حكم صوم من نزل منها دم في غير موعد الدورة الشهرية

تاريخ الفتوى: 11 سبتمبر 2023 م
رقم الفتوى: 20143
التصنيف: الصوم
حكم صوم من نزل منها دم في غير موعد الدورة الشهرية

ما حكم صوم من نزل منها دم في غير موعد الدورة الشهرية؟ فهناك امرأةٌ تأتيها العادةُ خَمْسَةَ أيامٍ كلَّ شهرٍ، وأثناء صيامها في شهر رمضان السابق بعد انقطاع دم الحيض بعشرة أيامٍ، نزل عليها دمٌ طول نهار الصوم ثم انقطع بعد المغرب، ولَم تفطر، فهل صومها في هذا اليوم صحيحٌ شرعًا؟

ما دام دمُ الحيض قد انقطع عن المرأة المذكورة لتمام عادتها، ورَأَت بعده نقاءً مِن الدم، ثم نزل عليها دمٌ قبل مُضِيِّ أقل مِن خمسة عشر يومًا من الطهر التام واستمر نزول هذا الدم مدةَ نهارِ الصوم ثم انقطع، فواصَلَت المرأة صيامَها ولَم تُفطر، فإن صومَها في هذا اليوم صحيحٌ شرعًا، ولا حرج عليها.

المحتويات

 

أنواع الدم الخارج من رحم المرأة

الدم الذي يخرج من المرأة لا يخلو أن يكون دم حيضٍ أو نفاسٍ أو استحاضة، إذ قد "أجمعَ العلماءُ أنَّ للدماءِ الطاهرة من الأرحام ثلاثة أحكام: أحدها: دمُ (الحيض) يمنع من الصلاة، والثاني: دمُ (النفاس) حكمه في الصلاة كحكم الحيض بإجماع، والثالث: دمٌ ليس بعادةٍ ولا طبعٍ للنساء ولا خِلْقَةٍ معروفةٍ، وإنمَّا هو عِرْقٌ سالَ دَمُه، فحكم هذا إنْ عَمَدَت المرأة في الأيام التي ينوبها طاهرة، ولا يمنعها من صلاةٍ ولا صومٍ"، كما قال الإمام أبو الحسن ابن القَطَّان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 105، ط. الفاروق الحديثة).

حكم الدم النازل من المرأة في غير وقت الحيض

اتفق الفقهاء على أنَّ الدم الذي يخرج مِن المرأة في غير وقت الحيض لا يكون حيضًا، وإنما يكون دم استحاضةٍ، ولا يمنع من الصلاة والصوم كما سبق. ينظر: "حاشية العلامة الطحطاوي الحنفي على الدر المختار" (1/ 661، ط. دار الكتب العلمية)، و"كفاية الطالب الرباني" لنور الدين أبي الحسن المنوفي المالكي (1/ 135، ط. دار الفكر، مع "حاشية العدوي")، و"كفاية الأخيار" للإمام تقي الدين الحِصْنِي الشافعي (ص: 75، ط. دار الخير)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (1/ 196، ط. الكتب العلمية).

المختار للفتوى في أقل مدة الحيض وأكثرها

مع اتفاقهم على أنَّ الدم الذي يخرج من المرأة في غير وقت الحيض لا يكون حيضًا، إلا أنهم اختلفوا في أقلِّ مدة الحيض وأكثرها، وأقلِّ مدة الطهر التي تكون بين الحيضتين.

والذي عليه الفتوى: أنَّ أقلَّ الحيض ثلاثة أيامٍ بلياليهن، وأكثره عشرة أيام بلياليها، وما نقص عن أقله أو زاد على أكثره فهو دم استحاضةٍ، وهو مذهب الحنفية.

أقل مدة للطهر بين الحيضتين ودليل ذلك

كما أنَّ أقلَّ مدة الطهر بين الحيضتين: خَمْسَةَ عَشَرَ يومًا كاملة تَرى المرأةُ فيها نقاءً تامًّا، فإذا رأت الدمَ قبل هذه المدة بعد حيضةٍ تامَّةٍ -كما هي مسألتنا-، فإن هذا الدم يكون استحاضةً، ولا يَمنع نزولُه مِن أداء العبادة.

ويُستَدلُّ لذلك بما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «أَقَلُّ الْحَيْضِ: ثَلَاثٌ، وأَكْثَرُهُ: عَشْرٌ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا» أخرجه أبو يوسف الفسوي في "المعرفة والتاريخ"، والبيهقي في "الخلافيات"، وابن الجوزي في "العلل المتناهية"، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" من حديث أمير المؤمنين الإمام عليٍّ وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما.

قال كمال الدين ابن الهُمَام في "فتح القدير" (1/ 174، ط. دار الفكر): [(قوله: وأقل الطهر خمسة عشر يومًا)؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَقَلُّ الْحَيْضِ: ثَلَاثَةٌ، وَأَكْثَرُهُ: عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَأَقَلُّ مَا بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ: خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا» ذكره في "الغاية"، وعزاه قاضي القضاة أبو العباس إلى الإمام، وتقدم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في "العلل المتناهية"، قيل: وأجمعت الصحابة عليه، ولأنه مدة اللزوم فكان كمدة الإقامة] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما دام دمُ الحيض قد انقطع عن المرأة المذكورة لتمام عادتها، ورَأَت بعده نقاءً مِن الدم، ثم نزل عليها دمٌ قبل مُضِيِّ أقل مِن خمسة عشر يومًا من الطهر التام استمر مدةَ نهارِ الصوم ثم انقطع، فواصَلَت صيامَها ولَم تُفطر، فإن صومَها في هذا اليوم صحيحٌ شرعًا، ولا حرج عليها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم صيام من كان يصوم وهو جُنُب جهلًا بالغسل وكيفيته؟


ما معنى الحديث القدسي: «إلا الصوم فإنه لي»؛ حيث جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه أخبر عن الله عزَّ وجلَّ قوله: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، فَلِمَ خصَّ اللهُ تعالى الصومَ من دون غيره من الأعمال بأنه لنفسه ويجازي عليه؟


هل يجب الصيام على أصحاب المناطق الحارة جدًّا مع صعوبته عليهم؟


ما حكم صيام مريض القلب؟ فإني أبلغ من العمر 79 عامًا، وأنا مريضٌ بالقلب، وأُعالَج مِنْه منذ أكثرِ من خمس سنوات، وأتعاطى علاج القلب بناءً على طلب الطبيب، ولا أستطيع الصيام؛ فهل يجوز لي الإفطار؟ وما مقدار الفدية في هذه الحالة؟


ما حكم صيام سيدنا داود عليه السلام؛ فإني سمعت من أحد الأصدقاء أن صيام نبي الله داود عليه السلام هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى، وما كيفيته؟


هل الدواء الذي يؤخذ للغرغرة في الفم يبطل الصيام؟