حكم الوعد ببيع عقار قبل تملكه

تاريخ الفتوى: 14 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 20411
التصنيف: البيع
حكم الوعد ببيع عقار قبل تملكه

ما حكم الوعد ببيع عقار قبل تملكه؟ فهناك رجلٌ مات والدُه، وترك محلًّا بالإيجار، وقد اتفق هذا الرجلُ مع صاحب المحل على شرائه منه بمبلغٍ محددٍ دفعه له وتم البيع، على أن يتم توثيق هذا البيع ونقل أوراق الملكية خلال مهلة أسبوعين، وأثناء هذه الفترة وجد مشتريًا لهذا المحل بمبلغ أكبر، فوَعَدَه ببَيْعه له بعد أن يُنهي إجراءات الشراء ونَقْل المِلكية رسميًّا لنَفْسه أولًا، فما حكم هذا الوعد الذي جرى بينه وبين ذلك الراغِب في شراء المحل منه شرعًا، وذلك بعد إتمام تلك الإجراءات؟

وَعْد الرجل المذكور أن يبيع المحل -بعد إنهاء إجراءات تملُّكه لنَفْسه أولًا- لذلك الراغِبِ في شرائه منه بمبلغٍ أكبر مما اشتراه به -لا حرج فيه، وهو وعد بالبيع يجب الالتزامُ والوفاءُ به شرعًا.

المحتويات

 

حكم الوعد ببيع عقار قبل تملكه

أباح الشرعُ الشريفُ العقودَ التي تحقق مصالح أطرافها متى كانت خاليةً من الغش والغرر والضرر والربا وسائر الممنوعات، ومن أهم العقود التي أباحها الشرع الشريف رفقًا بالعباد وتعاوُنًا على حصول معاشهم: عقد البيع، وهو عقد معاوَضة مالية تفيد مِلك عينٍ أو منفعةٍ على التأبيد لا على وَجْه القُربة، كما في "حاشيتي قليوبي وعميرة" (2/ 191، ط. دار الفكر)، وهو متوافق مع تعريف البيع الذي نصَّ عليه القانون المدني رقم (١٣١) لسنة (١٩٤٨م) في المادة (٤١٨) منه، والتي تنص على أنَّ: [البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكيةَ شيءٍ أو حقًّا ماليًّا آخَر في مقابِل ثمنٍ نقدي] اهـ.

وبالنظر في التعامل محل السؤال نجده يتكون من شِقَّين:

أما الشِّق الأول: فهو عقد بيعٍ تمَّ بين متعاقدَين على محلٍّ معلومٍ بثمنٍ معلومٍ، مع اتفاقهما على توثيق هذا العقد بشكل رسمي بناءً على ما اتَّفَقَا عليه؛ ضمانًا لحقوقهما، ومَنعًا مِن وقوع النزاع والشقاق بينهما فيما بَعْدُ، وقد حدَّد البائعُ والمشتري مدةً زمنية مقدارُها أسبوعان لإتمام إجراءات البيع والتوثيق.

وما دَامَ المتعاقِدان قد حَدَّدَا أركانَ البيع وشروطَه، وتراضَيَا على الثمن المُستَحَق، وتَمَّ البيعُ بينهما، واتَّفَقَا كذلك على الوقت الذي سوف يُوثِّقان فيه عقدَ البيع ويُتِمَّانِ إجراءاته القانونية، فإنه يكون بيعًا صحيحًا جائزًا ونافذًا شرعًا، ولا يُؤثِّر تَأخُّر توثيق العقد في صحته؛ حيث إنَّ الشكل الإجرائي للأوراق ليس شرطًا في صحة عقد البيع، ولا يترتب على تأخره فساد العقد، وإنما محل صحة العقد الثمنُ والمثمَنُ والإيجابُ والقبولُ اللَّذان يَدُلَّان على حصول الرضا مِن المتعاقدَيْن.

وأما الشِّق الثاني: فهو صورة مِن الوعد بالبيع، والوعد بالبيع مختلفٌ عن البيع، حيث يُراد به الْإِخْبَار بإيصال الْخَيْر فِي الْمُسْتَقْبل، كما في "عمدة القاري" للإمام بدر الدين العَيْنِي (1/ 220، ط. دار إحياء التراث العربي)، فلا يتضمن مجردُ الوعدِ معاوضةً، ولا يترتب عليه تمليكُ عينٍ أو منفعة.

فما حدث مِن وَعْدٍ واتفاقٍ بين الطرفين المذكورَين في السؤال على أن يبيع أحدُهما للآخَر محلًّا معلومًا له بثمنٍ معلومٍ أيضًا، مع اتفاقهما على أن يتمَّ ذلك في وقت معيَّن، وما دَامَا قد حَدَّدَا أركانَ البيع وشروطَه الأساسية، والوقتَ الذي سوف يُبرِمَانِهِ فيه، وعَلَّقَا ذلك على حصولِ سببٍ هو إتمام البيع الأول فهو جائزٌ شرعًا، ويجب على البائع الالتزامُ بهذا الوعد عند إنهاء إجراءات التملُّك لهذا المحل مِن البائع الأول.

ذلك أنَّ الوفاء بالوعد صفةٌ مِن صفات المؤمنين الذين امتدَحَهم اللهُ جَلَّ وَعَلَا بحِفظِهم للأمانات، ووفائهم بالعهود والتزامهم بالعقود، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ﴾ [المؤمنون: 8].

قال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (5/ 463، ط. دار طيبة): [أي: إذا اؤتُمِنُوا لم يَخونوا، بل يؤدُّونها إلى أهلها، وإذا عاهَدوا أو عاقَدوا أَوْفَوْا بذلك] اهـ.

وأيضًا فإن الوفاء بالوعد والالتزام بالعقد داخلٌ تحت عموم كثير من الآيات التي وردت ليؤكِّد مدلولُها معنَى طلب الوفاء بالعهود والالتزام بالعقود، كما في قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [الْمَائِدَةِ: 1]، وقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ ۝ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصَّفِّ: 2- 3].

وورد في السُّنَّة عن حُذَيْفَةَ بن الْيَمَانِ رضي الله عنه قال: مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قال: فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا؟ فَقُلْنَا: مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: «انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".

وفي الحديث دلالة واضحة على وجوب الوفاء بالعهد، كما قال القاضي عِيَاض في "إكمال المُعلِم بفوائد مسلم" (6/ 158، ط. دار الوفاء).

وقد نقل الإمامُ القاضي أبو بكر ابن العَرَبِي الإجماعَ على وجوب الوفاء بالوعد إذا تَعَلَّق بسببٍ مِن الأسباب -كما في مسألتنا-، فقال في "أحكام القرآن" (4/ 242، ط. دار الكتب العلمية): [فإن كان المَقُولُ منه وعدًا، فلا يخلو أن يكون منوطًا بسبب، كقوله: إن تزوجتَ أعنتُك بدينار، أو ابتعتَ حاجةَ كذا أعطيتُك كذا، فهذا لازم إجماعًا مِن الفقهاء] اهـ.

موقف القانون المصري من ذلك

على هذا جرى القانون المدني المصري في مادتيه رقم (101) و(102)، إذ نَصَّتَا على أنَّ الاتفاق بين الطرفين بالوعد على إبرامِ عقدٍ معيَّنٍ في المستقبَل يَنعقد ويكون لازمًا إذا تم فيه تَعيِينُ المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامُه مِن أركان ذلك العقد وشروطه الأساسية، والتي لا يَحتاج الطرفان بَعْد تعيينها إلى الاتفاق على شيءٍ آخَر، كتعيين المبيع والثمن والمدة التي سيتم إبرام العقد فيها، مع وجوب مراعاة ما يشترطه القانون في هذا الشأن مِن الشكلية في بعض العقود، وأنه يحقُّ للطرف الثاني إذا انصرف الطرفُ الأول عن وعده أن يرفع الأمر للقضاء، ومتى صَدَر الحكمُ لصالح الموعود حائزًا قوة الشيء المقضي به فإنه يقُوم مَقَامَ العقد الموعود به.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ وَعْد الرجل المذكور أن يبيع المحل بعد إنهاء إجراءات تملُّكه لنَفْسه أولًا لذلك الراغِبِ في شرائه منه بمبلغٍ أكبر مما اشتراه به لا حرج فيه، وهو وعد بالبيع يجب الالتزامُ والوفاءُ به شرعًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الاستفادة من نقاط الخصم التي تهديها إحدى المحلات التجارية للمشتري عند قيامه بعملية الشراء ؟ فهناك رجلٌ حصل على مجموعةٍ مِن نقاط الخصم مِن أحد المتاجر، مما يُتيح له شراء السِّلع مِن ذلك المتجر بتخفيض يكافئ تلك النقاط عند الطلب، فما حكم الشراء بهذه النقاط؟


السؤال عن اشتراط قبض الثمن عند مبادلة الذهب القديم أو الكسر بالذهب الجديد؛ هل يشترط قبض ثمن الذهب القديم أولًا بحيث يبيع التاجر الذهب القديم ويقبض ثمنه في يده ثم يشتري بعد ذلك الذهب الجديد ويدفع ثمنه؟ أم أن ذلك لا يشترط؟


يقول السائل: هناك تطبيقٌ إلكتروني تابعٌ لإحدى المنصات يقوم بالبيع بالتقسيط اعتمادًا على المتجر الخاص بالتطبيق، فيقوم العميل من خلال التطبيق باختيار السلعة وطريقة التقسيط من حيث المدة والثمن، وبمجرد الضغط على خيارٍ معينٍ في التطبيق يكون الشخص قد اشترى ما اختاره؛ وفقًا لأنظمة التقسيط المتاحة والرصيد المتاح للعميل، وهذا كله يتم بعد التعاقد بين العميل والشركة مالكة المنصة الإلكترونية، والذي تشترط الشركة فيه بعض الشروط لمعرفة المقدرة المالية لكل عميلٍ، والذي على أساسه يتم إتاحة الرصيد الخاص به.
والسؤال: ما حكم الشرع في التعامل بهذا التطبيق الإلكتروني؟
 


ما حكم هلاك المبيع عند المشتري في فترة الخيار؟ فقد اشترى رجل جاموسة من أحد الأشخاص على فرجة بمبلغ 73 جنيهًا، ودفع من ثمنها مبلغ 60 جنيهًا وقت استلامها، وبقي من الثمن 13 جنيهًا على حساب المعاينة والفرجة، وأحضرها إلى منزله الساعة 12 ظهرًا، فلما وضع لها الأكل أكلت خفيفًا، وعند المساء وقت الحلاب عاكست، وفي منتصف الليل أراد أن يضع لها برسيمًا فوجدها ميتة، وقد طالبه البائع بباقي الثمن وهو 13 جنيهًا، وطلب السائل الإفادة‏ عن الحكم الشرعي في هذا الموضوع.


ما حكم الاتجار في أدوية التأمين الصحي بالمخالفة للقانون؟ فنحن نرجو من سيادتكم إفادتنا عن بعض الأمور المتعلقة بمهنة الصيدلة من حيث الحِل والحرمة وبيان الحكم الشرعي وهي: قيام بعض الصيادلة بشراء وبيع أدوية التأمين الصحي من خلال صيدلياتهم العامة لغير المستحقين من جمهور المرضى، مع العلم أنه لا يجوز صرفها إلا من هيئة التأمين الصحي وليس من الصيدليات العامة؛ مما يضيع الكثير من الأموال من الميزانية العامة للدولة.


ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ حيث توجد بعض الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت تكون بين مجموعة من اللاعبين، يأخذ كل متسابق في بداية اللعبة عددًا من العملات الخاصة باللعبة (coins)، فإذا خسر قَلَّ عدد هذه العملات، وإذا تقدم في اللعبة زاد عددها، كما أنَّ اللاعب عند وصوله إلى مستوى معين يكون قد جمع الكثير من هذه العملات ولا يكون في حاجة إليها، فيبيعها لغيره بأموال حقيقية، عن طريق تحويلها إلى حساب الشخص الآخر في اللعبة، أو يبيع حساب اللعبة (account) بالكامل، بأن يعطي اسم الحساب والرقم السري للمشتري؛ فما حكم ذلك شرعًا؟