حكم أكل الناذر من نذره المطلق

تاريخ الفتوى: 13 ديسمبر 2022 م
رقم الفتوى: 7265
التصنيف: ذبائح وأغذية
حكم أكل الناذر من نذره المطلق

رجلٌ نذر أن يذبح شيئًا لله تعالى مطلقًا من غير تعليقٍ على حصول شيء، ولم يُحدِّد أنه للفقراء والمساكين، لا باللفظ، ولا بالنية. فهل يجوز له الأكل منه؟

إذا نذر الإنسان أن يذبح شيئًا لله تعالى، ولم يكن الذبح معلقًا على حصول شيءٍ أو عدم حصوله، ولم يُحدِّد كذلك أنه للفقراء والمساكين أو غيرهم، ولم يَنْوِ هذا التحديد حين نذر؛ فإنه يجوز له شرعًا الأكل منه؛ كما هو مذهب السادة المالكية ووجهٌ عند السادة الشافعية.

المحتويات

 

حكم الوفاء بنذر الطاعة عند القدرة عليه

من المقرَّر شرعًا أنه يجب على المُكلَّف الوفاء بنذر الطاعة عند القدرة عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ[البقرة: 270]، وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج: 29]، وقوله تعالى في بيان صفات الأبرار: ﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإِنسان: 7].

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ"، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ» متفقٌ عليه.

قال الإمام ابن بطال في "شرحه على صحيح البخاري" (6/ 156-157، ط. مكتبة الرشد): [النذر في الطاعة واجب الوفاء به عند جماعة الفقهاء لمَن قدر عليه وإن كانت تلك الطاعة قبل النذر غير لازمة له فنذره لها قد أوجبها عليه، لأنه ألزمها نفسه لله تعالى، فكل مَن ألزم نفسه شيئًا لله تعالى؛ فقد تعيّن عليه فرض الأداء فيه، وقد ذمّ الله تعالى مَن أوجب على نفسه شيئًا ولم يَفِ به؛ قال تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ [الحديد: 27]] اهـ.

وعلى هذا اتفقت كلمة الفقهاء؛ قال الإمام ابن القطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 375، ط. دار الفاروق): [لا خلاف أنَّ النذر بالطاعة يلزم الوفاء به، ولا كفارة فيه] اهـ.

حكم أكل الناذر من النذر

قد اختلف الفقهاء فيمَن نذر أن يذبح شيئًا غير الأضحية لله تعالى من غير تعليق ذلك على شرطِ حصول شيءٍ أو عدم حصوله، ولم يُعيّن النذر لأحد من الفقراء أو المساكين أو غيرهم، وكذا لم ينو تعيينه؛ فهل له أن يأكل منه أو لا؟

فذهب جمهور الفقهاء؛ من الحنفية، والشافعية في المعتمد، والحنابلة: إلى أنَّه لا يجوز له الأكل من هذا النذر؛ لأنّ سبيل هذا الدَّم هو التصدق، وليس للمتصدق أن يأكل من صدقته.

قال الإمام علاء الدين الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 226، ط. دار الكتب العلمية): [لا يجوز له أن يأكل من دم النذر شيئًا، وجملة الكلام فيه أن الدماء نوعان: نوع يجوز لصاحب الدم أن يأكل منه؛ وهو دم المتعة، والقران، والأضحية، وهدي التطوع إذا بلغ محله، ونوع لا يجوز له أن يأكل منه، وهو دم النذر، والكفارات، وهدي الإحصار، وهدي التطوع إذا لم يبلغ محله؛ لأن الدم في النوع الأول دم شكرٍ فكان نُسُكًا فكان له أن يأكل منه، ودم النذر دم صدقةٍ وكذا دم الكفارة في معناه؛ لأنه وجب تكفيرًا لذنب] اهـ.

وقال شهاب الدين الرملي الشافعي في "حاشيته على أسنى المطالب" (1/ 545، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وبالجملة: فالمذهب منع الأكل من الواجبة مطلقًا؛ كما لا يجوز له أن يأكل من زكاته أو كفارته شيئًا] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 465، ط. مكتبة القاهرة): [(ولا يأكل من كل واجبٍ إلا من هدي التمتع) المذهب: أنه يأكل من هدي التمتع والقران دون ما سواهما؛ نص عليه أحمد، ولعل الخرقي ترك ذكر القران؛ لأنه متعة، واكتفى بذكر المتعة؛ لأنهما سواء في المعنى، فإن سببهما غير محظور، فأشبها هدي التطوع؛ وهذا قول أصحاب الرأي، وعن أحمد: أنه لا يأكل من المنذور وجزاء الصيد، ويأكل ممَّا سواهما، وهو قول ابن عمر، وعطاء، والحسن، وإسحاق؛ لأن جزاء الصيد بدل، والنذر جعله لله تعالى، بخلاف غيرهما] اهـ. فأفاد منع الأكل من المنذور في المذهب اتفاقًا.

وذهب المالكية، والشافعية في وجه: إلى أنه إذا أطلق النذر من غير تعليقٍ على شرطِ حصول شيءٍ أو عدم حصوله، ولم يُعيِّن النذرَ للفقراء والمساكين أو غيرهم باللفظ، ولم يَنْوِ تَعيينه؛ فإنه يجوز له الأكل منه، وهو المختار للفتوى.

جاء في "المدونة" للإمام مالكٍ برواية الإمام سحنون (1/ 410، ط. دار الكتب العلمية): [قال مالك: يؤكل من الهدي كله، إلا فدية الأذى، وجزاء الصيد، وما نذره للمساكين] اهـ.

فأفاد أنَّه إذا أطلق النذر ولم يعيِّنه لأحدٍ أو في مصرِفٍ معيَّن؛ جاز له أن يأكل منه.

وقال الشيخ عليش المالكي في "فتح العلي المالك" (1/ 207، ط. دار المعرفة): [سُئل سيدي أحمد الدرديري بما نصه: وهل يجوز لمَن نذر لله أو لوليٍّ شاةً الأكلُ منها وإطعام الغني أو لا، أو كيف الحال؟ فأجاب بما نصه: الحمد لله، النذر إنْ عَيَّنَهُ للفقراء والمساكين بلفظه أو نيته؛ فليس له أن يأكل منه، وإن أطلق، جاز الأكل، وليس له أن يطعم منها الأغنياء، والله أعلم فتأمله] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 414، ط. دار الفكر): [إن كان نذرًا مطلقًا ففيه ثلاثة أوجه.. (والثاني): يجوز؛ لأنَّ مطلق النذر يحمل على ما تقرّر في الشرع، والهدي والأضحية المعهودة في الشرع يجوز الأكل منها، فَحُمل النذر عليه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما دام الرجل المذكور قد نذرَ أنْ يذبح شيئًا لله تعالى، ولم يكن الذبح معلّقًا على حصول شيءٍ أو عدم حصوله، وكذا لم يحدد أنه للفقراء والمساكين أو غيرهم، ولم يَنْوِ هذا التحديد حين نذر؛ فإنه يجوز له شرعًا الأكل منه؛ كما هو مذهب المالكية ووجهٌ عند الشافعية.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم علف الدواجن المحتوي على مخلفات الخنزير؛ فقد تم استيراد شحنة من مسحوق لحم وعظم لتغذية الدواجن، وهذا المسحوق يحتوي على آثار مكونات من الخنزير. فهل يجوز تغذية الدواجن على هذا المسحوق المحتوي على لحم ومكونات الخنزير؟


ما حكم بيع دماء الأضاحي لمصانع الأسمدة؟ فهناك جمعيةٌ خيريةٌ تعمل على ذبح الأضاحي كلَّ عامٍ بكمياتٍ كبيرةٍ، وعرضت عليها بعض مصانع الأسمدة شراء دماء الأضاحي. فهل يجوز شرعًا للقائمين على هذه الجمعية بيع دماء الأضاحي لتلك المصانع؟


ما حكم شراء الأضحية بالتقسيط؟ فإنَّ رجلًا يرغب في الأضحية، ولا يملك كامل ثمنها نقدًا، فما حكم شرائها بالتقسيط مِن أحد التجار أو عن طريق الصك؟ وهل يتوقف تَمَلُّك المضحي للأضحية على سداد آخِر قسطٍ مِن ثَمنها، بحيث يتنافى هذا الشراء بالتقسيط مع اشتراط مِلْكِ المضحي للأضحية قبل الذبح؟


سائل يقول: هل يجوز ذبح العقيقة قبل ولادة المولود، خوفًا من مرض الذبيحة ووفاتها؟ فقد قمت بشراء خروفٍ للعقّ عن مولودي القادم ووجدت فيه ضعفًا وأخاف موته، ولا يتبقى على موعد الولادة سوى يومين.


جمعية خيرية بصدد إنشاء مشروع تحت اسم مشروع الأضحية الذي يهدف إلى قيام الجمعية بذبح الأضاحي نيابةً عن الراغبين في ذلك من مصر ودول العالم كافة وتوزيعها على الفئات غير القادرة التي تقوم الجمعية بدراسة حالاتها والمتوافرة بقاعدة بياناتها. ولذا نرجو إفادتنا في الآتي:
1- هل يجوز توكيل شخصية معنوية للقيام بالذبح والتوزيع نيابة عن الشخص الراغب في ذلك؟
2- ما هي الصيغة الشرعية لهذا التوكيل؟
3 - بناء على دراسة الأسعار تم تحديد مبلغ ثمانمائة وخمسين جنيهًا مصريًّا أو مائة وخمسين دولارًا أمريكيًّا قيمة الأضحية شاملة الذبح والسلخ والتقطيع والتغليف والنقل والتوزيع وغيره، وذلك على أساس كبش واحد سِنُّه سنة وذلك للفرد الواحد، أو عجل سِنُّه سنة لسبعة مُضَحِّين:
أ- ففي حالة زيادة التكلفة عن هذا المبلغ: هل يجوز أن يتم تعويض زيادة التكلفة بتقليل عدد الأضاحي؟
ب- وفي حالة نقص التكلفة هل يجوز استخدام الفائض في مصاريف خيرية أخرى غير الأضحية تذهب للمستحقين في شكل طعام؟
4 - في حالة نفوق بعض الرؤوس قبل ذبحها فماذا نفعل؟
5 - ما هو موعد بداية الذبح ونهايته؟
6 - في حالة وجود فرق في التوقيت بين مكان المضحي ومكان الذبح فما هو حكم الشرع في ذلك؟
7 - هل تشترط فترة زمنية محددة للتوزيع بعد الذبح؟
8 - هل يجوز توزيع الأضحية بكاملها على الفقراء والمحتاجين دون الأكل منها أو إهداء جزء منها للأقارب والمعارف؟


سائل يقول: أرجو من فضيلتكم التكرم بموافاتي ببعض النصوص الشرعية التي تبيِّن فضل ماء زمزم، وهل هو أفضل ماء على وجه الأرض؟