ما حكم الصلاة على السُّقْط؟
جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية أن السُّقْط -وهو ما تضعه المرأة قبل تمام مدة حمله- إذا عُلمت منه أمارات الحياة بأن حصل منه ما يدل على هذه الحياة مِن رفع صوتٍ أو تحريك عضو من أعضائه فإنه يُصَلَّى عليه، وأما الذي لم تظهر عليه أمارة من أمارات الحياة فلا يُصَلَّى عليه.
السُّقْط هو: الولد الذي تضعُهُ المرأة ميتًا، أو قبل تمام أشهره ولم يستهلّ. ينظر: "المصباح المنير" لأبي العباس الفيومي، (1/ 280، ط. المكتبة العلمية).
والطفل إذا عُرِفت حياته واستهلَّ بعد ولادته –وذلك بظهور علامات الحياة عليه؛ كأن يَرْفَع صوته أو يُحرِّك عضوًا من أعضائه-؛ فصلاةُ الجنازة عليه واجبةٌ باتفاق. ينظر: "العناية" لأكمل الدين البابرتي (2/ 130، ط. دار الفكر)، و"الشرح الكبير" للدردير (1/ 407، ط. دار الفكر)، و"نهاية المحتاج" للرملي (2/ 496، ط. دار الفكر)، و"المغني" لابن قدامة (2/ 389، ط. مكتبة القاهرة).
ولا فَرْق في هذه الحالة بينه وبين الكبير، فهي –أي: صلاة الجنازة- حقٌّ للمسلم على أخيه المسلم وإن كان الميت طفلًا صغيرًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ» متفق عليه.
فالنصُّ ظاهر الدلالة في كون الصلاة على الميت حق للمسلم؛ قال ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 113، ط. دار المعرفة): [معنى الحق هنا الوجوب.. والمراد به هنا وجوب الكفاية] اهـ.
وأمَّا إذا لم تُعْلَم حياة الطفل المولود –وهو المراد بالسُّقْط- كما مَرَّ؛ فقد اختلف الفقهاء في حكم الصلاة عليه، فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في الأظهر إلى أنَّه لا يُصَلَّى عليه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الطفلُ لا يُصَلَّى عَلَيهِ ولا يَرِثُ ولا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهَلَّ» رواه الترمذي في "سننه".
فالحديث يدلّ دلالةً واضحةً على أنَّ السُّقْط لا يُصَلَّى عليه؛ لجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم العلم بحياته حال نزوله شرطًا للصلاة عليه، والسُّقْط لَا يعلم أَنَّه خلقت الْحَيَاة فِيهِ أم لَا فَلم يعلم بِموته، ومن ثَمَّ لا يُصَلَّى عليه.
قال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (1/ 243، ط. المطبعة الكبرى الأميرية): [(ومَن استهلَّ صُلِّي عليه)، والاستهلال أن يكون منه ما يدل على حياته من رفع صوت أو حركة عضو، وحكمه: أَنْ يُغَسَّل ويُسَمَّى ويُصَلَّى عليه ويَرِث ويُورث.. وإن لم يستهلّ لا يُصَلَّى عليه إلحاقًا له بالجُزْء] اهـ.
وقال العلامة الدردير في "الشرح الكبير" (1/ 407-408، ط. دار الفكر): [(فَصلٌ) ذَكَر –أي: الماتن الشيخ خليل- فيه أحكام الموتى (في وجوب غُسْل الميت) المسلم ولو حُكْمًا المتقدم له استقرار حياة، وليس بشهيد معترك، الموجود ولو جُلَّه، لا كافرٍ وسُقْطٍ لم يستهل.. ومَنْ لا يُغَسَّل لفقدِ وصفٍ من الأوصاف الأربعة المتقدمة لا يُصَلَّى عليه] اهـ.
وقال الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (2/ 33، ط. دار الكتب العلمية): [(والسُّقْط).. (إن) علمت حياته بأن (استهلّ)؛ أي: صاح (أو بكى).. (ككبير) فيُغَسَّل، ويُكفَّن، ويُصَلَّى عليه، ويُدْفَن؛ لتيقّن موته بعد حياته، (وإلَّا) أي: وإن لم يستهلّ، أو لم يَبْك (فإن ظهرت أمارة الحياة كاختلاج) أو تحرّك (صُلِّي عليه في الأظهر).. (وإن لم تظهر) أمارة الحياة (ولم يبلغ أربعة أشهر)؛ أي: لم يظهر خلقه (لم يصلّ عليه) قطعًا لعدم الأمارة.. (وكذا إن بلغها)؛ أي: أربعة أشهر؛ أي: مائة وعشرين يومًا حد نفخ الروح فيه عادة؛ أي: وظهر خلقه لا يُصلَّى عليه وجوبًا ولا جوازًا (في الأظهر) لعدم ظهور حياته] اهـ.
وذهب الحنابلة في المعتمد من مذهبهم إلى أنَّه يُصلَّى على السُّقْط إذا وضعته أمّه وله أربعة أشهر، سواء استهلَّ أم لا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «والسُّقْط يُصَلَّى عليه، ويُدْعى لوالديه بالمغفرة والرحمة» رواه أبو داود في "سننه".
قال العلامة البُهُوتي في "كشاف القناع" (2/ 101، ط. دار الكتب العلمية): [(وإذا ولد السُّقْط لأكثر من أربعة أشهر)؛ أي: لأربعة أشهر فأكثر (غُسِّل وصُلِّي عليه)، نَصَّ عليه في رواية حَرْب] اهـ.
لكن يرِدُ على ما استدلّ به الحنابلة بأنَّ الحديث مُعارَض بما رواه الحاكم بسنده عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ، وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ»، وبما رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: «الطِّفْلُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ، وَلَا يُورَثُ حَتَّى يَسْتَهِلَّ».
كما أنَّه يمكن العمل بالدليلين هنا، وهو -أي: العمل بالدليلين- أولى من إهمال أحدهما؛ ووجه الجمع: أَنَّ السُّقْط يُصَلَّى عليه ويُدْعى لوالديه إذا استهل، ولا يُصَلَّى عليه إن لم يستهل.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ السُّقْط الذي يُصَلَّى عليه هو الذي عُلِمت حياته باستهلال؛ بأن يَحْصُل منه ما يدل على حياته مِن رفع صوتٍ أو حركةِ عضو من أعضائه، أمَّا السُّقْط الذي لم يستهل ولم تظهر عليه أمارة من أمارات الحياة، فلا يُصَلَّى عليه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم نقل الميت من قبر إلى آخر بسبب خلافات داخل الأسرة؟ حيث يقول السائل: تُوفِّي أخي منذ فترة، ودُفِن في مقابر الأسرة الكبيرة، وبعد مدة حدث خلاف بين أسرتنا الخاصة والأسرة الكبيرة؛ ولذلك قمت ببناء مقبرة جديدة خاصة لنا، وأريد نقل رفات أخي إلى المقبرة الجديدة منعًا للمشاكل؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم عمل استراحة عند القبر للجلوس فيها؟ فالجمعية الخيرية تمتلك حوشًا لدفن الموتى، وبه استراحة للزائرين، وأسفل الاستراحة مخزن، ويُراد استخدامه كعظَّامة. فهل يجوز استخدام المخزن كعظَّامة؟ أم توجد حرمة في وجود الزائرين على هذه الاستراحة عند الجلوس بها عند تحويل المخزن إلى عظَّامة أسفل الاستراحة؟
ما حكم تأخير دفن الميت للتطهير من فيروس كورونا؟ فأنا رجل مسلم أعمل في إحدى الدول الأوروبية، وقد اجتاح فيروس كورونا المنطقة التي أعمل بها، وقد توفي معنا شخص مسلم بهذا الفيروس الوبائي، ولكن فوجئنا بأن السلطات هنا لم توافق على خروجه لتغسيله ودفنه، وقرَّرت أن يمكث داخلَ ثلاجة المستشفى فترة من الوقت هي المدة التي يظلُّ فيها فيروس الكورونا داخلَ جسم المصاب، فما حكم الشرع في تأخيره عن الدفن هذه المدَّة، ومن المعلومِ في الشريعة الإسلامية أن إكرام الميت دفنه؟
ما حكم قراءة سورة الإخلاص على الجنازة قبل خروجها من المسجد؟ فأحيانًا بعد صلاة الجنازة في المسجد يكون هناك تزاحم على الأبواب، فينتظر أهل الميت بالجنازة حتى فراغ الأبواب أو اجتماع أهل الميت ومعارفه قبل أن يخرجوه من المسجد، ويقومون في هذا الوقت بقراءة سورة الإخلاص ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ بصوت مرتفع على الجنازة إلى أن ترفع، فهل في ذلك ما يأباه الشرع؟
كيف يتمّ غسل الشخص البالغ والطفل الصغير الذي لم يُخْتَن؟
ما حكم جمع الجنازات للصلاة عليها جملة واحدة؟ حيث إنه نظرًا لتزايد عدد الوفيات في مستشفيات العزل ونحوها؛ بما قد تزيدُ في بعض الأيام عن العشرة في مكانٍ واحد، ووضع كل جنازة على حدتها وتقديمها للصلاة عليها يسبِّب الكثير من التعب والمشقَّة للقائمين على ذلك، فهل يمكن الصلاة عليها مجتمعة؟ وهل هذا هو الأفضل من الناحية الشرعية، أم الأفضل الصلاة على كل جنازة على حدتها؟ ولفضيلتكم جزيل الشكر والتقدير.