المراد بيوم الشك المنهي عن صيامه

تاريخ الفتوى: 05 سبتمبر 2007 م
رقم الفتوى: 16795
التصنيف: الصوم
المراد بيوم الشك المنهي عن صيامه

ما المراد بيوم الشك الذي نهى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن صومه؟

الراجح عند جمهور العلماء أنَّ يومَ الشك هو يوم الثلاثين من شهر شعبان إذا تَحَدَّث الناس بالرؤية ولم تثبت، فإن لم يتحدَّث أحدٌ برؤية الهلال فليس يومَ شكٍّ.

المحتويات

 

الأحاديث الواردة في يوم الشك

هذه المسألة فيها ثلاثة أحاديث شريفة:
الأول: عن صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه، فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ فَقَالَ: كُلُوا، فَتَنَحَّى بَعْضُ الْقَوْمِ فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمَّارٌ: "مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وآله وسلم" رواه أبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم، قَال الترمذي: [حَدِيثُ عَمَّارٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ، وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ؛ كَرِهُوا أَنْ يَصُومَ الرَّجُلُ الْيَوْمَ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ، وَرَأَى أَكْثَرُهُمْ إِنْ صَامَهُ فَكَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمًا مَكَانَهُ] اهـ.
والثاني: حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ» رواه الجماعة، قال الترمذي: [حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ كَرِهُوا أَنْ يَتَعَجَّلَ الرَّجُلُ بِصِيَامٍ قَبْلَ دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ لِمَعْنَى رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يَصُومُ صَوْمًا فَوَافَقَ صِيَامُهُ ذَلِكَ فَلا بَأْسَ بِهِ عِنْدَهُمْ] اهـ.
والثالث: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا؛ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» متفق عليه.

اختلاف العلماء في تحديد يوم الشك

وبناء على ذلك: فقد اختلف العلماء في تحديد يوم الشك؛ فعند جمهور العلماء من الحنفية والشافعية: يوم الشك هو اليوم الثلاثون من شهر شعبان إذا تَحَدَّث الناس بالرؤية ولم تثبت، أو شهد بها من رُدَّت شهادتُه لفسقٍ ونحوه، فإن لم يتحدَّث بالرؤية أحدٌ فليس يومَ شكٍّ حتى لو كانت السماء مُغيمة؛ وذلك عملًا بظاهر قول عمار بن ياسر رضي الله عنه: "الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ" من غير التفات إلى وجود غيمٍ أو انتفائه.
أما المالكية فإنهم يجعلون مناط الشكّ هو الغيم، فلو كانت السماء مُصْحِيَة فليس يومَ شكٍّ؛ لأنه إن لم يُرَ الهلالُ كان من شعبان جزمًا، ويجعلون قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» تفسيرًا ليوم الشك، واعترض ذلك ابن عبد السلام من المالكية بأنَّ قوله عليه الصلاة والسلام: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» -أي: أكملوا عدة ما قبله ثلاثين يومًا- يدلُّ على أنَّ صبيحة الغيم من شعبان جزمًا.
ويقابلهم الحنابلة الذين يوافقون الجمهور، لكنهم يرون في ظاهر المذهب عندهم أنَّ وجود الغيم ينفي كونَه يومَ شكٍّ؛ لأنه حينئذٍ يُعَدُّ من رمضان، ويجعلون قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلالَ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». مَسُوقًا لبيان التفرقة بين حكم الصحو والغيم؛ فإذا كانت رؤية الهلال شرطًا للصوم في الصحو فالمغايرة تقتضي عدم كون الرؤية شرطًا في الغيم، ومعنى «فَاقْدُرُوا لَهُ» عندهم؛ أي: فضيِّقوا له وقدِّروه تحت السحاب؛ عملًا بمذهب راوي الحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في ذلك.

تفسير قوله عليه السلام: «فَاقْدُرُوا لَه»

توارُدُ رواياتِ الحديث الصحيحة الصريحة على تفسير «فَاقْدُرُوا لَه» بإكمال عدة شعبان ثلاثين يُرَجِّحُ مذهبَ الجمهور في ذلك؛ حملًا للمُطْلَق على الـمُقَيَّد، والسُّنَّة هي أَوْلى ما تُبَيَّنُ به السُّنَّة؛ ولذلك اختار كثيرٌ من محققي الحنابلة والمالكية مذهب الجمهور، قال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 270، ط. دار الفكر): [فالصواب ما قاله الجمهور، وما سواه فاسد مردود بصرائح الأحاديث السابقة] اهـ.

أهم ما صُنف في المراد بيوم الشك

قد صنف بعض العلماء في تحديد يوم الشك، كما فعل مفتي مكة المكرمة العلامة الشيخ إبراهيم بن حسين بن بيري الحنفي [ت: 1099هـ] في رسالته التي سَمَّاها "إزالة الضنك في المراد من يوم الشك".

الخلاصة

وعليه: اختلف العلماء في تحديد يوم الشك، والراجح عند جمهور العلماء أنه يوم الثلاثين من شهر شعبان إذا تَحَدَّث الناس بالرؤية ولم تثبت.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الحكمة من إخفاء ليلة القدر؟ وهل لها علاماتها تُعرف بها؟


ما حكم الدعاء بالعتق من النار في شهر رمضان الكريم للأحياء والأموات؟ حيث يقنت إمام المسجد عندنا في شهر رمضان، ويقول في دعائه: «اللهم أعتق رقابنا ورقاب أمواتنا من النار»، فأنكر عليه أحد الناس هذا الدعاء؛ وذلك بحجة أنه لا توجد أحاديث صحيحة في السُّنَّة النبوية قد ذكرتْ أن الأحياء ولا الأموات يعتقون في رمضان، فما حكم الشرع في ذلك؟


هل يجوز صيام شهر رجب؟ لأن بعض الناس يذكرون أن تخصيص شهر رجب بالصيام بدعة محرمة، وأن الفقهاء الذين استحبوه -كالشافعية- مخطؤون، وهم قد استندوا في قولهم هذا لأحاديث ضعيفة وموضوعة، فهل هذا صحيح؟


ما حكم وضع العطر للصائم في نهار رمضان؟ ففي أحد أيام رمضان أستعد لصلاة العصر، وعندما أردت أن أضع العطر منعني صديقي وقال لي إنه يبطل الصيام، فهل هذا صحيح؟


هل يجوز صيام شهر المحرم كاملًا؟


كيف أقضي ما فات من صيام رمضان بسبب الحيض؟ لقد جاءتني الدورة الشهرية في سن 14 سنة وكنت أفطر لمدة سبعة أيام ولا أقضيها، فهل يجوز لي الآن أن أصوم هذه الأيام ولو كل أسبوع يومًا أو يومين؟ أرجو الإفادة عن الحكم الشرعي.