حكم الدفن في مقبرة علوية عند الضرورة

تاريخ الفتوى: 06 أغسطس 1995 م
رقم الفتوى: 6193
التصنيف: الجنائز
حكم الدفن في مقبرة علوية عند الضرورة

ما حكم الدفن في مقبرة عُلْوِية إذا ضاقت المقبرة السفلية، واضطُّر لبناء مقبرة فوقها؟

 

يجوز الدفن في المقبرة العُلْوِية المسؤول عنها إذا كانت هناك ضرورة لذلك؛ خاصة عند كثرة الموتى وقلة الأرض المخصصة للدفن، وذلك بشرط أن يتوفر فيها شروط القبر شرعًا من ستر جسد الميت، وحفظِ رائحته من الخروج بعد الدفن فتؤذي الأحياء. 

 

المحتويات

 

حكم دفن الميت وبيان طريقة الدفن الشرعي

دفن الميت فرض كفاية بالإجماع؛ لأنَّ في ترك الميت على وجه الأرض هتكًا لحرمته، ويتأذَّى الناس من رائحته، وعليه عمل الناس من لدن سيدنا آدم إلى يومنا هذا؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا ۝ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: 25-26]، والمعنى أي: جامعة للأحياء على ظهرها بالمساكن، والأموات في بطنها بالقبور.

وقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾ [عبس: 21]، أي أكرمه بدفنه في القبر. وأقلّه حفرة تواري الميت، وتمنع بعد ردمها ظهور رائحةً منه تؤذي الحي، ولا يتمكّن من نَبْشِها سبعٌ.

وأكمله اللَّحد، وهو حفرةٌ في جانب القبر جهة القبلة، يوضع فيها الميت، ونجعله كالبيت المسقف بنصب اللبن عليه، واللحدُ أفضل من الشقّ، إلا أن تكون الأرض رخوة يخاف منها انهيار اللَّحد، فيصار إلى الشق؛ وهو حفرة مستطيلة في وسط القبر تُبْنَى جوانبُها باللَّبِن أو غيره، ويُوضَعُ فيها الميت ويُسَقَّف عليه باللَّبِن أو الخشب أو غيرهما، ويُرفَعُ السقف قليلًا بحيث لا يمسّ الميت.

حكم عمل شق لدفن الميت في الأرض الصلبة

إذا كانت الأرض صلبةً فالدفن في الشق مكروه، وعليه يُحْمَلُ حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء حتى جلس على شفير القبر فقال: «أَلْحِدُوا وَلَا تَشُقُّوا؛ فَإِنَّ اللَّحْدَ لَنَا، وَالشَّقَّ لِغَيْرِنَا». أخرجه أحمد في "المسند"، أي اللَّحد لأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم والشقّ لغيرنا من أهل الكتاب.

وفي ذلك دليل على كراهة الدفن في الشقّ، وأفضلية الدفن في اللَّحد، ويُسْتَحَبُّ توسيعُ القبر وتحسينه اتفاقًا، وكذا إعماقه عند غير المالكية؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا». أخرجه أحمد والبيهقي وأبو داود والنسائي.

بيان المقدار المطلوب في عمق قبر الميت

اختلف العلماء في قدر الإعماق:

فقال الحنفية وأحمد: يُعَمَّق قدر نصف القامة، أو إلى الصدر، وإن زاد فحسن، وطولُ القبر على قدرِ طول الميت، وعرضُهُ على قدر نصف طوله.

وقال الشافعية وبعض الحنابلة: حدُّ الإعماق قدرُ قامة وبسطة؛ وهي يداه قائمة إلى رؤوس الأصابع، وقُدِّر بأربعة أذرع.

وقال الحسن: "أوصى عمر رضي الله عنه أن يُجْعَل عمق قبره قامة وبسطة، وحكمتُهُ ألا يَنْبِشَ القبرَ سبعٌ ولا سارقٌ ولا تظهر رائحةُ الميت".

وقال المالكية: أقلُّ القبر ما منع رائحة الميت وحرسه من السباع، ولا حدَّ لأكثره، ونُدِب عدم تعميقه.

ويُسَنُّ رفع القبر عن الأرض نحو شبر اتفاقًا.

الخلاصة

كما بيَّن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سنته كيفية بناء القبر شرعًا: فإذا كان بناء الدور الثاني للمقبرة لا يتجاوز سطح الأرض بشبر؛ بحيث يوضع فوق السقف الأول تراب كثير يكفي لامتصاص رطوبة جسد الميت بعد دفنه، جاز ذلك للضرورة عند كثرة الموتى، وقلة الأرض المُعَدَّة لدفن الموتى، بشرط أن يكون موافقًا لما ورد في الأحاديث المذكورة. ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

هل الدعاء للميت بعد دفنه يكون سرًّا أم جهرًا؟


عندنا مقبرة امتلأت بالموتى الذين صاروا عظامًا، وليس عندنا مكان آخر للدفن، فكيف نصنع بالموتى الجُدُد؟


ما حكم كتابة اسم المتوفى وطلب الدعاء له على حجر من الرخام على القبر؟ حيث يريد السائل أن يقيم حَجَرًا من الرخام على مقبرة أسرته؛ حتى تكون معروفة، وأن يكتب على الحجر ما يفيد طلب الدعاء لحصول انتفاع المتوفين بما يتم إهداؤه من ثواب مَا قُرِئ من القرآن لأرواحهم والدعاء لهم. فما حكم ذلك شرعًا؟

 


ما الكيفية الشرعية لغسل الميت؟ ومن أولى الناس بتغسيله؟


ما الحكم في مشروعية تكبير المأمومين وراء الإمام في صلاة الجنازة والدعاء للميت بعد الصلاة؟


أفاد المتخصصون أن جسمَ المتوفى بفيروس كورونا يظلُّ حاملًا لفيروس مدَّة بعد وفاته، ولذلك فإن عمليةَ تجهيزه يقومُ بها متخصصون من وزارة الصحَّة، ولا يسلمون المتوفى لأهله إلا بعد إتمام التعقيم والتغسيل والتكفين، ومما يقومون به في التكفين أنهم يضعون المتوفى في كيس مُعَدٍّ غير منفذ للسوائل، فهل هذه الطريقة كافية في تكفينه شرعًا؟