ما مدى استحقاق العامل الربح إذا لم يحصل في المضاربة ربح؟ فهناك رجلٌ أعطى لصاحِبٍ له مالًا ليَتَّجِر فيه بالبيع والشراء، على أن يكون الربحُ الحاصلُ مِن ذلك مناصفةً بينهما، والسؤال: هل يستحق الصاحِبُ المذكورُ رِبْحًا إذا لَمْ يَتمَّ بَيْعُ تلك البضاعة؟
المعاملةَ المذكورة مضاربةٌ صحيحةٌ شرعًا، ولا يَستحق العاملُ (المضارِبُ) فيها شيئًا إلا إذا حصل فيها ربحٌ، كلُّ هذا مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظِّمة لمثل هذه المعاملات.
المحتويات
المشاركةُ الحاصلةُ في صُورة المسألة هي من قبيل المشاركة في الربح بمالٍ من أحد الجانبين وعملٍ من الآخَر، وهو ما يسميه الفقهاءُ بـ"المُضاربة" أو "القِراض".
عقد المُضاربة أو القِراض جائزٌ شرعًا من حيث الجملةُ بالإجماع، فقد بُعث رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم والناسُ يتعاملون بالمضاربة فيما بينهم، فأقرَّهم على ذلك وندبهم إليه، وتعامل بها المسلمون مِن بَعْدُ إلى وقتنا هذا من غير نكير بينهم، وقد نقل الإجماعَ على ذلك جماعةٌ من الأئمة، منهم الإمام ابن حَزْم في "مراتب الإجماع" (ص: 91، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام ابن عبد البَرِّ في "الاستذكار" (7/ 3، ط. دار الكتب العلمية)، والإمام أبو الوليد ابن رُشْد في "بداية المجتهد" (4/ 21، ط. دار الحديث).
يدور معنى المضارَبة في تعريفات الأئمة الفقهاء على أنها عقدٌ بين اثنين: أحدُهما يقدِّم مالًا، والآخَر يَستثمره، على أن يكون للعامل جزءٌ شائعٌ من الربح، ويقال لصاحب المال: (ربُّ المال) وللعامل: (مضارِب). ينظر: "درر الحكام" لمُلا خسرو الحنفي (2/ 310، ط. دار إحياء الكتب العربية)، و"مختصر خليل" للإمام ضياء الدين خليل المالكي (ص: 198، ط. دار الحديث)، و"أسنى المطالب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي (2/ 380، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"منتهى الإرادات" للإمام تقي الدين ابن النَجَّار الحنبلي (3/ 20، ط. مؤسسة الرسالة).
المعاملة الواردة في السؤال هي مضارَبةٌ صحيحةٌ شرعًا، حيث دَفعَ ربُّ المالِ فيها مالَهُ إلى العامِلِ المضارِب فيه، على أن يكون له جزءٌ شائعٌ من الربح وهو النصف، لا نسبة محددة منه.
والمضارَبة إن وقعت بين رب المال والعامل صحيحةً مع عدم ظهور ربحٍ فيها، فإن المضارِب لا يستحق فيها شيئًا؛ لأن محل شركته إنما هو في الربح، وقد انعَدَم الربحُ، فانعَدَم محلُّ حقِّه، كما في "المبسوط" لشمس الأئمة السَّرَخْسِي (22/ 23، ط. دار المعرفة).ولَمَّا كان المضاربُ لا يستحق شيئًا؛ لانعدام محل حقه وهو الربح؛ دلَّ ذلك على أنه لو استحق شيئًا آخَر غير الربح لكان أجرةً ولم يكن ربحًا، ولو استحق أجرةً لأفضى ذلك إلى أن يكون أجيرًا لا شريكًا؛ لأن "الأجير يستحقُّ الأجرَ ولا يستحقُّ الربح، والمضارِبُ على العكس"، كما قال الإمام كمال الدين ابن الهُمَام في "فتح القدير" (8/ 447، ط. دار الفكر)، والمعنى أنه يستحقُّ الربحَ ولا يستحقُّ الأجرَ.
ومقتضى ذلك أنَّ المضاربةَ المسؤولَ عنها صحيحةٌ شرعًا، والمضاربةُ الصحيحةُ إن لم يكن فيها ربحٌ فإن العاملَ (المضارِب) لا يستحق فيها شيئًا؛ وذلك لأن الشرطَ الذي بينهما -وهو أن يكون الربح بينهما مناصفة- قد صحَّ فلا يستحق إلا ما شُرط وهو الربح، ولَم يوجَد فانعَدَم محل حقه، حتى لو سعى وعمل ولم يظهر ربحٌ فلا يستحق شيئًا، وهو ما جرى عليه عامة الفقهاء. ينظر: "بدائع الصنائع" للإمام علاء الدين الكَاسَانِي (6/ 108، ط. دار الكتب العلمية)، و"البناية" للإمام بدر الدين العَيْنِي الحنفي (10/ 42، ط. دار الكتب العلمية)، و"التفريع" للإمام أبي القاسم ابن الجَلَّاب المالكي (2/ 164، ط. دار الكتب العلمية)، و"نهاية المطلب" لإمام الحرمين الجُوَيْنِي الشافعي (8/ 55، ط. دار المنهاج)، و"المغني" للإمام موفق الدين ابن قُدَامَة الحنبلي (7/ 165، 172، ط. دار عالم الكتب).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن المعاملةَ المذكورة مضاربةٌ صحيحةٌ شرعًا، ولا يَستحق العاملُ (المضارِبُ) فيها شيئًا إلا إذا حصل فيها ربحٌ، كلُّ هذا مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظِّمة لمثل هذه المعاملات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل رسوم منفعة الأرض التي تحصلها الدولة تكون على البائع أو المشتري؟ فقد توفي والدي عام 1992م وترك لنا منزلًا، وتم توزيع الميراث على الإخوة والأخوات حسب الشريعة، كان سعر المتر ثمانية وعشرين جنيهًا وستين قرشًا تقريبًا، وتم شراء المنزل من قِبل أحد الورثة، وأخذ كل ذي حق حقه، وبعد عشر سنوات تبين أن الدولة تطالب بمبلغ قدره ألف ومائتا جنيه ثمن أربعة وعشرين مترًا مربعًا منافع دولة، وقد أصبح سعر المتر الآن مائتين وثمانية وعشرين جنيهًا وستين قرشًا تقريبًا. والسؤال:
• هل من حق المشتري مطالبة الورثة بدفع ما يخص كل منهم من المبلغ المطلوب دفعه للدولة؟
• هل من حق الورثة دفع ما يخص كل منهم من المبلغ المطلوب دفعه للدولة وبيعه مرة أخرى للمشتري وحصولهم على فرق السعر الحالي؟
ما حكم ما يقوم به بعضُ التجَّار من بيع وشراء الحيوانات المصابة بالأمراض رغبةً في زيادة المكسب؟ وهل يجوز كتم العيب عند بيعها؟
ما حكم بيع الآثار التي يُعثر عليها، والمتاجرة فيها عمومًا؟
ما حكم بيع الذهب القديم بالجديد؟
ما حكم عمل منصة إلكترونية للترويج للسلع وبيعها؟ حيث تقوم شركة متخصصة بتصميم المنصات الإلكترونية بعمل منصة تجارة إلكترونية مخصصة لعرض المنتجات وبيعها لإحدى الشركات التي أطلقت سوقًا إلكترونيًّا خاصًّا بها، مع الاتفاق على التزام الشركة بتقديم التكنولوجيا اللازمة لتطوير وتشغيل المنصة كما يتراءى للعميل، ولا يتعدى دور الشركة القيام بالجانب التقني، المتضمن: تصميم البنية البرمجية، وواجهة الاستخدام، وأدوات إدارة المحتوى، ونظام المعاملات الإلكترونية، ثم عمل التطوير والتعديل البرمجي اللازم لاحقًا بحسب ما يتراءى للعميل، من دون علم منها بطبيعة هذه المنتجات.
وهذه المنصة لا يعدو دورُها دورَ الواجهة التي يعرض عليها آلاف البائعين منتجاتهم وبضائعهم، وقد وُجد أن عددًا قليلًا منهم يعرض على القسم الخاص به من المنصة منتجات محرَّمة، وليس لشركة البرمجيات أي سلطة على اختيار المنتجات المعروضة أو إدارتها، أو أي مشاركة في عمليات الشحن والتخزين ونحوها، ولا يتعدَّى دورُها تطويرَ البرمجيات بشكل مستمر بناءً على طلب العميل، وتسليمها في مواعيدها المتفق عليها، وتقديم الدعم الفني للمنصة التقنية بما يضمن تشغيل النظام بشكل سلس، وحل أي مشكلات تقنية طارئة، فهل هناك أي مخالفة شرعية فيما تقوم به الشركة من أعمال في هذا الخصوص؟
ما حكم البيع مع الاحتفاظ بحق التصرف إلى الممات؛ فامرأة باعت لزوجها فدانًا واحدًا بثمن قدره خمسون جنيهًا، وقد أبرأت البائعة المذكورة زوجها المشتري المذكور من قيمة ثمن هذا القدر، وقد تحرَّر بذلك عقد عرفيٌّ لا عن يد أحد قضاة المحاكم، وقد ذكر بصلب العقد: "ولي أنا البائعة المذكورة حق الانتفاع بالفدان المباع المذكور مدة حياتي، وما دمت على قيد الحياة، وبعد وفاتي ينتقل حق التصرف المذكور إلى زوجي المشتري المذكور".
والمشتري المذكور زوج البائعة المذكورة توفي إلى رحمة الله تعالى قبل وفاة زوجته البائعة المذكورة، وترك ذريةً من غير البائعة المذكورة -أي من زوجةٍ أخرى خلاف البائعة- فهل هذا العقد صحيح بجميع ما ذُكر فيه من الإبراء المذكور من قيمة هذا الثمن، ولا رجوع فيه؟ وهل ورثة المتوفى المذكورون يرثون في هذا القدر بعد وفاة زوجته البائعة المذكورة أم لا؟ أفيدوا الجواب، ولكم الثواب.