حكم ترك الصيام لفوات السحور

تاريخ الفتوى: 14 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 20363
التصنيف: الصوم
حكم ترك الصيام لفوات السحور

ما حكم تَركُ الصيام لفوات السُّحُور؟ فقد سمعتُ أنه يجوزُ تَرْك الصيام في رمضان بعد نيته مِن الليل في حالةِ فوات السُّحُور؛ لعدم الاستيقاظ ليلًا، فهل هذا صحيحٌ؟

تركُ السُّحُور في حَد ذاته غير مبيحٍ للفِطْر في رمضان، علمًا بأنَّ تَحمُّل مشقة الصيام مِن أعظم القُرُبات التي اختص الله الجزاء بها، فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسَلَّم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْم، فَإنَّه لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.

وفي واقعة السؤال: لا يجوزُ ترك الصوم تحت مبرر فوَاتِ السُّحُور، ومَن تعَدَّى بفطره في صومٍ واجبٍ بغير عذرٍ مُبيحٍ للفطرِ كان آثمًا، ووجبَ عليه القضاء.

المحتويات

 

تفسير معنى البركة في السحور وبيان حكمه

السُّحُورُ سُنَّةٌ مندوبٌ إليهِ، ومَرغُوبٌ فيهِ، وقد أخبَرَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أَنَّهُ سَبَبٌ لحُصُولِ البركة للصَّائم؛ فعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» أخرجه الشيخان.

والبَرَكةُ في السُّحُور -كما يُفَسِّرها العَلَّامة تقي الدِّين ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (2/ 9، ط. مطبعة السنة المحمدية):- [يجوز أن تعودَ إلى الأُمُورِ الأُخرَويَّة، فإِنَّ إقامةَ السُّنَّة تُوجِبُ الأَجر وزِيَادَتَهُ، ويُحتَملُ أن تعودَ إلى الأُمُورِ الدُّنيَوية؛ لقوةِ البدنِ على الصومِ، وتيسِيرِهِ مِن غيرِ إجحَافٍ بِهِ] اهـ.

حكم ترك الصيام لفوات السحور

مع كون السُّحُورِ من المستحبات إلَّا أنَّ الصومَ لا يُترَكُ بفوَاتِهِ، إلَّا إذا لَحِقَت بالمكلَّف مَشَقَّةٌ لا يتحمَّلُها، بحيث يَشُقُّ عليه الصوم، ويُؤثِّر فيه تأثيرًا شديدًا يضر جسدَه بشكل يصعب عليه احتمالُه، أو قد يَهلك ويَلْحَقُه شديدُ أذًى، أو يكون صومه سببًا في حصول المرض له، فحينئذٍ يكون الفِطْرُ رخصةً في حَقِّه؛ لحصولِ المشقَّةِ، لا بسببِ فَوَاتِ السُّحُورِ؛ لأنَّهُ لا يجوزُ تَركُ الصومِ الواجبِ بعدَ دُخولِ وقتِهِ والشروعِ فيهِ إلَّا بعُذرٍ مُبيحٍ للفطرِ.

نصوص الفقهاء في هذه المسالة

هذا ما تواردت عليه عبارات الفقهاء، حيث نَصُّوا على أَنَّهُ لا يجوزُ الخروج مِن الصومِ الواجبِ بعدَ عقدِ النيَّةِ عليه والشروعِ فيهِ إلَّا بعذرٍ، وأَنَّ مَن تعدَّى بفطرهِ كان آثِمًا، ووجب عليه القضاء، وزاد بعضهم الكفارة.

قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (1/ 77، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمَعَتِ الأُمةُ ونَقَلَتِ الكافةُ فيمَن لم يَصُم رمضانَ عامدًا وهو مؤمنٌ بفرضِهِ وإنَّما تركهُ أَشَرًا وبَطَرًا، تَعَمَّدَ ذلك، ثُمَّ تاب عنه: أَنَّ عليه قَضَاءَهُ] اهـ.

وقال شمس الأئمة السَّرَخْسِي الحنفي في "المبسوط" (3/ 69، ط. دار المعرفة) في كلامه على مَن أفسد صومَهُ بعد الشروعِ فيه: [لأَنَّه بالشروعِ تعيَّن هذا اليومُ لأَداءِ الصومِ المشروعِ فيه... والإفساد في ذلكَ الزمان يوجب القضاء، فهذا مِثلُه... وهذه المسأَلَةُ تُبنَى على أصلٍ وهو: أنَّ بعدَ الشروعِ لا يُباحُ له الإفطار بغيرِ عُذرٍ عندنا] اهـ.

وقال العَلَّامة ابن مازه الحنفي في "المحيط البرهاني" (2/ 390، ط. دار الكتب العلمية): [أمَّا في الفرضِ والواجبِ لا يَحِلُّ الإفطارُ إلَّا بعُذرٍ] اهـ.

وقال العَلَّامة أبو عبد الله الخَرَشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 262، ط. دار الفكر): [مَن أفطَرَ في رمضان أو نافلةٍ عمدًا بأكلٍ أو نحوه فإِنَّهُ يَلزَمُهُ القضاءُ، والكفارةُ إن كانَ في رمضان] اهـ.

وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 324، ط. دار المعرفة): [مَن دَخَل في صومٍ واجبٍ عليهِ مِن شهرِ رمضانَ أو قضاءٍ أو صوم نذرٍ أو كفارةٍ من وجهٍ من الوجوهِ، أو صلَّى مكتوبةً في وقتها أو قضاها، أو صلاةً نَذَرهَا، أو صلاةَ طوافٍ، لم يكن له أن يخرُجَ من صومٍ ولا صلاةٍ ما كان مُطيقًا للصومِ، والصلاةِ على طهارةٍ في الصلاة، وإن خَرَجَ من واحدٍ منهما بلا عذرٍ مما وصفت أو ما أشبَهَهُ عامدًا، كان مُفسدًا آثمًا عندنا] اهـ.

وقال العَلَّامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 160- 161، ط. مكتبة القاهرة): [ومَن دَخَل في واجبٍ، كقضاءِ رمضانَ، أو نذرٍ معينٍ أو مطلقٍ، أو صيام كفارةٍ؛ لم يَجُز له الخروجُ منهُ؛ لأَنَّ المُتَعَيِّن وجب عليه الدخولُ فيه، وغيرَ المُتَعَيِّن تَعَيَّنَ بدخولهِ فيه، فصار بمنزِلَةِ الفرضِ المُتَعَيِّن، وليس في هذا خلافٌ بحمد الله] اهـ.

الخلاصة

على ذلك: فتركُ السُّحُور في حَد ذاته غير مبيحٍ للفِطْر في رمضان، علمًا بأنَّ تَحمُّل مشقة الصيام مِن أعظم القُرُبات التي اختص الله الجزاء بها، فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسَلَّم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْم، فَإنَّه لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ». رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.

وفي واقعة السؤال: لا يجوزُ ترك الصوم تحت مبرر فوَاتِ السُّحُور، ومَن تعَدَّى بفطره في صومٍ واجبٍ بغير عذرٍ مُبيحٍ للفطرِ كان آثمًا، ووجبَ عليه القضاء.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الواجب على المرأة إذا أفطرت بسبب وضع الحمل؟ فنحن نرجو منكم بيان ما يلزم المرأة إذا أفطرت في شهر رمضان بسبب وضع الحمل؛ حيث وضعت امرأة في أول شهر رمضان، وأفطرت أيام الشهر كله، وأخبرها إمام مسجد أن تخرج فدية عن كل يوم أفطرته بواقع مسكين عن كل يوم، وقد فعلت ذلك.


نرجو بيان ما يجب على من أفطر أيامًا في شهر رمضان لعذر؟ لأنه يوجد امرأة كبيرة بالسنِّ، أفطرت عدة أيام من كل شهر رمضان مرَّ عليها ولم تقضها، وعندما أرادت أن تُعوّض هذه الأيام أدركت أنها كثيرة وأنها تجد مشقة في صيامها؛ لأنها تصوم رمضان بمشقة وتعب. وتسأل عن الآتي:

- هل يجوز إطعام فقير عن كلِّ يوم، أو دفع نقود بدل الإطعام؟ وما المبلغ المطلوب دفعه عن كل يوم؟

- إذا كان دفع النقود جائزًا، فهل يجوز دفعه في أي شهر من السنة؟

- وهل يجوز دفعها إلى صندوق في مسجد، وهو مخصص لمساعدة أهل الحي الفقراء، ويقوم المشرفون عليه بتوزيعها على المستحقين؟


ما الذي يلزم المسلم إذا كان مريضًا لا يستطيع الصوم، وفقيرًا لا يستطيع إخراج الفدية؟


ما مدى اشتراط تبييت النية  في صيام الست من شوال؟ فقد استيقظتُ من نومي صباحًا بعد صلاة الفجر في شهر شوال، وأَرَدتُ أن أصوم يومًا من أيام الست من شوال، فهل يصح مني هذا الصوم، أو يشترط أن أَنْويَ ذلك ليلة الصوم؟


ما حكم استخدام الحقن المسكنة والمضاد الحيوي والمحلول الملحي والجلوكوز والمانيتول الذي يدر البول لمرضى ضغط العين؟ وما حكم زبدة الكاكاو المرطبة للشفاه المتشققة؟ وذلك في أثناء الصيام.


هل يجب في الصوم المتتابع تجديد النية في كلِّ يومٍ، أو تَكْفِي نية واحدة للصوم كله؟