حكم زيارة شهداء أحد وأهل البقيع ووادي العقيق

تاريخ الفتوى: 15 أغسطس 2023 م
رقم الفتوى: 7902
التصنيف: الجنائز
حكم زيارة شهداء أحد وأهل البقيع ووادي العقيق

ما حكم زيارة شهداء أحد وأهل البقيع ووادي العقيق؟ حيث أرى بعض الناس عندما يأتون لزيارة المدينة المنورة يحرصون على زيارة شهداء أحد وأهل البقيع ووادي العقيق. فما حكم الشرع في ذلك؟

 

المحتويات

 

بيان فضل المدينة المنورة

المدينة النبوية المنورة مَهد الإسلام؛ قد شرَّفها الله تعالى وفضَّلها، وجعلها من خير بقاع الأرض، ودعا لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولأهلها بالبركة، وجعلها حرمًا آمنًا؛ فعَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَحَرَّمْتُ المَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِمَكَّةَ» متفقٌ عليه.

وتحظى المدينة المنورة بالعديد من مقابر وروضات الصحابة والشهداء وعلماء الأمة وصالحيها؛ كشهداء أحد، والبقيع ونحوهم. وأودية؛ كوادي العقيق، ونحوه.

وقد تواردت النصوص على استحباب زيارة هذه البقاع المباركة جميعًا.

قال شهاب الدين القَسْطَلَّانِي في "المواهب اللَّدُنِيَّة بالمنح المحمدية" (3/ 623، ط. المكتبة التوفيقية): [وينبغي أيضًا بعد زيارته صلى الله عليه وآله وسلم أن يقصد المزارات التي بالمدينة الشريفة، والآثار المباركة، والمساجد التي صلى فيها صلى الله عليه وآله وسلم؛ التماسًا لبركته، ويخرج إلى البقيع لزيارة مَن فيه، فإن أكثر الصحابة ممَّن توفي في المدينة في حياته صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته مدفون في البقيع، وكذلك سادات أهل البيت والتابعين] اهـ.

زيارة جبل أحد ومقبرة شهدائه

قد ورد في استحباب زيارة هذه المواطن التي لها مزيد فضل وشرف الأحاديث والآثار:

 أولاً: جبل أُحد ومقبرة شهدائه: والجبل موقع غزوة أُحد التي وقعت بين المسلمين ومشركي قريش في السنة الثالثة من الهجرة، ومقبرة شهدائه: هي موضع دفن الصحابة الكرام الذين استشهدوا في غزوة أُحد.

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ: «هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي حَرَّمْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» أخرجه الشيخان.

وعنه أيضًا، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ، قَالَ: «اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدَانِ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

قال مجد الدين ابن مودود الموصلي في "الاختيار" (1/ 178، ط. الحلبي): [ويستحب أن يزور شهداء أحد يوم الخميس، ويقول: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، سلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويقرأ آية الكرسي وسورة الإخلاص] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 245، ط. المنيرية): [ويستحب أن يزور قبور الشهداء بأُحد، وأفضله يوم الخميس، ويبدأ بالحمزة رضي الله عنه] اهـ.

زيارة مقابر أهل البقيع

ثانيًا: مقابر البقيع: وهي مدفن المدينة، تقع شرق المسجد النبوي الشريف، دُفن بها زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبناته، وكثير من الصحابة والتابعين.

عَنْ أم المؤمنين السيدة عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ -كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ غَدًا، مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا -إِنْ شَاءَ اللهُ- بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

قال مجد الدين ابن مودود الموصلي في "الاختيار" (1/ 177): [ويستحب أن يخرج بعد زيارته صلى الله عليه وآله وسلم إلى البقيع، فيأتي المشاهد والمزارات، خصوصًا قبر سيد الشهداء حمزة رضي الله عنه، ويزور في البقيع: قبة العباس وفيها معه: الحسن بن علي، وزين العابدين وابنه محمد الباقر وابنه جعفر الصادق، وفيه: أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، وفيه إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجماعة من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعمته صفية، وكثير من الصحابة والتابعين] اهـ.

قال الإمام الغزالي في "إحياء علوم الدين" (1/ 260، ط. دار المعرفة): [ويستحب أن يخرج كلَّ يومٍ إلى البقيع بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويزور قبر عثمان رضي الله عنه، وقبر الحسن بن علي رضي الله عنهما، وفيه أيضًا قبر علي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد رضي الله عنهم، ويصلي في مسجد فاطمة رضي الله عنها، ويزور قبر إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقبر صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فذلك كله بالبقيع] اهـ.

زيارة وادي العقيق

ثالثًا: وادي العقيق: وهو من أشهر أودية المدينة المنورة، ويُسمَّى بالوادي المبارك.

فعن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِوَادِي العَقِيقِ يَقُولُ: «أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي، فَقَالَ: صَلِّ فِي هَذَا الوَادِي المُبَارَكِ، وَقُلْ: عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".

قال برهان الدين ابن فرحون في "إرشاد السالك" (2/ 842-844): [ومن المواضع المشهورة البركة وادي العقيق، وفي "البخاري": أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "أتاني الليلة آتٍ من ربي عز وجل قال: صل في هذا الوادي المبارك وقل: عمرة في حجة".. وفي هذا الوادي من قبور الصحابة ما لا يُحصَى كثرةً، ووُجد قبر عليه حجر مكتوب: أنا عبد الله ورسول رسول الله سليمان بن داود إِلى أهل يثرب، ووُجد أيضًا حجر على قبر مكتوب عليه: أنا أسود بن سوادة رسول رسول الله عيسى ابن مريم إِلى أهل هذه القرية. فينبغي إِتيانه والصلاة فيه، والسلام على مَن دفن فيه مِن المهاجرين والأنصار والتابعين وتابعي التابعين رضوان الله عليهم أجمعين] اهـ. ومما ذُكِر يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم

 

ما حكم نقل الميت من قبر إلى آخر بسبب خلافات داخل الأسرة؟ حيث يقول السائل: تُوفِّي أخي منذ فترة، ودُفِن في مقابر الأسرة الكبيرة، وبعد مدة حدث خلاف بين أسرتنا الخاصة والأسرة الكبيرة؛ ولذلك قمت ببناء مقبرة جديدة خاصة لنا، وأريد نقل رفات أخي إلى المقبرة الجديدة منعًا للمشاكل؛ فما حكم ذلك شرعًا؟


ما الحكم لو أوصت المرأة أن تدفن مع أبيها، بالرغم من وجود مقابر خاصة بالنساء، فهل تنفذ وصيتها؟


هل يعد الموت في الأماكن المقدسة كمكة والمدينة المنورة من علامات حسن الخاتمة؟


ما هو الحكم الشرعي في تلقين المتوفَّى بعد دفنه وفي إلقاء درس على القبر والدعاء له؟


ما حكم التعدي على الأضرحة ونبش قبور الأولياء؟ حيث يوجد عندنا في القرية مسجد قديم في مقدمته ضريح؛ فأراد أهل القرية هدمه وتوسعة المسجد، وأثناء عملية الهدم وجدنا بالضريح عظامًا لصاحبه؛ فقمنا بتكفينها ودفنها في مقبرة ولي آخر؛ فلما تمَّ الانتهاء من بناء وتوسعة المسجد، قال بعضنا: لابدَّ من بناء مقبرة داخل المسجد والنبش عن هذه العظام وإعادتها إلى هذه المقبرة في المسجد مرة أخرى؛ فما حكم ذلك شرعًا؟


قد دخل رجل المسجد فوجد الإمام يصلى صلاة الجنازة، ولم يعرف في أي تكبيرة لحق الإمام، فكيف يبدأ الصلاة؛ هل يبدأ بالدعاء، أو بالصلاة على النبي، أو بقراءة الفاتحة؟ وهل يسلم مع الإمام، أم يكمل التكبيرات التي فاتته؟