ في المجتمع الكردستاني، مما سبَّب آثارًا نفسية على اللواتي وقعن ضحية هذا العمل القذر، وهناك الكثير من بنات ونساء المسيحيات والإيزيديات باقيات في قبضة (داعش)؛ يُتاجَر بهنَّ بين الدواعش.
ونظرًا للمكانة الكبيرة التي تحظى بها سماحتكم ودار الإفتاء المصرية في العالم الإسلامي نرى من الضرورة التفضل بإصدار فتوى تبين تجريم وتحريم السبي؛ من أجل أن يكون العالم الإسلامي على بصيرة لما حدث لهؤلاء الضحايا من جرائم باسم الإسلام والإسلام بريء من هذه الأفعال، وتكون الفتوى مشجعة لإطلاق سراح النساء اللواتي ما زلن في قبضة من يرى أن عمله يستند إلى أصول شرعية. ونرفق إلى سماحتكم نماذج من وثائق تثبت ارتكابهم هذه الجريمة النكراء.
نسأله تعالى العون في الأمور، وأن يوفقنا جميعًا لمحاربة هذا الفكر التكفيري المنحرف الضال، كما نتمنى لسماحتكم ولدار الإفتاء المصرية المزيد من التقدم والرقي لخدمة أمتنا الإسلامية، إنه سميع مجيب.


ماحكم التحايل على الدعم الحكومي من أصحاب المخابز؟ حيث تقوم منظومة دعم الخبز الجديدة على اعتماد الكارت الذكي، فمن المقرر في بعض القرى في السلع التموينية أنَّ المواطن إما أن يأخذ دقيقًا من المستودع الخاص لتوزيع الدقيق أو أن يصرف خبزًا من المخبز.
لكن بعض أصحاب المخابز يقوم بالتحايل وإعطاء المواطن جزءًا من الدقيق غيرَ مخبوزٍ، في مقابل أن يأخذ الكارت ويستخدمه طوال الشهر، وذلك يجعله لا يخبز الدقيق، فيوفِّر عليه العمالة والغاز، مع أن الحكومة تعطيه فرق الغاز، ولا تستطيع الحكومة إثبات أنه مخالف؛ لأنه يضع الكارت الذكي، فهل هذه المعاملة حلالٌ أو حرام؟