بيان مفهوم الهدية والفرق بينها وبين الهبة والرشوة

تاريخ الفتوى: 24 ديسمبر 2016 م
رقم الفتوى: 8104
التصنيف: الهبة
بيان مفهوم الهدية والفرق بينها وبين الهبة والرشوة

سائل يقول: ورد في الشرع الشريف ما يدل على التهادي بين الناس وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقبل الهدية، ويصعبُ على البعض التفرقة بين الهدية وغيرها؛ كالهبة والرشوة. فنرجو منكم بيان مفهوم الهدية والفرق بينها وبين الهبة والرشوة؟

الهدايا، والصدقات، والتبرعات، وكل ما يُملَّك من غير عِوضٍ؛ هي من العطايا التي حبب فيها الشرع الشريف ودعا إلى فعلها كوجهٍ من وجوه البرِّ ومظهرٍ من مظاهر الخير؛ لِمَا فيها من تأليف القلوب، وتوثيق عُرى المحبة، وسد الحاجات؛ قال تعالى: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ﴾ [البقرة: 177]، وقال: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2].

قال الإمام ابن حزم الظاهري في "المحلى بالآثار" (8/ 125، ط. دار الفكر): [ووجدنا كلَّ معروفٍ وإن كان يَقَعُ عليه اسمُ صدقةٍ فله اسمٌ آخرُ يخصُّه؛ كالقرْضِ، وَالْهِبَةِ، وَالْهَدِيَّةِ، وَالْإِبَاحَةِ، وَالْحَمَالَةِ، وَالضِّيَافَةِ، وَالْمِنْحَةِ، وسائرِ أَسماءِ وجوه البِرِّ] اهـ.

وكان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يقبل الهدية ويدعو لقبولها، ويُثيب عليها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ» رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، وبوَّب عليه بقوله: (باب القليل من الهبة).

وتُعرف الهديَّة في الاصطلاح بأنها: المال الذي أُتحِفَ به وأُهْدِيَ لأحدٍ إكرامًا له.

والفرق بينها وبين الهبة: أن كلًّا منهما: تمليكٌ في الحياة بلا عوض، غير أن الهبة يلزم فيها القبول عند أكثر الفقهاء، ولا يلزم ذلك في الهدية.

قال العلامة ابن رشد المالكي في "البيان والتحصيل" (17/ 397، ط. دار الغرب الإسلامي): [الفرق في المعنى بين الصدقة والهدية: أن الصدقة هي: ما يَقصِد بها المتصدِّقُ الإحسانَ إلى المتصدَّق عليه والتفضل عليه، والهدية هي: ما يَقصِدُ بها المهدي إكرامَ المُهدَى إليه وإتحافَه بالهدية لكرامته عليه ومنزلته عنده؛ إرادةَ التقرب منه، فالمتصدِّق يتفضل على المتصدَّق عليه، وليس المهدِي يتفضل على المُهدَى إليه، وإنما المُهدَى له هو المتفضِّل على المُهدِي في قبول الهدية] اهـ.

وقال العلامة الصاوي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (3/ 12، ط. دار المعارف): [والمراد بالهبة: ما يشمل الصدقة والهدية مِن كل ما لا يُنتظَرُ فيه مُعاوَضةٌ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "الروضة" (5/ 364، ط. المكتب الإسلامي): [التمليك المحض ثلاثة أنواع: الهبة، والهدية، وصدقة التطوع، وسبيلُ ضبطها أن نقول: التمليك لا بعوض "هبة". فإن انضم إليه حملُ الموهوب من مكان إلى مكان الموهوب له؛ إعظامًا له أو إكرامًا: فهو "هدية". وإن انضم إليه كونُ التمليك للمحتاج تقربًا إلى الله تعالى وطلبًا لثواب الآخرة: فهو "صدقة". فامتياز الهدية عن الهبة: بالنقل والحمل من موضع إلى موضع.. فحصل من هذا: أن هذه الأنواع تفترق بالعموم والخصوص؛ فكلُّ هديةٍ وصدقةٍ هبةٌ، ولا تنعكس] اهـ.

وقال العلَّامة ابن الرِّفْعة الشافعي في "كفاية النبيه" (12/ 87، ط. دار الكتب العلمية): [الهبة، والهدية، وصدقة التطوع: أنواع من البر، يجمعها: تمليك العين من غير عوض، فإن تمحض فيها طلب الثواب من الله تعالى بإعطاء محتاج فهي صدقة، وإن حملت إلى مكان المهدي إليه؛ إعظامًا له وإكرامًا وتوددًا فهي هدية، وإلا فهبة] اهـ.

كما فرَّق العلماء بين الرشوة والهدية: بأن الرشوة ما أُخِذَتْ طلبًا، والهدية ما بُذِلَتْ عفوًا؛ كما قال الإمام الماوردي في "الأحكام السلطانية" (ص: 198، ط. دار الحديث).

وفي "الفتاوى الهندية" (3/ 330، ط. دار الفكر): [الهدية: مال يعطيه ولا يكون معه شرط، والرشوة مال يعطيه بشرط أن يعينه؛ كذا في "خزانة المفتين"] اهـ. ومما سبق يُعلَم الجواب عما جاء بالسؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الشرع والقانون في وصية سيدة يهودية الديانة أجنبية الجنسية مقيمة بالديار المصرية لشخص مصري مسلم؟ وهل هذه الوصية تعتبر صحيحة أو غير صحيحة؟


يقول السائل: بعض الأزواج يقومون بالاعتداء بالضرب على زوجاتهم، ويدّعون أن ذلك  توجيه من الشرع؛ فما ردّكم على هذه الدعوى؟


ما حكم هبة السفيه؟ فقد سأل رجل من درنة ببلاد طرابلس الغرب في رجل سفيه معتوه لا يحسن التصرف، فأقام القاضي لتلك البلدة عليه عَمَّ ذلك السفيه المعتوه قيّمًا لينظر في مصالحه، ثم حصل من ذلك القيم المذكور ترغيب ذلك السفيه المذكور في أن ذلك السفيه المذكور يهب ثلث ما يملكه من العقارات لابن ذلك القيم المذكور، وبعد موت ذلك السفيه المذكور أبرز الموهوب له حجته، فهل تصح تلك الهبة أو لا تصح؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.


ما حكم الرجوع في الهبة بعد سنوات من تمليك الواهب للموهوب له العين الموهوبة؟ فهناك صديقان أهدى أحدهما للآخر مبلغًا كبيرًا من المال اشترى به الآخر وحدة سكنية، ثم حدث بينهما شجارٌ كبير وخلافٌ أدَّى إلى تعكير صفو ما بينهما من مودَّة، فجاء الصديق الأول "الواهب" -بعد سنوات- من استقرار صديقه الآخر "الموهوب له" في البيت الذي اشتراه بمال الهبة والذي رتَّب حياته عليه، وطالبه بأن يخرج من البيت ويعيده إليه بدعوى أنَّه قد بَذَلَ هذا المال لرجلٍ كان يظنه محبًّا مخلصًا، وبعد الشجار ظهر له خلاف ما كان يأمله فيه، لذلك هو يعتبر نفسه أنه قد بذل هذا المال منخدعًا، ويحق له أن يسترجعه،  فهل يجوز له أن يرجع في هبته تمسُّكًا بأنَّ السادة الحنفية يجيزون الرجوع في الهبة؟ وهل نسبةُ ذلك للحنفية صحيحة أو لا؟


ما المراد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا»؟ وهل فيه دليل على عدم جواز الاستعانة بالحساب الفلكي في إثبات الأهلة، أو إبطاله هو أو غيره من العلوم؟


ما حكم الحج والعمرة عن طريق المسابقات؟ فقد اشتركتُ وبعض أصدقائي في مسابقة ثقافية نظَّمتها إحدى الجهات الخيرية، وأعلنوا أنَّ جائزتها رحلةُ حَجٍّ أو عُمْرةٍ، فهل يجوز لي حال الفوز بهذه المسابقة أن أحجَّ أو أعتمر بهذه الكيفية؟