حق الكافل في الاعتراض على زواج مكفولته التي تزوجت بغير ولي لأن الزواج تم دون موافقته

تاريخ الفتوى: 18 مارس 2024 م
رقم الفتوى: 20673
التصنيف: النكاح
حق الكافل في الاعتراض على زواج مكفولته التي تزوجت بغير ولي لأن الزواج تم دون موافقته

هل يحق للكافل الاعتراضُ على زواج مكفولته التي تزوجت بغير ولي لكون عقد الزواج قد أُبرِم دون موافقته ولا يناسب مهرُهَا مكانَتَهَا الاجتماعية والثقافية؟

يحقُّ للكافل أن يعترض على زواج مكفولته التي تزوَّجت على مهر أقل من مهرِ مثلها، بما لا يناسب وضعها ومكانتها المجتمعيَّة، لكن بعد التنسيق مع إدارة الأسر البديلة وفق إجراءاتها في تحقيق دورِ من يمارس ذلك الحق أمام القضاء.

وتوصي دار الإفتاء المصرية بمراعاة ذلك من جانب الْـمُشرِّع بما يوازن بين تحقيق مصلحة المكفولة، وما يحصل به جبر خاطر الكافل الذي أنفق من وقته وماله في رعايتها، ولا زال يحمل في قلبه شفقة عليها في حياتها الزوجية الجديدة.

المحتويات

 

المقصود بالكفالة

الكفالة نوعٌ من أنواع التبرع التي يقصد بها الكافل الْبِرَّ وَالْمَعْرُوفَ غَالِبًا، سواء كانت ماليةً أو أدبية (منفعة)، وهي قائمة على معنى الرعاية والتَّعهُّدِ بما يحقق مصلحة المكفول في نفسهِ وأمرهِ وجميع شأنه؛ دينًا ودنيا، بالنفقة والكِسوة، والتربية والتأديب، وغير ذلك؛ كما أفاده الإمام النووي في "رياض الصالحين" (ص: 116، ط. مؤسسة الرسالة)، والعلامة ابن علان الصديقي في "دليل الفالحين" (3/ 81، ط. دار المعرفة).

وقد وَسَّع الفقهاء معناها حتى جعلوها شامِلةً لكُلِّ مَصلحةٍ للمكفول صغُرَتْ أم كَبُرَت؛ حتى ذكروا منها إصلاحَ شعرِهِ، وتسريحِهِ، ودهنهِ؛ كما قال العلامة الزرقاني في "شرح الموطأ" (4 /534، ط. مكتبة الثقافة الدينية).

وقد راعى فقهاءُ المالكية هذه المعاني والمقاصد، فنصُّوا على شمول الكفالة لولاية عقد نكاح المكفولة مثل ما للوليِّ الطبيعي أو يقرب، ومع اختلافهم في حَدِّ زمنِ الكفالة الشامل للولاية، فإنَّهم قرروا أنَّ مَن كفلَ بنتًا وبلغت عنده فله تزويجها، على اعتبار أنَّ "الولاية في البُضْعِ لا تزول بالرُّشد"، كما قال القاضي أبو بكر بن العربي في "المسالك في شرح موطأ مالك" (6/ 440، ط. دار الغرب الإسلامي).

قال العلامة الخرشي في "شرحه على مختصر خليل" (3/ 181، ط. دار الفكر): [(ص) فكافلٌ، وهل إن كفلَ عشرًا أو أربعًا أو ما يشفق؟ تردد. (ش) يعني: أنَّ الكافلَ الذكر إذا كفل صبيَّةً وربَّاها إلى أن بلغت عنده فله تزويجها برضاها، والمراد بالمكفولة هنا: مَن مات أبوها أو غاب أهلها، واختلف الأشياخ في حد زمن الكفالة التي يكون للكافل الولاية بها على الصبية؛ فقال بعض الموثقين: عشرة أعوام، وقال أبو محمد صالح: أربعة أعوام، وذلك أقل الكفالة، وقال أبو الحسن: لا حد لها، وإنما المقصود منها إظهار الشفقة والحنان على الصبية، وأن ذلك يُورث له عقد نكاحها] اهـ.

وقال العلامة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (2/ 225، ط. دار الفكر): [وحاصله: أن البنت إذا مات أبوها وغاب أهلها وكفلها رجل؛ أي قام بأمورها حتى بلغت عنده، سواء كان مستحقًّا لحضانتها شرعًا أو كان أجنبيًّا: فإنه يثبت له الولاية عليها، ويزوجها بإذنها] اهـ.

الكفالة ونظام "الأسر البديلة" في القانون المصري

يتناسب ما قرره فقهاء المالكية مع الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية في خصوص تمكين الأسر البديلة وترسيخ بيئة الكفالة، وما اشترطته للحصول على خدمة الأسر البديلة وكفالة الأطفال، وهو مناسبٌ لشكل العلاقة بين الأسرة الكافلة والفتاة المكفولة لإحداث التوازن بين الحقوق والواجبات في ضوء الإجراءات المنظمة لهذه العلاقة، حيث راعت هذا الحقَّ عند تزويج المكفولة فأسندت إلى الإدارة المختصة بوزارة التضامن، حتى لا يُسلب حقُّ الكافلِ في إدارة شؤون مكفولته بالتنسيق مع تلك الإدارة وإخطارها بذلك، بما يقاسم مسؤولية تزويج الفتاة بين الكافل وبين تلك الإدارة، كنوعٍ من أنواع الحماية للفتاة المكفولة؛ فنصَّ نظام الأسر البديلة (الشرط 18) على أنه: [تلتزم الأسرة البديلة بأن تخطر إدارة الأسرة والطفولة المختصة فورًا عن كل تغيير في حالتها الاجتماعية أو في محل إقامتها، وبكل تغيير يطرأ على ظروف الطفل محل الرعاية؛ مثل تشغيله في عمل، أو إلحاقه بمدرسة، أو هروبه، أو وفاته، أو زواج الفتاة] اهـ.

كما أعطت الإدارة للأسر البديلة الكافلة حقَّ التعامل بموجبِ (كارنيهٍ خاصٍّ) مع كافَّةِ الجهات الحكومية وغير الحكومية؛ كما في المادة رقم (90 مكررًا- أ)، مع ما منحته الإدارة للأسرة من حقِّ الوصاية على المكفول وولاية التعليم ونحو ذلك؛ كما في المادة رقم (99) من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل رقم (2075) لسنة 2010م، والمضافة بقرار رئيس الوزراء رقم (1143) لسنة 2020م.

هل يحق للكافل الاعتراض على زواج مكفولته التي تزوجت بغير ولي لكون الزواج قد أُبرِم دون موافقته؟

مع ما سبق تقريره: فإنَّ المكفولة الرشيدة إذا باشرت عقدَ نكاحها بنفسها دون الرجوع لمن يكفلها، وكان الزواج مستوفيًا أركانه وشروطه: فيقع زواجها صحيحًا؛ بناء على ما ذهبَ إليه الإمامان أبو حنيفة وأبو يوسف من صحة مباشرة المرأة الرشيدة عقدها دون الولي، وهو ممَّا جرى عليه العمل في قانون الأحوال الشخصية المصري، وقد حملوا النفيَ في حديث "لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَليٍّ" على نفي الكمال لا على نفي الصحة. ينظر: "المبسوط" للإمام السَّرَخْسِي (5/ 10، ط. دار المعرفة)، و"البحر الرائق" للعلامة ابن نجيم (3/ 117، ط. دار الكتاب الإسلامي).

ولا يُنقض نكاحها ولا يُفسخ، ما دامَ قد توفرت فيه أركانه وشروطه وانتفت موانعه، وكان الزوج كفئًا، وكان المهرُ مهرَ مثلٍ، ومَن ثَمَّ فلا يطلب إعادته مرةً ثانية، ولا يكون طلب فسخه إلَّا إذا تزوجت من غير كفءٍ، أو من كفء على مهر أقل من مهر مثلها، ولم يرضى كافلها بذلك، فحينئذٍ يكون العقد غير لازم بالنسبة للكافل، ويحقُّ له الاعتراض على الزواج؛ ينظر: "المختصر" للعلامة القدوري (ص: 147، ط. دار الكتب العلمية)، و"بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني الحنفي (2/ 317- 318، ط. دار الكتب العلمية).

وهو ما جرى عليه قضاء النقض المصري؛ حيث نصَّ على أن: [الراجح في المذهب الحنفي: أنه إذا تزوجت المرأة البالغة العاقلة بدون إذن وليها؛ فإنَّ العقد يكون صحيحًا، سواء كانت بكرًا أم ثيبًا، ويكون نافذًا ولازمًا متى تزوجت بكفء على صداق مثلها أو أكثر، رضي الولي أو لم يرضَ، وإذا تزوجت من غير كفءٍ بمهر المثل، أو من كفءٍ على مهر أقل من مهر مثلها، ولم يكن وليها قد رضيَ بذلك، فالعقد غير لازم بالنسبة لوليها، فله حقُّ الاعتراض على الزواج، وطلب فسخه أمام القضاء] اهـ (الطعن رقم 463 لسنة 73 قضائية).

وبإمضاء صحة هذا العقد بناء على اختيار ولي الأمر للراجح من مذهب أبي حنيفة، عملَ جمهور الفقهاء -من غير الحنفية- مع كونهم اشترطوا وجود وليٍّ في عقد الزواج، بما يتوافق مع ما تقرر من القواعد "أنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء"، وأن "إعمال الكلام أولى من إهماله"؛ ينظر: "المختصر" للعلامة خليل المالكي (ص: 221، ط. دار الحديث)، و"الشرح الكبير" للعلامة الدردير المالكي (4/ 157، ط. دار الفكر)، و"المهذب" للشيخ أبي إسحاق الشيرازي الشافعي (2/ 426-427، ط. دار الكتب العلمية)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (7/ 8، ط. مكتبة القاهرة).

ويتحصَّل من ذلك أنَّ للأسرة الكافلة ولاية التزويج على مكفولتها، والتي بلغت سنَّ الزواج عندها، مثلها مثل الوليِّ الطبيعي، وأنَّ بيئة الكفالة في ذلك لا تخرج عن البيئة الأسرية الطبيعية، فيزوجها الكافلُ برضاها مع التنسيق والإخطار للجهة المختصة (إدارة الأسر البديلة)، ولكن إذا عقدت المكفولة عقد زواجها بنفسها من دون وجود الكافل (الوليِّ): فإنَّ زواجها صحيحٌ شرعًا وقانونًا بناءً على ما تقرر، ما دامَ قد توفرت فيه أركانه وشروطه وانتفت موانعه، سواء كانت بكرًا أم ثيبًا، ولا يجوز للكافل أن يعترض على هذا الزواج إلَّا إذا تزوجت المكفولة من غيرِ كفءٍ بمهر المثل، أو من كفءٍ على مهر أقل من مهرِ مثلها، ولم يكن الكافل قد رضيَ بذلك، فالعقدُ حينئذ غيرُ لازم له، ويحقُّ له بعد التنسيق مع إدارة الأسر البديلة الاعتراض على الزواج، ويكون ذلك كله أمام القضاء بالطريق الذي رسمه القانون.

مع ضرورة التنبيه في هذا الشأن على أنه ينبغي للمكفولة عند مراعاتها لمصلحتها أن تستفيد من نصائح أسرتها القائمة على شؤونها وتوجيهاته، وأن تتعامل معها بما يليق بإحسانها إليها، عملًا بقول الله تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60].

وقد دَرجت الأُسر المصرية على التكافل والتكامل والتراحم فيما بينها، بما يترك حُرية للبنت (مكفولة أو غيرها) في اختيار من تراه مناسبًا لها، وبما يحفظ لأوليائها (ومنها الأسرة البديلة) حقَّهم في تقدير رأيهم وما يرونه مناسبًا لمصلحة ابنتهم في ذلك دون إضرارٍ أو إجبار، وصار ذلك مكونًا أصيلًا من مُكَوِّناتِ ومَكنوناتِ العلاقات الأسَريَّة.

الخلاصة

بناء عليه: فيحقُّ للكافل أن يعترض على زواج مكفولته التي تزوَّجت على مهر أقل من مهرِ مثلها، بما لا يناسب وضعها ومكانتها المجتمعيَّة، لكن بعد التنسيق مع إدارة الأسر البديلة وفق إجراءاتها في تحقيق دورِ من يمارس ذلك الحق أمام القضاء.

وتوصي دار الإفتاء المصرية بمراعاة ذلك من جانب الْـمُشرِّع بما يوازن بين تحقيق مصلحة المكفولة، وما يحصل به جبر خاطر الكافل الذي أنفق من وقته وماله في رعايتها، ولا زال يحمل في قلبه شفقة عليها في حياتها الزوجية الجديدة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج؟ فهناك امرأة تمت خطبتها مُدَّة قصيرة مِنَ الزمن، وتمَّ الزواج، وبعد الزواج بوقتٍ قليل ظهر أنَّ الزوجَ يُدمن المخدرات مما أثَّر على المعيشة، وتدخَّل الأهل، وقاموا بمحاولة علاجه في مصحة متخصصة، وتحسنت حالته بعد الخروج منها لمُدة قصيرة، ثُمَّ عَاد لما كان عليه مرة أخرى، ولم يحدث حمل حتى الآن، وتخشى الزوجة من الحمل خوفًا على ولدها؛ فهل يجوز لها شرعًا أن تنفرد بقرار منع الإنجاب؟


سائل يسأل عن مدى إلزام الآباء بالرعاية الصحية لأبنائهم؟ وما حكم الإهمال في التطعيمات التي تُقدِّمها وزارة الصحة للأطفال؟ وهل يجب الالتزام بالتعليمات الصادرة عن وزارة الصحة في هذا الشأن؟


ما حكم نكاح الشغار؟ فقد اتفق رَجُلانِ على أن يُزوِّجَ الأوَّل أختَه بابن الثاني، على أن يزوج الثاني بنتَه من الأول بلا مهر، وقد تم العقدان على هذه الصورة معاوضةً. فما حكمهما شرعًا؟ وهل يصح إبطالهما؟ وتفضلوا.


ما حكم زواج المعاق عقليًّا؟ فبعض أسر المعاقين ذهنيًّا -الإعاقة الذهنية البسيطة؛ وهي أن المعاق عقليًّا يمكن أن يعتمد على نفسه في شؤون حياته الخاصة: النظافة الشخصية، وتناول الطعام، وقضاء بعض الأعمال البسيطة، كما يمكن تدريبه على بعض الأعمال اليدوية والحرفية البسيطة التي لا تحتاج إلى جهد عقلي، ودائمًا ما يكون العمر العقلي له أقل من العمر الحقيقي- تواجه مشكلة تتمثل في رغبة هذه الأسر في زواج أبنائها، لكن تواجههم بعض المشكلات، منها:
1- الخوف من إنجاب أبنائهم لأبناء معاقين عقليًّا بسبب العوامل الوراثية.
2- رفض بعض أولياء الأمور زواج بناتهم من أشخاص معاقين عقليًّا، فتلجأ الأسر الميسورة الحال -التي لديها أبناء معاقون عقليًّا راغبون في الزواج- لأسر فقيرة توافق على زواج بناتها من هؤلاء المعاقين في بعض الأحيان.
والسؤال:
1- هل من حق المعاق عقليًّا -الضعف العقلي البسيط- أن يتزوج إذا كانت أسرته تستطيع الإنفاق عليه هو وزوجته أو كان لديه ميراث؟
2- إذا أثبتت التحاليل الوراثية والتاريخ الأسري أن هذا المعاق في حالة زواجه من الممكن إنجابه لأبناء معاقين، هل يتم حرمانه من الزواج خوفًا على المجتمع من انتشار الإعاقة العقلية؟ وهل هناك إثم على المجتمع أو أسرته إذا منعته من الزواج؟
3- وهل يمكن في حالة توافر قيِّم على المعاق عقليًّا -إذا لم تكن هناك موانع شرعية أو طبية- السماح له بالزواج؟


ما حكم الزواج من أخت الأخ في الرضاع؟ لأنه يوجد رجل تزوج بامرأة وأنجب منها ثلاثةَ ذكور، رضع الابنان الأول والثاني من زوجة عمهما، أما الابن الثالث فلم يرضع من زوجة عمه مطلقًا، ويرغب في الزواج من ابنة عمه، فهل يجوز ذلك شرعًا؟


هل الاحتفال بيوم الأم فيه مخالفة للشريعة الإسلامية؟ لأن هناك من يدَّعي أنه بدعةٌ محدَثَةٌ تخالف تعاليم الإسلام.