هل يجب على مَن يصلي العيد مع الإمام أن يجلس عقب الصلاة لحضور الخطبة والاستماع إليها، أو يجوز له أن ينصرف مباشرةً بعد الصلاة؟
أجمع الفقهاء على أنَّ خُطْبَةَ العيد ليست واجبةً ولا شرطَ صحةٍ لصلاة العيد، وإنما هي سُنَّةٌ يستحب حضورها لمن صلَّى العيد مع الإمام، فإذا تَرَكَهَا أجزأته صلاتُهُ ولا إعادة عليه، لكنه خلاف الأَوْلَى.
أما الاستماع والإنصات إلى الإمام لمن حَضَرها فهو واجبٌ في المعتمد عند الحنفية، كما هو الحال في الإنصات لخُطبة الجمعة، واختلف فيه فقهاء المالكية بين الوجوب وعدمه، وغيرُ واجبٍ عند الشافعية والحنابلة لكنه خلاف الأَوْلَى، وَكَرِهَهُ الإمام الشافعي.
المحتويات
اتَّفَقَ الفقهاءُ على أنَّ الخُطْبَةَ في العيدين ليست واجبةً ولا شرطَ صحةٍ لصلاة العيدين، وإنما هي سُنَّةٌ فيهما. ينظر: "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (2/ 175، ط. دار الفكر)، و"منح الجليل" للشيخ عِلِيش المالكي (1/ 466، ط. دار الفكر)، و"الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي الشافعي (2/ 493، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (2/ 287، ط. مكتبة القاهرة).
ودليل سُنِّيَّتِهَا: ما جاء عن عبد الله بن السَّائِبِ رضي الله عنه قال: حَضَرْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى بِنَا الْعِيدَ، ثُمَّ قَالَ: «قَدْ قَضَيْنَا الصَّلَاةَ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ» أخرجه الأئمة: أبو داود وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
قال الإمام أبو جعفر الطَّحَاوِي في "شرح مشكل الآثار" (9/ 359، ط. مؤسسة الرسالة) عقب ذكره الحديثَ المذكور: [فَعَقَلْنَا بما في هذا الحديث مِن إطلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمن شاء مِن المُصَلِّين معه تلك الصلاة الانصراف قبل حضور خُطبته بعدها: أنَّ الخُطبة للعيد ليست كالخُطبة للجمعة في الجلوس لها، والاستماع إليها] اهـ.
على الرغم مِن اتفاق الفقهاء على أنَّ خُطْبَةَ العيدين ليست كخُطبة الجمعة، وذلك مِن حيث عدم وجوبها في العيدين، وصحة صلاة العيد بدونها، بخلاف خُطبة الجمعة، إلا أنهم اختلفوا في حكم حضورها، والإنصات لها لمن حَضَرها.
ذهب الحنفية إلى أنَّ خُطبة العيد سُنَّةٌ يُستحب حضورها، ويجب على مَن حَضَرها الاستماعُ والإنصاتُ إليها كإنصاته في خطبة الجمعة؛ لأنها "إنما شُرعَت لتعليم ما يجب إقامته في هذا اليوم مِن صدقة الفطر أو الأضحية، وإنما يَحصُل التعليم بالاستماع والإنصات"، كما قال الإمام برهان الدين ابن مَازَه في "المحيط البرهاني" (2/ 100، ط. دار الكتب العلمية).
قال الإمام بدر الدين العَيْنِي في "البناية" (3/ 95، ط. دار الكتب العلمية) في بيان شروط الجمعة والعيدين: [ويشترط لأحدهما ما يشترط للآخر سوى الخُطبة، فإنها شرطٌ في الجمعة لا تجوز الصلاة بدونها، مستحبة في العيد تجوز صلاة العيد بدونها، لكن تُنسب إلى الإساءة بتركها السُّنَّة] اهـ.
وقال الإمام علاء الدين الحَصْكَفِي في "الدر المختار" (ص: 110، ط. دار الكتب العلمية): [يجب الاستماع لسائر الخطب، كخطبة نكاح، وخطبة عيد، وَخَتْمٍ على المعتمد] اهـ.
ذهب المالكية إلى أنَّ حضور الخطبة سُنَّةٌ، واختلفوا في الإنصات لها، فبعضُهم قال بوجوب الإنصات كالجمعة، وبعضُهم قال بأنها ليست كالجمعة في الإنصات، ونُقل عن الإمام مالكٍ استحبابُ الإنصات.
قال الإمام ابن الحَاجِّ في "المدخل" (2/ 284، ط. دار التراث): [السُّنَّةُ ألَّا ينصرف بعد الصلاة حتى يفرغ الإمامُ مِن خُطبته وإن كان لا يسمعها، كما تقدم في الإنصات لخُطبة الجمعة] اهـ.
وقال الإمام ضياء الدين خليل بن إسحاق في "التوضيح" (3/ 8، ط. مركز نجيبويه): [والخُطَبُ ثلاثة أقسام: قِسمٌ يُنصت فيه وهو خطبة الجمعة، وقِسمٌ لا يُنصت فيه وهو خُطَبُ الحج كلُّها، وقِسمٌ اختُلف فيه، وهو خُطَبُ العيدين والاستسقاء، واستَحَب مالكٌ الإنصاتَ فيهما] اهـ.
ذهب الشافعية إلى استحباب حضورها والاستماع إليها، فإنْ تَرَكها أو تَرَك الاستماعَ إليها كُرِهَ له ذلك.
قال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 23-24، ط. دار الفكر): [ويُستحب للنَّاسِ استماعُ الخُطبة، وليست الخُطبة ولا استماعُها شرطًا لصحة صلاة العيد، لكن قال الشافعي: لو تَرَك استماع خُطبة العيد أو الكُسوف أو الاستسقاء أو خُطب الحج، أو تَكَلم فيها، أو انصَرَف وتركها -كَرِهْتُهُ، ولا إعادة عليه] اهـ.
ذهب الحنابلة إلى أنها سُنَّةٌ لا يجب حضورها ولا الاستماع إليها، وإنما يُستحب لها الحضور، وفي الإنصات لها روايتان: إحداهما: يجب كالجمعة، والثانية: لا يجب؛ لأنها سُنَّةٌ كسائر السُّنن.
قال الإمام موفق الدين ابن قُدَامَة [ت: 620هـ] في "المغني" (2/ 287) في الكلام عن أحكام خُطبة العيد: [والخُطبتان سُنَّةٌ، لا يجب حضورها ولا استماعها... وإنما أُخِّرَت عن الصلاة -والله أعلم- لأنها لَمَّا كانت غير واجبة جُعِلَت في وقتٍ يَتمكن مَن أراد تَرْكَها مِن تَرْكِها، بخلاف خُطبة الجمعة، والاستماع لها أفضل] اهـ.
وقال الإمام شمس الدين ابن قُدَامَة [ت: 682هـ] في "الشرح الكبير" (2/ 246، ط. دار الكتاب العربي): [ذَكَرَ ابنُ عَقِيلٍ في وجوب الإنصات لها روايتين: إحداهما: يجب كالجمعة، والثاني: لا يجب؛ لأنَّ الخُطبة غير واجبة، فلَم يجب الإنصاتُ لها كسائر السُّنن والأذكار] اهـ.
بناءً على ذلك: فإنَّ الفقهاء قد أجمعوا على أنَّ خُطْبَةَ العيد ليست واجبةً ولا شرطَ صحةٍ لصلاة العيد، وإنما هي سُنَّةٌ يستحب حضورها لمن صلَّى العيد مع الإمام، فإذا تَرَكَهَا أجزأته صلاتُهُ ولا إعادة عليه، لكنْ يكون مسيئًا بتركه السُّنَّةَ كما هو مذهب الحنفية، وعند الشافعية يُكره له ذلك، ولا شيء عليه عند الحنابلة وإن كان الأَوْلَى عندهم عدمُ التَّرْك.
أما الاستماع والإنصات إلى الإمام لمن حَضَرها فهو واجبٌ في المعتمد عند الحنفية، كما هو الحال في الإنصات لخُطبة الجمعة، واختلف فيه فقهاء المالكية بين الوجوب وعدمه، وغيرُ واجبٍ عند الشافعية والحنابلة لكنه خلاف الأَوْلَى، وَكَرِهَهُ الإمام الشافعي.
وفي واقعة السؤال: فإنَّه يُستحب لمن صلى العيد مع الإمام أن يجلس عقب صلاته لحضور خطبة العيد والاستماع إليها، فإذا تركها وانصرف، فقد أجزأته الصلاة ولا شيء عليه، لكنه خلاف الأَوْلَى.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم صلاة التراويح في وسائل المواصلات بالنسبة للمسافر؟ حيث يتكرر سفري في أيام رمضان ليلًا، ولا أريد أن أُضَيِّع على نفسي أجرَ وثوابَ صلاة التراويح، فهل يجوز لي القيام بصلاة التراويح في وسائل المواصلات؟
إذا دخل رجلٌ المسجدَ ووجد الإمام راكعًا، فركع قبل أن يرفع الإمام رأسه، فهل تعد هذا ركعة كاملة للمأموم أم لا؟
ما هي تمنيات فضيلتكم للأمة الإسلامية في ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم؟
يقول السائل: إذا فاتني فرض في الصلاة وأذَّن الوقت الذي بعده؛ فماذا أصلي أولًا فرض الوقت أم القضاء؟
ما حكم صلاة الجنازة إذا صلى الإمام وهو على جنابة؟ حيث يوجد رجلٌ استيقظ من النوم على جنابة، فأُخبر بوفاة قريب له، فأسرع إليه، وعند صلاة الجنازة قدموه، فصلى بهم إمامًا ناسيًا أنه جُنُب، ولم يتذكر الجنابة إلا بعد العودة من الدفن؛ فما حكم صلاته؟ وما حكم صلاة المأمومين خلفه؟
أرجو الإفادة من سيادتكم بفتوى شرعية ومعتمدة حول موضوع قراءة القرآن عند الدفن على الميت؛ حيث يوجد إمام مسجد بالقرية يُنبِّه بعدم القراءة على المقابر على الميت، ويقول بأنَّ هذا لم يرد به حديث ولم يقم به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
لذا أرجو من سيادتكم الإفادة بفتوى قطعية شرعية بالقراءة أو عدم القراءة حتى ننهي هذا الخلاف وهذا الموضوع.