ما حكم الفطر في رمضان لمن عاد من سفره إلى بيته قبل الفجر بدقائق؟ حيث إن الرجل عاد مِن سفره إلى بيته في إحدى ليالي شهر رمضان المبارك قبل الفجر بوقتٍ قليل، فهل يجب عليه صيام هذا اليوم الذي وَصَل فيه أو يُرخَّص له الفطر؟
لا يُرَخَّصُ للرجل الفطرُ في اليوم الذي قَدِمَ فيه مِن سفره إلى بيته قبل طلوع الفجر ولو بوقتٍ قليلٍ يكفي لإيقاع نية الصوم؛ لزوال رخصة الفطر عنه بانتهاء سفره، وكونه أصبح مُقيمًا حينئذٍ.
المحتويات
مِن يُسر الشريعة السَّمْحَة أنها رخَّصَت للمسافر أن يُفطر مَتَى كانت مسافةُ سَفَرِهِ لا تَقِلُّ عن مرحلتَيْن -وتُقَدَّران بنحو ثلاثةٍ وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر-، بشرط ألَّا يكون سَفَرُه هذا بغرض المعصية، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].
فمتى أقام المسافرُ بأن وَصَل إلى محلٍّ يقيم فيه، سواء كان هذا المحلُّ وَطَنَهُ ومَسْكَنَهُ، أو كان محلَّ إقامةٍ مؤقتةٍ وقد نَوَى أن تزيد مدةُ إقامته فيه على المدة التي يُرَخَّص له بالفطر فيها -على اختلافٍ بين الفقهاء في تحديدها-، زالَت عنه رُخصة الفطر، فإذا كان ذلك الوصولُ ليلًا مثلًا -كما هي مسألتنا-، فإنه لا يجوز للمكلَّف الفطرُ في هذا اليوم، بل يجب عليه الصوم، إذ قد اتفق الفقهاءُ "على أنَّ صيامَ نهارِ أيامِ رمضان على الصحيح المُقِيم.. إلخ"، كما قال الإمام ابن القَطَّان في "الإقناع" (1/ 226، ط. الفاروق الحديثة)، وبوصول المسافر إلى محلٍّ يُقيم فيه على النحو السابق بيانُهُ يُصْبِحُ مُقِيمًا، وقد كان "المرخِّص هو السفر، وقد زال"، كما قال العلامة المَيْدَانِي في "اللباب في شرح الكتاب" (1/ 108، ط. المكتبة العلمية).
هذا ما قرَّره جماهير الفقهاء مِن المذاهب الفقهية المتبوعة.
قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني الحنفي في "الجامع الصغير" (ص: 139، ط. عالم الكتب): [مُسَافرٌ نَوَى الإفطار ثم قَدِمَ المصرَ قبل الزَّوَال فَنوى الصوم، أجزأه] اهـ.
قال برهان الدين ابن مَازَه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 399، ط. دار الكتب العلمية) مُعَلِّلًا: [لأن الصوم واجبٌ على المسافر؛ نظرًا للسبب والأهلية، لكن رُخِّص له الترك لأجل السفر، فإذا انتهى السفرُ نهايته، والوقت قابلٌ للصوم، لزمه الأداء] اهـ.
وقال العلامة علي بن خلف المُنُوفِي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 453، ط. دار الفكر، مع "حاشية العلامة العدوي"): [(ومَن سافَر سفرًا) أي: تَلَبَّسَ بسَفَرٍ وقت انعقاد النِّية، (تُقْصَرُ فيه الصلاة) وهو أربعةُ بُرُدٍ فأكثر ذاهبًا أو راجعًا، ولم يكن سَفَرَ معصيةٍ، وباتَ على الفطر (فـ) يُباح (له أن يفطر)] اهـ.
قال العلامة العدوي مُحَشِّيًا عليه: [(قوله: أي تَلَبَّسَ بسفرٍ وقت انعقاد النِّية) بأن وَصَل إلى محلِّ بدءِ القصرِ قبل طلوع الفجر، أو مع طلوع الفجر؛ لأنَّ وقت انعقاد النِّية هو قبل طلوع الفجر أو مَعَهُ] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 236، ط. دار الكتاب الإسلامي) فيما ينتهي به سفرُ المسافر وينقطع به تَرَخُّصُه: [(ينتهي سفرُه ببلوغه مبدأ سفره) -وفي نسخةٍ: (بمجاوَزَة مبدأ سفره)-؛ أخذًا بما قيل: ينبغي ألَّا ينتهي إلا بدخوله العمران، كما لا يصير مسافرًا إلا بخروجه منه] اهـ. فأفاد أنه مَتَى وَصَل المسافرُ إلى محلِّ العُمران مِن بَلَدِهِ فهو مُقيم، وإذا كان كذلك فقد سَقَطَت عنه رُخَصُ الفطر حينئذٍ.
وجاء في مذهب الحنابلة: أنَّ المسافر إذا وَصَل إلى بَلَدِهِ نهارًا، وكان قد ترخَّص بالفطر في السفر مِن أوَّل اليوم، وَجَب عليه الإمساك بقية النهار، بل إذا عَلِمَ قبل الفجر أنه يَصِلُ مِن سفره ويكون مقيمًا في نهار الغد، فإنه يجب عليه صوم هذا اليوم على الصحيح عندهم.
قال شرف الدين أبو النَّجَا الحَجَّاوِي الحنبلي في " الإقناع في فقه الإمام أحمد" (1/ 306، ط. دار المعرفة) في الواجب على مَن أفطر في رمضان: [أو قَدِمَ مسافرٌ، أو برئ مريض مُفْطِرَيْن، فعليهم القضاء والإمساك.. وإن عَلِمَ مسافرٌ أنه يَقْدَم غدًا، لزمه الصوم نَصًّا] اهـ.
وقال علاء الدين المَرْدَاوِي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 282-283، ط. دار إحياء التراث العربي): [ولو عَلِمَ المسافرُ أنه يَقْدَمُ غدًا، لزمه الصوم، على الصحيح] اهـ. فأفاد أنَّ المسافر إذا أقام قبل طلوع الفجر وَجَب عليه الصوم مِن باب أَوْلَى.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا يُرَخَّصُ للرجل المذكور الفطرُ في اليوم الذي قَدِمَ فيه مِن سفره إلى بيته قبل طلوع الفجر ولو بوقتٍ قليلٍ يكفي لإيقاع نية الصوم؛ لزوال رخصة الفطر عنه بانتهاء سفره وعَدِّه مُقيمًا حينئذٍ.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم اعتكاف المرأة في بيتها؟ فأنا لم أتزوج بعد، وأرغب في أن أنال ثواب الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان هذا العام قبل أن تشغلني مشاغل الحياة بعد زواجي، ويخبرني بعض مَن حولي بأن اعتكاف المرأة إنما يكون في بيتها لا في المسجد، أرجو الإفادة بالرأي الشرعي في ذلك.
تسأل المنظمة الكشفية العربية وتقول: سيُنَظَّم المخيم الكشفي العالمي الثاني والعشرون بجنوب مملكة السويد، وسيشارك عشرات الآلاف من مختلف دول العالم منهم مسلمون، وسيكون الأسبوع الأول من فترة المخيم في رمضان المعظم، علمًا بأن فترة الصيام قد تصل إلى 19 ساعة في اليوم؛ فما حكم الصوم والإفطار في هذه الحالة؟
ما حكم من أكل أو شرب عامدًا في نهار رمضان؟
ما حكم نقلُ الوديعة بسبب سفر المودع عنده؟ فهناك رجلٌ أودع أمانةً عند أحدِ الأشخاص ليحفظها له دون أجرٍ وسافَر، وطرأ للمودَع عنده سفرٌ عاجِل، فهل يجوز له أن ينقل هذه الأمانة إلى مَن يثق بهِ في حفظ ماله حتى عودتِه مِن سفرِه؟
ما حكم مَن سلك الطريق الأطول ليترخص برخص السفر؛ فهناك رجلٌ سافر لزيارة أقاربه، وبلدتهم لها طريقان، أحدهما طويلٌ يبلغ مسافة القصر، والآخر قصيرٌ لا يَبلُغها، فسَلَك الطريق الأطول مِن أَجْل أنْ يترخص برُخَصِ السَّفر ويَعمل بأحكامه مِن نحو قصر الصلاة والفطر في رمضان، لا مِن أَجْل غرضٍ آخَر، فهل له الترخُّصُ برُخَص السفر والعملُ بأحكامه في هذه الحالة؟