حكم تأخير الإنجاب باستخدام وسائل منع الحمل

تاريخ الفتوى: 07 مايو 2023 م
رقم الفتوى: 7648
التصنيف: الطب والتداوي
حكم تأخير الإنجاب باستخدام وسائل منع الحمل

ما حكم تأخير الإنجاب باستخدام الوسائل الحديثة لمنع الحمل؟

يجوز للزوجين الاتفاق على تأخير الإنجاب، إذا كان في ذلك مصلحة تخصُّهما أو أحدهما، ويجوز استخدام وسائل منع الحمل الحديثة لهذا الغرض -بشرط اتفاق الزوجين عليه-، ما دامت بإشراف طبي، ولا يترتب على استخدام تلك الوسيلة ضررٌ أو تعطيل خاصِّيَة الحمل بشكل نهائِيٍّ.

المحتويات

 

حق الزوجين في الاتفاق على تأخير الإنجاب

إذا غلب على ظنِّ الزوجَيْن أنَّهما غيرُ قادرَيْن على هذه المسؤولية، أو قَرَّرا عدمَ الإنجاب لمصلحةٍ معينةٍ -كأن يكون في الإنجاب خطورة مثلًا على صحَّة الزوجة- فاتفقا على تأخير الإنجاب، فلا حَرَجَ عليهما في ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ﴾ [البقرة: 233].

ولأنَّه لم يرِد في كتاب الله تعالى نصٌّ يُحرِّم تأخير الإنجاب أو تقليلَه، واتفاقهما على تأخير الإنجاب في هذه الحالة يُقاس على العزل.

والعزل: هو أن يجامع، فإذا قارب الإنزال، نَزَع فأنزل خارج الفرج؛ ينظر: "روضة الطالبين" للنووي (7/ 205، ط. المكتب الإسلامي).

ووجه القياس: اشتراك العزل والاتفاق على تأجيل الإنجاب في المآل، وهو عدمُ حصول العلوق.

ويظهر من ذلك أن الاتفاق بين الزوجين على تأخير الإنجاب أصله قائم على أن الولد وحقَّ الإنجاب من الحقوق الزوجية المشتركة.

قال الإمام الماوردي في "الحاوي الكبير" (9/ 320، ط. دار الكتب العلمية): [الحق في ولد الحرة مشترك بينهما] اهـ.

آراء المذاهب الفقهية في حكم العزل في حالة اتفاق الزوجين

قد ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ العزلَ مباحٌ في حالة اتفاق الزوجين على ذلك؛ مستدِلِّينَ بما رواه الشيخان عن جابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا نَعْزِلُ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ"، وعند مسلم: زاد إسحاق، قال سفيان: "لو كان شيئًا يُنهَى عنه لنهانا عنه القرآن"، وفي رواية أخرى عنده: "فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَنْهَنَا".

وروى الشيخان -واللفظ للبخاري- عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبيًا من سبي العرب، فاشتهينا النساء، واشتدَّت علينا العزبة وأحببنا العزل، فأردنا أن نعزل، وقلنا نعزل ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله، فسألناه عن ذلك، فقال: «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ».

وروى الإمام مسلم في "صحيحه" عن جابر رضي الله عنه أنَّ رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إنَّ لي جارية، هي خادمنا وسَانِيَتُنَا، وأنا أطوف عليها، وأنا أكره أن تحمل، فقال: «اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا»؛ قال الإمام ابن بطال في "شرح صحيح البخاري" (7/ 61-62، ط. مكتبة الرشد): [قال الطحاوي: وقوله عليه السلام: «مَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا» إلى آخر الحديث، فيه دليلٌ أن العزلَ غير مكروه؛ لأنه عليه السلام لمَّا أخبروه أنهم يفعلون ذلك لم يُنكِره عليهم، ولا نهاهم عنه، وقال: «مَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَفْعَلُوا فَإنَّما هُو القَدَرُ»] اهـ.

وقال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (3/ 214، ط. دار الكتاب الإسلامي): [العزل جائز بالإذن، وهذا هو الصحيح عند عامة العلماء] اهـ.

وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (3/ 225، ط. دار الفكر): [يجوز للرجل أن يعزل عن زوجته] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (7/ 205) عند حديثه عن العزل: [لا يحرم في الزوجة على المذهب، سواء الحرة والأمة بالإذن وغيره] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 189، ط. دار الكتب العلمية): [(ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها)؛ لما روي عن عمر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُعزَل عن الحرة إلَّا بإذنها". رواه أحمد وابن ماجه؛ ولأنَّ لها في الولد حقًّا، وعليها في العزل ضرر، فلم يَجُزْ إلا بإذنها] اهـ.

حكم تأخير الإنجاب باستخدام وسائل منع الحمل

تأسيسًا على ذلك: فإنَّ استخدام وسائل منع الحمل الحديثة جائز؛ قياسًا على العزل الثابت جوازه بما تقدَّم، إذ إنهما يشتركان في عدم حصول العلق، ويدخل في ذلك كلُّ وسائل منع الحمل الحديثة؛ ما لم يترتب على استخدام تلك الوسائل عدم الصلاحية للإنجاب مرة أخرى، فإن كانت وسيلةٌ ما يترتب عليها عدم الصلاحية للإنجاب مرة أخرى فهي ممنوعة؛ وذلك لما فيها من تعطيل الإنسال المؤدي إلى إهدار ضرورة المحافظة على النسل، وهي إحدى الضرورات الخمس التي جعلها الإسلام من مقاصده الأساسية.

أما إذا وجدت ضرورة لذلك كأن يُخشى على حياة الزوجة من الهلاك إذا ما تم الحمل مستقبلًا أو كان هنالك مرض وراثي يُخشى من انتقاله للجنين فيجوز استخدام تلك الوسيلة، والذي يحكم بذلك هو الطبيب الثقة المختص، وألَّا يترتب على استخدام تلك الوسيلة ضرر.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه يجوز للزوجين الاتفاق على تأخير الإنجاب، إذا كان في ذلك مصلحة تخصُّهما أو أحدهما، ويجوز تعاطي وسائل منع الحمل الحديثة لهذا الغرض -بشرط اتفاق الزوجين عليه-، ما دامت بإشراف طبي، ولا يترتب على استخدام تلك الوسيلة ضررٌ أو تعطيل خاصِّيَة الحمل بشكل نهائِيٍّ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم تزوير الشهادات الطبية لبيع البلازما؟ ففي ظل انتشار وباء فيروس كورونا "كوفيد- 19"، وبعد خروج تصريحات وزارة الصحة المصرية بارتفاع نسب الشفاء بعد حقن المرضى ببلازما المتعافين؛ لاشتمالها على أجسام مضادة للفيروس، وجدنا من يستغل هذه الحاجة ويلفق كذبًا من الشهادات الطبية ما يفيد تعافيه من الفيروس؛ وذلك لبيع البلازما بمبالغ مالية كبيرة، فما حكم ذلك؟


ما حكم ربط المبيضين لامرأة ممنوعة من الحمل بأمر الطبيب، وقد تناولت أدوية كثيرة لمنع الحمل ولكنها تؤثر على صحتها؟


سائل يقول: هل ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام جواز الرقية بالقرآن الكريم؟ وما حكم طلب الرقية من الصالحين؟


ما حكم الإقدام على عملية جراحية قد تفضي إلى الموت؟ فرئيس القسم الجنائي بنيابة السيدة زينب قال: لي ولد أصيب في عامه الرابع من عمره بمرض الصَّرع، عرضته على كثير من الأطباء المختصين في الأعصاب، وكانوا يعالجونه بشتى طرق العلاج من أدوية وحقن مخدرة إلى غير ذلك، إلا أن حالته كانت تزداد سوءًا يومًا بعد يوم وعامًا بعد عام، حتى أصبح الآن فاقد النطق والإحساس والحركة، فلا يستطيع المشي ولا الكلام ولا الفهم، فهو عبارة عن جثة أو كتلة يدب فيها الروح، ويبلغ من العمر الآن ثماني سنوات، ونعاني في تمريضه صنوف العذاب فيحتاج لمن يطعمه ويحمله ويعتني بنظافته كأنه طفل في عامه الأول.
لم أشأ أن ألجأ للشعوذة لعلمي ويقيني أنها خرافات لا فائدة منها، وأخيرًا أشار عليّ بعض الأطباء بإجراء جراحة له في المخ وأفهموني أنها خطيرة لا يرجى منها إلا بنسبة واحد إلى عشرة آلاف، أعني أنه سينتهي أمره بعد العملية، وعللوا نظريتهم بأنه:
أولًا: ربما تنجح العملية، ويستفيد منها.
ثانيًا: إذا قدر له الموت وهو محتمل فسيستريح هو كما سنستريح نحن من هذا الشقاء، ولما كنت أخشى إن أقدمت على إجراء هذه العملية أن يكون فيها ما يغضب الله؛ لأنني أعتقد بأنني أسعى إلى قتله بهذه العملية، فقد رأيت أن ألجأ إلى فضيلتكم لتفتوني إن كان في إجراء العملية في هذه الحالة محرم وأتحمل وزرًا أم لا.


أحيط سيادتكم علمًا بأنني في حالة صحية متعبة لا أستطيع معها الإنجاب مرة أخرى، حيث إن لدي خمسة أطفال ونصحني الأطباء بأن أكتفي بهذا؛ لأن ظروفي الصحية تمنعني من الإنجاب مرة أخرى، بحيث إن الحمل مجدَّدًا فيه خطرٌ على حياتي، وبأن أعمل عملية ربط نهائي للرحم. فهل هي جائزة؟


ما حكم معالجة النساء ببعض العقاقير المحتوية على هرمون يؤثر بصورة مباشرة على عمل المبيض كـ"الكولوميد" وغيره، وهو مستخرج من بول النساء بعد سن الأربعين.