حكم شراء شقة بالتقسيط بمقدم حجز مع استرداد جزء من المقدم قبل الاستلام

تاريخ الفتوى: 04 يناير 2022 م
رقم الفتوى: 5988
التصنيف: البيع
حكم شراء شقة بالتقسيط بمقدم حجز مع استرداد جزء من المقدم قبل الاستلام

ما حكم شراء شقة بالتقسيط بمقدم حجز مع استرداد جزء من المقدم قبل الاستلام؟ فقد تعاقدت مع شركة عقارية تبيع وحدات سكنية بنظام التقسيط، وجميع إجراءات التعاقد والشيكات تكون مع الشركة وباسمها، ويكون تسلم الوحدة المُتَعَاقَد عليها بعد سنتين، وتشترط هذه الشركة على نفسها بإعطائي مبلغًا ماليًّا ثابتًا من نسبة مُقَدَّم الحجز الذي سأدفعه لجدِّية التعاقد، وذلك في صورة شيك مُسْتَحَق كل ثلاثة شهور حتى مدة الاستلام، فما حكم الشرع في ذلك؟

لا مانع شرعًا من التعامل بالمعاملة المذكورة؛ لأنها في حقيقتها عبارة عن بيع بالتقسيط مع وعدٍ بالتبرع من قِبَلِ الشركة باستعادة المشتري جزءًا من مقدم الحجز المدفوع لجِدِّية التعاقد على الوحدات العقارية كاسترداد نقدي (Cash Back)، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذا الشأن وتصريح الجهات المختصة.

المحتويات

 

التكييف الفقهي لشراء شقة بالتقسيط بمقدم حجز مع استرداد جزء من المقدم قبل الاستلام

هذه المعاملة تُكيَّف شرعًا على أنَّها بيعٌ بالتقسيط؛ حيث يقوم المُشتري بشراء الشقة السكنية من شركة المقاولات بأقساط معلومة في مقدارها وآجال استحقاقها، مع وعد بالتَّبرُّع من قِبل الشركة بإعطائه مبلغًا ماليًّا مُحَدَّدَ المقدار، متناسبًا مع مُقَدَّم الحجز المدفوع من قِبل المُشْتري لجِدِّية التعاقد، ومعلوم مواعيد الصرف في موعدٍ لاحقٍ على تاريخ العقد، وذلك كل ثلاثة شهور ولمدة عامين (وهي المدة المُتَّفق عليها لتسلم الوحدة السكنية "محل العقد").

حكم البيع بالتقسيط وأدلته الشرعية

من المقرر شرعًا أن بيع التقسيط نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعًا التي يجوز فيها اشتراط الزيادة في الثمن في مقابلة الأجل؛ لأن الأجل وإن لم يكن مالًا حقيقة إلا أنه في باب المرابحة يُزاد في الثمن لأجله إذا ذُكِر الأجل المعلوم في مقابلة زيادة الثمن؛ قصدًا لحصول التراضي بين الطرفين على ذلك، ولعدم وجود مُوجِبٌ للمنع، ولحاجة الناس الماسَّة إليه بائعينَ كانوا أو مشترين.

والدليل على ذلك قول الله سبحانه: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]. والعموم يدل على إباحة البيوع في الجملة والتفصيل ما لم يُخَصَّ بدليل.

قال الإمام الشافعي في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نَهَى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها، وما كان في معنى ما نَهَى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مُحَرَّم بإذنه داخلٌ في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اهـ.

وأخرج الشيخان في "صحيحيهما" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن بَرِيرَةَ رضي الله عنها كاتبت أهلها على تسع أواقٍ؛ في كل عام أوقية، فأقرَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أصل هذا البيع.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (5/ 192-194، ط. دار المعرفة): [وَفِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ هَذَا مِنَ الْفَوَائِدِ.. وَفِيهِ جَوَازُ الشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ.. وَجَوَازُ الْكِتَابَةِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَأَقَلَّ مِنْهَا وَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ بَيْنَ الثَّمَنِ الْمُنَجَّزِ وَالْمُؤَجَّلِ فَرْقًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ بَذَلَتْ عَائِشَةُ الْمُؤَجَّلَ نَاجِزًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهَا كَانَتْ بِالتَّأْجِيلِ أَكْثَرَ مِمَّا كُوتِبَتْ بِهِ وَكَانَ أَهْلُهَا بَاعُوهَا بِذَلِكَ.. وَجَوَازُ شِرَاءِ السِّلْعَةِ لِلرَّاغِبِ فِي شِرَائِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها بَذَلَتْ مَا قُرِّرَ نَسِيئَةً عَلَى جِهَةِ النَّقْدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بَيْنَ النَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ] اهـ ملخصًا.

شراء شقة بالتقسيط بمقدم حجز مع استرداد جزء من المقدم قبل الاستلام

تقديم الشركة تلك المبالغ المالية إنما هو من قبيل الدعاية لمنتجاتها بما يحقق لها تسويق وحداتها العقارية ويُلَبِّي احتياجاتها التمويلية، وليس جزءًا من المبيع، وليس له معاوضة ومقابل من الثمن؛ ولذا فهو داخل في الحوافز التجارية المشروعة؛ حيث يتاح للمشترين المميزين خاصية استعادة جزء من أموالهم المدفوعة من قِبلهم كمقدم الحجز المدفوع لجِدِّية التعاقد على الوحدات العقارية، وهو ما يُعرف بنظام "الاسترداد النقدي" (Cash Back)، ومعناه -كما عرفه أهل الاقتصاد-: استعادة المشتري جزءًا من أمواله المدفوعة لكل عملية شراء يجريها بعد استيفاء شروط معينة.

ومقتضى ذلك أن الشركة هي التي تلزم نفسها بصورة منفردة بأنها ستعطي المشتري هذا المبلغ المالي محددّ المقدار ومواعيد الصرف المستقبلية بصورة مجانية؛ فلا يبذل المشتري مقابل ذلك مالًا، وهو ليس جزءًا من المبيع، وليس له مقابل من الثمن، مما يُعَدُّ من قبيل الوعد بالتبرع المرتبط بعقد البيع والملائم لطبيعته لا من قبيل الشرط الذي يفسد العقد.

مذاهب الفقهاء في حكم بيع الوفاء وبيان شروطه

قد صحح محققو الحنفيَّة بيع الوفاء بإجرائه مجرى الوعد لا مجرى الشرط الذي يفسد العقد:

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار" (5/ 84، ط. دار الفكر): [لو باع مطلقًا عن هذه الآجال ثم أجَّل الثمنَ إليها صح؛ فإنه في حكم الشرط الفاسد كما أشرنا إليه هناك، ثم ذكر في "البحر": أنه لو أخرجه مخرج الوعد لم يفسد. وصورته كما في "الولوالجية" قال: اشترِ حتى أبني الحوائط اهـ،.. قلت: وفي "جامع الفصولين" أيضًا: لو ذَكَرَا البيعَ بلا شرطٍ ثم ذَكَرَا الشرطَ على وجه العقد جاز البيع ولزم الوفاء بالوعد؛ إذ المواعيد قد تكون لازمةً، فيُجعل لازمًا لحاجة الناس] اهـ.

وقد ذهب جماعة من الفقهاء إلى وجوب الوفاء بالوعد مطلقًا إلا لعذرٍ؛ منهم: الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه، والتابعي الجليل الحسن البصري، والخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، وقاضي الكوفة سعيد بن عمر الأشوع، وابن شبرمة، وإسحاق بن راهويه، وحجة الإسلام الغزالي، وهو قول عند المالكيَّة اختاره القاضي أبو بكر بن العربي وابن الشاط، وهو وجه عند الحنابلة اختاره الشيخ ابن تيمية. ينظر: "الأذكار" للإمام النووي (ص: 317، ط. دار الفكر)، و"حاشية ابن الشاط على الفروق للقرافي" للعلامة قاسم بن عبد الله بن الشاط (4/ 24، ط. عالم الكتب)، و"جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب (2/ 485، ط. مؤسسة الرسالة)، و"النجم الوهاج" للعلامة الدميري (5/ 571، ط. دار المنهاج)، و"فتح الباري" للحافظ ابن حجر (5/ 290، ط. دار المعرفة)، و"الإنصاف" للعلامة المرداوي (11/ 152، ط. دار إحياء التراث) و"المبدع" للعلامة ابن مفلح (8/ 138، ط. دار الكتب العلمية).

كما ذهب فقهاء الحنفيَّة والمالكية في قول والشافعية إلى أنّ الوعدَ الذي يقع عليه الاتفاق أو الذي يظهر فيه معنى الالتزام بأن يكون مُعَلَّقًا على شرط يكون من التصرفات اللازمة:

قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (30/ 134، ط. دار المعرفة): [المواعيد لا يتعلق بها اللزوم إلا أن يكون شرطًا في عقد لازم، ولهذا لا يثبت الأجل في القرض والعارية؛ لأنه ليس بمشروط في عقد لازم، فكذلك لا يثبت في الثمن وغيره من الديون إلا أن يكون شرطًا في عقد لازم، وكذلك الصلح أو أصل البيع إذا ذكر فيه الأجل، ولَكِنَّا نقول: لو باعه بثمن مؤجل في الابتداء يثبت الأجل، فكذلك إذا أجَّله في الثمن في الانتهاء؛ لأن هذا التأجيل يلتحق بأصل العقد بمنزلة الزيادة في الثمن والمثمن بأصل العقد ويصير كالمذكور فيه] اهـ.

وقال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (6/ 299، ط. دار الغرب الإسلامي) جامعًا بين أقوال مذهب المالكيَّة الأربعة: [ووجه الجمع: أن يحمل اللزوم على ما إذا أدخله في سببٍ ملزمٍ بوعده كما قال سحنون وابن القاسم، أو وَعَدَهُ مقرونًا بذكر سببٍ كما قاله أصبغ؛ لتأكد العزم على الدفع حينئذٍ، ويُحْمَلُ عدم اللزوم على خلاف ذلك] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (3/ 213، ط. دار الكتب العلمية): [(ولو قال: أؤدّي المال أو أحضر الشخص فهو وعدٌ) بالالتزام لا يلزم الوفاء به؛ لأن الصيغة لا تشعر بالالتزام. قال في "المطلب": إلا إنْ صَحِبَتْهُ قرينةُ الالتزام فيلزم] اهـ.

وقال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 274، ط. المكتبة الإسلامية): [الوعد لا يلزم الوفاء به، نعم إنْ صَحِبَهُ قرينةُ التزامٍ صَحَّ كما بحثه في "المطلب"، وأيَّده السبكي بكلام الماوردي وغيره] اهـ.

ويَتَحصَّل من ذلك: أن الوفاء بالوعد يكون مُلْزِمًا في حق الواعد عند الجمهور إذا تحققت ثلاثة شروط:

الأول: أن يكون الالتزام على جانب الواعد فقط.

والثاني: وجود إيجاب الواعد واقترانه بقبول من جانب الموعود له، ويتأكد ذلك إذا تم توثيقه بوثيقة رسمية.

والثالث: تعيين مقدار الالتزام وأجله.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن المعاملة المذكورة لا مانع منها شرعًا؛ لأنها في حقيقتها عبارةٌ عن بيعٍ بالتقسيط مع وعدٍ بالتبرع من قِبَلِ الشركة باستعادة المشتري جزءًا من مقدم الحجز المدفوع لجِدِّية التعاقد على الوحدات العقارية كاسترداد نقدي (Cash Back)، وهو وعدٌ مُلزمٌ في جانب الشركة؛ لتوثيقه في صورة الشيكات التي يتم تحرير قِيَمِ الأموال المستحقة لكل مشترٍ ومواعيد صرفها المستقبلية خلال المدة المقررة لاستلام الوحدات المتعاقد عليها، مع مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لهذا الشأن وتصريح الجهات المختصة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم بيع الدقيق المدعم من المخابز في السوق السوداء؟


ما حكم التعامل بخطاب الضمان البنكي بنوعيه: المغطى، والمكشوف؟ فأنا شخص أعمل في مجال المقاولات وبعض الأعمال التجارية، ويُطلب مني في بعض المعاملات إحضار خطاب ضمان من أحد البنوك كشرط لإتمام هذه المعاملات.


ما حكم البيع مع الاحتفاظ بحق التصرف إلى الممات؛ فامرأة باعت لزوجها فدانًا واحدًا بثمن قدره خمسون جنيهًا، وقد أبرأت البائعة المذكورة زوجها المشتري المذكور من قيمة ثمن هذا القدر، وقد تحرَّر بذلك عقد عرفيٌّ لا عن يد أحد قضاة المحاكم، وقد ذكر بصلب العقد: "ولي أنا البائعة المذكورة حق الانتفاع بالفدان المباع المذكور مدة حياتي، وما دمت على قيد الحياة، وبعد وفاتي ينتقل حق التصرف المذكور إلى زوجي المشتري المذكور".
والمشتري المذكور زوج البائعة المذكورة توفي إلى رحمة الله تعالى قبل وفاة زوجته البائعة المذكورة، وترك ذريةً من غير البائعة المذكورة -أي من زوجةٍ أخرى خلاف البائعة- فهل هذا العقد صحيح بجميع ما ذُكر فيه من الإبراء المذكور من قيمة هذا الثمن، ولا رجوع فيه؟ وهل ورثة المتوفى المذكورون يرثون في هذا القدر بعد وفاة زوجته البائعة المذكورة أم لا؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.


على مَن تجب تكلفة إرجاع السلعة حال الشراء أون لاين online؟ فقد باع رجل كتبًا إلى آخر، وتمت عملية البيع عن طريق الإنترنت، واتفقا على أن يكون للمشتري بعد أن يعاين الكتب حقُّ إرجاعها واسترداد قيمتها مرة أخرى، وذلك خلال أسبوعين تبدأ من تاريخ استلامها، وعندما وصلت الكتب واستلمها المشتري وعاينها رغب في إرجاعها، فطلب من شركة الشحن أن تعيدها إلى البائع مرة أخرى، فعلى مَن تجب تكلفة الإرجاع؟


ما حكم بيع شهادة الاستثمار على أن يدفع صاحبها قيمتها إلى المشتري مع أرباحها؟ فهناك رجلٌ يمتلك شهادة استثمار بأحد البنوك، واحتاج مبلغًا من المال، ولا يمكن فك الشهادة إلا بعد عام كامل، ويرغب في الاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يبيع له هذه الشهادة بمقابل مادي على أن يدفع قيمتها إليه مع أرباحها عند فكها. فهل تصح هذه المعاملة شرعًا؟


المستحق لأجرة العقار بعد بيعه هل هو البائع أو المشتري؟ فهناك رجلٌ باعَ بيتًا مملوكًا له لرجلٍ آخَر أثناء مدة إيجار هذا البيت لشخص ثالث، وقد بقي من مدة الإيجار ثمانية أشهر حتى ينتهي، ولم يشترط عليه البائعُ شيئًا فيما يخص استحقاق الأجرة بعد البيع، وبعد أن تَمَّ تسجيل عقد البيع، اختلفَ البائعُ مع المشتري في استحقاق أُجْرَة المُدَّةِ المُتبقية للبيت المذكور، فقال البائع: أنا المستحق لهذه الأُجرة، وقال المشتري: أنا المستحق لها، والسؤال: لمن الحقُّ في هذه الأجرة؟