ما حكم حج الحامل و المرضِع؟ فهناك امرأتان: إحداهما حاملٌ، والأخرى مُرضِع، وتسألان: هل يجوز لهما أداء فريضة الحج؟
لا مانع شرعًا مِن ذهاب الحامل أو المرضِع إلى الحج إذا توافرت لهُما الاستطاعة المادية والبدنية، ومِن ذلك أَمْنُ الضرر على النَّفْس والجنين أو الرضيع، فإنْ لم تستطع الحامل أو المرضع أداء الحج لخوفها على نَفْسها أو جنينها أو رضيعها، أو لِمَشَقَّةٍ فوق المعتاد تَلحَقُها، سواء عَلِمَت ذلك مِن نَفْسها أو بتقرير الطبيب الثقة، وَجَب عليها تأخير الحج لحين أن تضع جنينها أو تَفْطم رَضيعَها، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقرارات المُتَّخَذة في هذا الشأن مِن قِبَل جِهَات تَنظيم الحج.
المحتويات
الحجُّ ركنٌ مِن أركان الإسلام الخمسة التي وَرَدَ ذكرها في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» أخرجه الشيخان.
والحج فرضٌ بالكتاب والسُّنَّة وإجماع الأُمَّة، وقد أناطه الشرعُ الشريفُ بالاستطاعة؛ فقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: 97]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خَطَبَنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فقال رجلٌ: كلَّ عامٍ يا رسولَ الله؟ فسَكَت، حتى قالها ثلاثًا، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» أخرجه الشيخان.
قال الإمام القُرْطُبِي في "الجامع لأحكام القرآن" (4/ 142، ط. دار الكتب المصرية): [ذَكَرَ اللهُ تعالى الحجَّ بِأَبْلَغِ ألفاظِ الوجوب، تأكيدًا لِحَقِّهِ وتعظيمًا لحُرمته، ولا خلاف في فريضته، وهو أَحَدُ قواعد الإسلام، وليس يَجِبُ إلا مرةً في العُمر] اهـ.
يُشترط لوجوب الحج: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والاستطاعة المادِّية والبَدَنيَّة؛ كما في "المغني" للإمام ابن قُدَامة (3/ 213، ط. مكتبة القاهرة)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للعلامة ابن القَطَّان (1/ 246-247، ط. الفاروق الحديثة).
ومِن ثَمَّ فإذا رَغِبَت الحامل أو المرضِع في الذهاب إلى الحج، وقَدرَت على أداء مناسكه مِن غير أن تَضُرَّ بنَفْسها أو جَنِينِها، بحيث تَجْتَنِبُ المَشَقَّةَ، فلا مانع شرعًا مِن ذهابها لأداء فريضة الحج مادامت مستطيعة قادرة، لا خوف عليها أو على جنينها.
والأصل في ذلك ما جاء في السُّنَّة المشرَّفة مِن أن السيدة أسماء بنت عميس زوجة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، حَجَّت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي في آخِر أيام حَمْلِها، حتى إنها وَلَدَت قَبل إحرامها، فأمَرَها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أن تغتسلَ وتُهِلَّ؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: نفست أسماء بنت عُمَيْسٍ بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمَرَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر، «يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه". فجَمَع الحديثُ بين آخِر وقتٍ مِن حَمْلِها وبدايةِ وقتِ إرضاعها طِفْلَهَا.
قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (8/ 133، ط. دار إحياء التراث العربي): [قولها: "نَفسَت" أي وَلَدَت.. وسُمِّي نِفَاسًا لخروج النَّفْس وهو المولودُ والدمُ أيضًا.. وفيه: صحة إحرام النفساء والحائض، واستحباب اغتسالهما للإحرام، وهو مُجْمَعٌ على الأَمْرِ به] اهـ.
أما إذا وجدت الحامل أو المرضِع مشقة في حجها أو خافت على نفسها وجنينها ضررًا، بإبلاغ الطبيب الثقة لها أن ذهابها للحج وأداء مناسكه قد يسبب لها ضررًا، فالواجب عليها حينئذٍ عدم الذهاب للحج، والانتظار حتى تَضَع حَمْلَها أو تَفْطم رضيعَها؛ لأنها لا تكون مستطيعةً في هذه الحالة، ثم تذهب بعد ذلك عند تحقُّق الاستطاعة؛ لأن الشريعة الإسلامية جاءت بالتَّيسير ورفع الحرج عن المكلفين؛ فقال تعالى: ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ [المائدة: 6]، وقال سبحانه: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وأناطت التكليف بالاستطاعة؛ فقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الشيخان.
كما أنَّ الشريعة قد دَعَت إلى المحافظة على الإنسان، فجَعَلت حِفظ النَّفْس مِن مقاصدها الكلية التي جاءت الشرائع لتحقيقها، وارتَقَت بهذه المقاصد مِن مرتبة الحقوق إلى مقام الواجبات، فلم تَكْتَفِ الشريعةُ الغَرَّاءُ بتقرير حق الإنسان في الحياة وسلامة نَفْسه، بل أوجَبَت عليه اتخاذَ الوسائل التي تحافظ على حياته وصحة بدنه، وتَمنع عنه الأذى والضرر، و"قد اتفَقَت الأُمَّةُ -بل سائرُ المِلَلِ- على أنَّ الشريعةَ وُضِعَت للمحافظة على الضروريات الخمس"؛ كما قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 31، ط. دار ابن عفان)، ومنها: حفظ النفس وصيانتها.
والأصل في ذلك قول الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه الإمامان: ابن ماجه في "السنن" واللفظ له، والطبراني في معجميه "الكبير" و"الأوسط"، مِن حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وأخرجه الأئمة: الحاكم في "المستدرك" وصححه، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدِّينَوَرِي في "المجالسة"، مِن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه لا مانع شرعًا مِن ذهاب الحامل أو المرضِع إلى الحج إذا توافرت لهُما الاستطاعة المادية والبدنية، ومِن ذلك أَمْنُ الضرر على النَّفْس والجنين أو الرضيع، فإنْ لم تستطع واحدةٌ منهما أداء الحج لخوفها على نَفْسها أو جنينها أو رضيعها، أو لِمَشَقَّةٍ فوق المعتاد تَلحَقُها، سواء عَلِمَت ذلك مِن نَفْسها أو بتقرير الطبيب الثقة، وَجَب عليها تأخير الحج لحين أن تضع جنينها أو تَفْطم رَضيعَها، وهذا كلُّه مع مراعاة اللوائح والقرارات المُتَّخَذة في هذا الشأن مِن قِبَل جِهَات تَنظيم الحج.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما المقصود من عبارة (حاضري المسجد الحرام)؟ حيث أعيش في مكة المكرمة، وسافرتُ إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بداية شهر ذي القعدة، ثم رجعتُ فأحرمتُ من آبار عليٍّ بالعمرة، علمًا بأني قد نويتُ أن أحج هذا العام، فهل ينطبق عليَّ وصف حاضري المسجد الحرام الوارد في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَن لَمْ يَكُن أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ﴾؟
ما حكم قصر الصلاة في الحج؟ حيث وفقني الله تعالى للحج هذا العام، وكنت أظن أن الحجاج لا يقصرون الصلاة في الحج إلا الظهر والعصر في عرفة، والعشاء في مزدلفة، ثم وجدت كثيرًا من الحجاج يقصرون الصلاة في أيام منى وجميع أيام المناسك، فهل فعلهم هذا صحيح؟
ما حكم طواف الإفاضة للحائض؟ فهناك امرأةٌ ذهبت لأداء فريضة الحج، وداهمها الحيض قبل طواف الإفاضة، واقترَب موعد السفر مِن مكة المكرمة، بحيث لا تتمكن مِن الانتظار حتى تَطْهُر، فطافَت وعادت إلى بلدها، وتسأل: هل حجُّها صحيح شرعًا؟ وهل عليها شيء؟
ما حكم قضاء المرأة الصلاة التي بدأ نزول الحيض في أول وقتها؟ حيث إن هناك امرأةٌ فاجأها الحيض بعد دخول وقت إحدى الصلوات المفروضة بزمنٍ يسير، ولم تكن قد أدَّت هذه الصلاة، فهل يلزمها قضاؤها بعد طُهْرِها مِن الحيض؟
ما الذي يحصل به التحلل الأصغر؟ فهناك رجلٌ عزم على الحج هذا العام، ويعلم أنه لا يباح له لبس الثياب إلا بعد التحلل الأول أو الأصغر، فبأيِّ شيءٍ يحصل هذا التحلل؟
سائلة تقول: هل يجوز للمرأة تناول أدوية لمعالجة تأخر نزول الحيض خلال مدة العدة، وذلك بما يتوافق مع عادتها ولا يؤثر عليها؟