حكم اشتراط المقرض على المقترض زيادة عند التأخر عن سداد الدين "الشرط الجزائي"

تاريخ الفتوى: 08 أبريل 2024 م
رقم الفتوى: 20676
التصنيف: التعويضات
حكم اشتراط المقرض على المقترض زيادة عند التأخر عن سداد الدين "الشرط الجزائي"

ما حكم اشتراط المقرض على المقترض زيادة عند التأخر عن سداد الدين؟ فقد أقرضتُ صديقي مبلغًا من المال على أن يسدده لي بعد سنة من تاريخ الإقراض، ونظرا لأنني أدخر هذا المال لتجهيز بناتي في الزواج اتفقت معه على شرط مفاده أنه إذا تأخر في السداد سيدفع لي المبلغ مضافًا إليه نسبة 15% من قيمة القرض، ووافق على ذلك، وأخبرنا البعض أن هذا حرام، فهل هذا حرام فعلًا؟

الاتفاق بين الدائن والمدين على اشتراط زيادة في مقدار الدين إذا تأخر المدين عن السداد غير جائز شرعًا، فيبطل الشرط ويستحق الدائن أصل دينه دون زيادة، وإذا ماطل المدين في السداد ولم يلتزم بسداد دينه في الوقت المقرر بلا عذر، فيحق للدائن رفع أمره للقضاء، وما يقضي به القاضي ينفذ على الطرفين؛ فإن قضى بالتعويض حلَّ للدائن أخذُه.

المحتويات

 

حث الشرع الشريف على التعاون بين الناس 

حثَّ الشرعُ الشريفُ على التعاونِ والتآخي بين أفراد المجتمع، فوصفهم بأنهم كالبنيان يشد بعضه بعضًا؛ ففي الحديث المتفق عليه عن سيدنا أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا».

ومن صورِ هذا التعاون التي رغَّبَ الشرع الشريف فيها القرض الحسن؛ لما فيه من الرفق بالناس والرحمة بهم وتيسير أمور حياتهم وتفريج كروبهم؛ فقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

مفهوم القرض وبيان تكييفه الشرعي

القرض: هو المال الذي يعطيه المقرض للمقترض لرد مثله إليه، فهو ليس من وسائل الكسب، بل من عقود الإرفاق والتبرعات، حيث يستغني الدائن عن جزء من ماله لفترة محددة هي مدة الإقراض المتفق عليها، وينبغي أن يقابل المدين ذلك بالشكر وحُسن الرد: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً» رواه مسلم في "صحيحه".

شروط العقود العامة

الأصل في الشروط التي تصح في العقود ويجب الوفاء بها ما أمكن هي التي تحقق مصلحة المتعاقدين، ولا تخالف مقتضى العقد؛ لحديث عمرو بن عوف المزني رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ؛ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا، أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» أخرجه الإمام البيهقي في "السنن الكبرى"، والإمام الدارقطني في "السنن" وغيرهما.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 98، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن] اهـ.

وقال العلامة ابن مُفْلِح الحنبلي في "الفروع" (8/ 268، ط. مؤسسة الرسالة): [الأصل في الشروط الوفاء] اهـ.

فالمعاملات الجارية بين الناس يراعى فيها ابتداءً تحقُّقُ شروط العقود عامة، من أهلية المتعاقدين، وحصول الرضا بينهما، وانتفاء الغرر، وكذلك خلو المعاملة من الشروط الممنوعة شرعًا؛ حفظًا لأموال الناس، فمن مقاصدِ الشرع الشريف المتفق عليها حفْظُ الأموال عن الضياع، كما في "الفروق" للإمام القرافي (3/ 249، ط. عالم الكتب).

وعليه فكلُّ معاملةٍ مالية لا بدَّ فيها من أن تكونَ موافِقةً في الجملة للشرع الشريف بموافقتها لمقصد حفظ المال؛ بأن توافقَ الشروطَ الشرعيةَ للتعاقد، ولا تشتمل على أي شرط يخالفُ القواعدَ والمقاصدَ الشرعية.

حكم اشتراط المقرض على المقترض زيادة عند التأخر عن سداد الدين

إذا كانت الشريعة الإسلامية قد حثت على حُسن الإقراض، فإنها في الوقت نفسه تُحرِّم استغلال حاجة الناس ووضعهم في حرج، ولذلك فالأصل في الإقراض ألا يجلب ربحًا ونفعًا للمقرض، وألا يكون مشروطًا بزيادة على المبلغ الأصلي، وأن يكون من أجل الإرفاق لا من أجل الربح، فهو عقد تبرع لا عقد معاوضة، وقد اتفق الفقهاء على القاعدة الفقهية المشهورة "كل قرض جرَّ نفعًا فهو ربا". ينظر: "رد المحتار" للعلامة ابن عابدين الحنفي (5/ 166، ط. دار الفكر)، و"الذخيرة" للإمام القَرَافي المالكي (5/ 289، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"حاشية العلَّامة الدسوقي المالكي على الشرح الكبير" (3/ 119، ط. دار الفكر)، و"روضة الطالبين" للإمام النووي الشافعي (4/ 34، ط. المكتب الإسلامي)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة الحنبلي (4/ 240، ط. مكتبة القاهرة).

وقد انعقد الإجماع على أنَّه لو اشترط المقرض على المقترض منفعة زائدة فإنَّ هذا غير جائز شرعًا، وأنَّ هذا ربا بلا خلاف؛ قال العلامة ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 136، ط. مكتبة الفرقان، ومكة الثقافية): [وأجمعوا على أن المسلِّف إذا شرط عند السلف هدية أو زيادة فأسلف على ذلك أن أخذه الزيادة ربا] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (4/ 240): [وكلُّ قرضٍ شُرط فيه أنْ يزيدَهُ فهو حرامٌ بغير خلاف] اهـ.

فإذا اتفق المتعاقدان على اشتراط منفعة زائدة على القرض، فإنَّه يبطل هذا الشرط، ولا يستحق الدائن إلا أصل ماله فقط دون الزيادة؛ لقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴾ [البقرة: 278-279].

قال الإمام الشافعي في "الأم" (5/ 80، ط. دار المعرفة): [إنما يُوَفَّى من الشروط ما يَبِينُ أنَّه جائزٌ ولم تدل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أنَّه غير جائزٍ] اهـ.

هذا بالإضافة إلى أنَّ إمهال المدين عند تعذر وفائه بدينه بشرط الزيادة في أصل الدين يُعد صورة من صور استغلال حاجة الناس وظروفهم والتي حرَّمها الشرع الشريف، فقد اعتبرها الفقهاء من ربا النسيئة المحرم شرعًا.

قال الإمام ابن رشد الجد المالكي في "المقدمات الممهدات" (2/ 8، ط. دار الغرب الإسلامي): [وكان ربا الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الدين، فإذا حل قال له: أتقضي أم تُرْبِي؟ فإن قضاه أخذه، وإلا زاده في الحق وزاده في الأجل] اهـ.

وقال الإمام فخر الدين الرازي في "مفاتيح الغيب" (7/ 72، ط. دار إحياء التراث العربي): [أما ربا النسيئة فهو الأمر الذي كان مشهورًا متعارفًا في الجاهلية، وذلك أنَّهم كانوا يدفعون المال على أن يأخذوا كل شهرٍ قدرًا معينًا، ويكون رأس المال باقيًا، ثم إذا حل الدين طالبوا المديون برأس المال، فإن تعذر عليه الأداء زادوا في الحق والأجل، فهذا هو الربا الذي كانوا في الجاهلية يتعاملون به] اهـ.

وقال العلامة ابن حَجَر الهَيْتَمِي الشافعي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (1/ 369، ط. دار الفكر): [وربا النسيئة هو الذي كان مشهورًا في الجاهلية لأن الواحد منهم كان يدفع ماله لغيره إلى أجلٍ على أن يأخذ منه كل شهرٍ قدرًا معينًا ورأس المال باقٍ بحاله، فإذا حل طالبه برأس ماله، فإن تعذر عليه الأداء زاد في الحق والأجل] اهـ.

وإذا حرمت الزيادة في أصل الدين لأجل إمهال المدين عند تعذر وفائه بدينه، حَرُمَ اشتراط ذلك ابتداءً عند العقد؛ لكونه شرطًا أفضى إلى محظور، كما جاء في الحديث الشريف المذكور سابقًا.

التحذير من المماطلة في سداد الدين ورد الحقوق لأصحابها

إذا كان الشرع قد راعى المدين فحرَّم استغلال حاجته، فإنه في الوقت نفسه راعى حال الدائن أيضًا، فحرَّم تعمد تأخير قضاء دينه عند حلول الأجل والقدرة على القضاء، فإذا حلَّ الأجل، والمدين قادرٌ على الأداء، فامتنع أو راوغ في أداء ما عليه: كان آثمًا، وفعله يُسمى مطلًا، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالظلم؛ فقال فيما أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ»، وحذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك الصنيع؛ فقال فيما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللهُ».

ومطل الغني أي: تأخيره أداء الدَّين من وقتٍ إلى وقتٍ، والمطل: منع أداء ما استُحق أداؤه، وهو حرام من المتمكن، فيحرم على الغني الواجد القادر أن يماطل بالدين بعد استحقاقه، ولو كان غنيًّا ولكنه ليس متمكنًا جاز له التأخير إلى الإمكان.

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (10/ 227، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال القاضي وغيره: المطل منع قضاء ما استُحق أداؤه؛ فمَطْلُ الغني ظلمٌ وحرامٌ، ومطل غير الغني ليس بظلمٍ ولا حرامٍ؛ لمفهوم الحديث، ولأنَّه معذورٌ، ولو كان غنيًّا ولكنه ليس متمكنًا من الأداء لغيبة المال أو لغير ذلك جاز له التأخير إلى الإمكان، وهذا مخصوص من مطل الغني أو يقال المراد بالغني المتمكن من الأداء فلا يدخل هذا فيه] اهـ.

حكم التعويض الذي يحصل عليه الدئن عند تأخر المدين عن سداد الدين وموقف القانون من ذلك

إذا ماطل المدين وتأخر عن السداد دون عذر مع طلب الدائن لدينه، وكان في ذلك ضرر على الدائن، جاز له اللجوء إلى القضاء لرفع الضرر عنه، بإلزام المدين سداد ما عليه والمطالبة بتعويض يعادل الضرر الفعلي الذي تسبب فيه التأخير، وهو ما يعرف بـ"عِوَض الضرر"، وإذا قضى القاضي له بذلك حلَّ أخذُه؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ» رواه ابن ماجه وأحمد والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه ابن ماجه والبيهقي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، ورواه الطبراني عن أبي ثعلبة بن مالك القرظي رضي الله عنه، ومن هذا الحديث أُخِذَت القاعدة الفقهية: "الضررُ يُزالُ".

وقد نظَّم القانون المدني المصري هذا الأمر من خلال موادّ الفصل الثاني؛ والذي جاء بعنوان: "التنفيذ بطريق التعويض"؛ وذلك من خلال المواد (215 وما بعدها).

ومن جملة هذه المواد ما نص عليه القانون المدني المصري على سبيل الموازنة بين حقوق الدائن والمدين فقد أجاز للأول المطالبة بالتعويض عن التأخر في السداد وذلك وفق ضوابط معينة، فقد نصت المادة رقم (226) على أنه: [إذا كان محل الالتزام مبلغًا من النقود، وكان معلومَ المقدار وقت الطلب، وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزمًا بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخر فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية، وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخًا آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره] اهـ.

ومن هذا يتضح الفارق بين "عوض الضرر" من تعويض الدائن عما يلحقه من مماطلة المدين وتأخره في الوفاء ظلمًا بلا عذر، وبين الربا والذي منه "اشتراط الزيادة مقابل التأجيل"، فعوض الضرر يُعد إقامةً للعدل لإزالته الضرر الذي ألحقه المدين بالدائن بتأخير المال عنه، وما يترتب على ذلك من تفويت لمصلحته، ويُرجع في أمره للقضاء، في حدود الإطار الذي حدده القانون من الأسباب والقدر المعوَّض به، أما الربا فهو مقصود ومبتغى، وتُعقَد العقود على أساسه من أول الأمر، وفيه استغلال من الدائن لحاجة المدين من غير تقيُّد بتأخير أو عدمه وضرر أو غيره.

ولا يغير في عدم مشروعية الربا في هذه المسألة التراضي عليه، فالذي عليه فقهاءُ المذاهبِ الأربعة أنَّ التراضي بين المتعاقدين على الحرام لا يبيحه ولا يُحِلُّه؛ كما في "المبسوط" للإمام السَّرَخْسِي الحنفي (30/ 150، ط. دار الفكر)، و"المقدمات" للعلامة ابن رشد الجد المالكي (2/ 518، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"الأم" للإمام الشافعي (7/ 128)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامة الحنبلي (4/ 240).

نصيحة ورجاء

نهيب بمن يقترض من أخيه لتفريج كربة وقضاء حاجته أن يحسن الأداء؛ فلا يليق مقابلة إحسان المقرض للمقترض إلَّا بالإحسان؛ قال تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60]، وفي الحديث: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ قَضَاءً» رواه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن" واللفظ له، وفي حديث آخر: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى» رواه الإمام ابن ماجه في "السنن".

الخلاصة

بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّ الاتفاق بين الدائن والمدين على اشتراط زيادة في مقدار الدين إذا تأخر المدين عن السداد غير جائز شرعًا، فيبطل الشرط ويستحق الدائن أصل دينه دون زيادة، وإذا ماطل المدين في السداد ولم يلتزم بسداد دينه في الوقت المقرر بلا عذر، فيحق للدائن رفع أمره للقضاء، وما يقضي به القاضي ينفذ على الطرفين؛ فإن قضى بالتعويض حلَّ للدائن أخذُه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

سئل في رجل كوَّن مع آخر شركة لتجارة الخيول برأس مال قدره 126 جنيهًا، وأن مبلغ الشركة كان مع أحدهما ولكنه سرق منه بالسوق. وطلب السائل الإفادة عما إذا كان المبلغ يتحملانه معًا أو أن الذي كان يحمله هو الذي يلزم به. 


ما حكم ضمان الوديعة التي أوصى بها المتوفى قبل موته ولم توجد في موضعها؟ فهناك رجلٌ أخبر أولادَه قبل وفاته أنَّ ابن عمه قبل أن يسافر خارج البلاد ترك وديعةً عنده ليستردَّها منه عَقِب عودته، وأنَّه قد قَبِل تلك الوديعة من غير أجرٍ ابتغاءً للأجر والمثوبة من الله تعالى، وأخبَرَهم بموضِع حفظها، فلما مات لم يجدوها في الموضِع الذي سمَّاه لهم ولا في غيره، فهل تُضمَن تلك الوديعة من تركته؟


السائل يقول: إنه في شهر يونيه سنة 1986م تعاقد مع مؤسسة عربية لبيع ماكينات الخياطة والتطريز على شراء ماكينتين للتطريز، على أن يطلب صاحب المؤسسة من الشركة إرسال هذه الماكينات في خلال مدة من 3 إلى 6 شهور، وتم الاتفاق بينه وبين البائع على تسليم الماكينات في ظرف ثلاثة أشهر مقابل مبلغ 74800 جنيه بالشروط التالية:
أ- يدفع من هذا المبلغ 20000 جنيه عند تحرير العقد، وقد دفع هذا المبلغ فعلًا.
ب- يدفع عند التسليم 10000 جنيه.
ج- باقي المبلغ 40800 جنيه تسدد على أقساط شهرية تبدأ بعد التسليم.
د- تحدد بالعقد شرط جزائي قدره 5000 جنيه يدفعها من يخل بشرط هذا العقد.
وسافر إلى عمان بعد أن وكل ابنه في استلام الماكينات، وادعى البائع بأن الماكينات في طريقها إلى الإسكندرية، وطلب المبلغ المتفق عليه عند التسليم، وفعلًا استلم مبلغ 10000 جنيه، وأصبح طرفه مبلغ 30000 جنيه، وعند عودته في يونيه سنة 1987م طالبه بالماكينات، ولكنه ادعى أن الشحنة وصلت بدون الماكينات المطلوبة، ووعد باستعجالها، وقرب السفر حدد موعدًا آخر يوافق وجوده بالسلطنة.
ومر عامٌ آخر وهو يعد ويخلف الوعد، وفي عام 1988م ادعى البائع بأن الماكينات سوف تصله، وحدد موعدًا يوافق يوم سفره بعد انتهاء الإجازة، وادعى بأنه مضطر أن يقدم من يدفع له الثمن نقدًا، ولكنه تقديرًا له يطلب منه مبلغ 10000 جنيه أخرى على أن يسلمه الماكينات في شهر سبتمبر سنة 1988م، وفعلًا دفع له هذا المبلغ، ثم قام زملاء السائل في شهر أكتوبر سنة 1988م بتجديد عقد الاتفاق السابق، وزادوا فيه قيمة الشرط الجزائي إلى 35% من قيمة المبلغ المدفوع أي ما يوازي 14 ألف جنيه، وحددوا موعدًا آخر هو 15 أغسطس سنة 1989م، في هذا الموعد كشف هذا البائع عن غدره، وأعلن أنه عاجز عن تنفيذ هذا العقد، وعن استعداده لدفع قيمة الشرط الجزائي، وفعلًا حرر السائل شيكات بمبلغ 50000 جنيه على خمسة أشهر، وبقي عنده 4 آلاف جنيه تحت المحاسبة.
ويسأل: هل يستحق هذا المبلغ 14 ألف جنيه قيمة الشرط الجزائي؟ وهل يكون حلالًا، أم لا؟ وكيفية التصرف فيه إذا كان غير حلال، وهل على المبلغ المدفوع زكاة باعتباره كان ثمنًا لآلات للعمل؟ وما مقدارها؟


ما حكم تقسيم الماشية التي صادرها الأهالي في داغستان؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما هو حكم الماشية التي كانت لــ(الكلخوز) هل تُقسم بين أهل القرية بالمساواة، أو أنه يجب أن نتحرى ونبحث عمَّن صادرَتْ الحكومة من أجداده في أول انعقاد (الكلخوز)، فنعطي لكلٍّ منهم نصيبه؛ له إن كان حيًّا، ولوارثيه إن كان ميتًا، ولا سيما مع وجود التفاوت الكبير بين أعداد الماشية التي تمت مُصادَرتُها من كل شخص؛ فهناك من أخذوا منه رأسًا واحدًا، وهناك من أخذوا منه مائة رأس أو أكثر أو أقل، وهناك من لم يكن له شيء حينها؟


ما حكم تصرف ذرية ملاك العقارات التي انتزعت من أهلها بداغستان؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-: ما حكم بعض القرى التي هجَّرت حكومةُ ستالين منها أهلَها من المسلمين ظلمًا، وكذلك أسكنت الحكومة غيرهم من المسلمين قريتَهم من سكان المناطق النائية الجبلية ظلمًا وعدوانًا، ولما امتنعوا من الهجرة إلى قرى غيرهم أحرقوا عليهم بيوتهم وأجبروهم على الهجرة، فسكنوا قرية غيرهم سنين، فعمروها ووسعوها وذرَّعوها وتناسلوا وتكاثروا.
ثم بعد مرور سنين كثيرة ألغت الحكومة حكم منع عودة المهجَّرين إلى وطنهم، فرجع قسمٌ كبير منهم إلى وطنهم داغستان، وطلبوا إخلاء أراضيهم وبيوتهم ممن أسكنتهم الحكومة ظلمًا في قريتهم وبيوتهم، فصارت هناك في حينها خلافاتٌ كبيرة، فتدخلت الحكومة في الأمر وقررت إبقاء الجبليِّين في هذه القرى والأراضي على الدوام، وخصَّصتْ لكل من رجع من أصحاب الأراضي والبيوت قطعةً من الأرض في مكانٍ آخر ومبلغًا من المال للبناء؛ وهدأت الأمور بعدها. ولكن هؤلاء الذين رجعوا من مهجرهم يقومون بين الحين والآخر بطلب حقهم الموروث أبًا عن جد، وخاصةً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ويطالبون العلماء بالتدخل في الأمر.
فهل لأصحاب القرية الأصليين الحق في أن يعودوا من جديد ويطالبوا سكانَ قريتهم وبيوتِهم بأن يرتحلوا من قريتهم ويقوموا بإخلاء منازلهم؛ متذرِّعين بأن الأرض والبيوت حقهم الموروث من الآباء والأجداد وليس حقًّا للحكومة. وقد صارت قرى الجبليين الأصلية ومنازلهم أطلالًا وآثارًا، ولا أحد منهم يريد أن يعود إلى الجبال والعيش القاسي بعد أن تعوَّدوا على السهول والعيش الناعم، علمًا بأن هناك من أخلى البيت والأرض وقت عودة أصحابها وارتحل منها ودبَّر حاله؟


يقول السائل: امرأة توفيت عن إخوتها لأبيها ثلاث إناث وذكر، وتركت ما يورث عنها شرعًا، فهل تكفينها وتجهيزها حتى دفنها واجب في تركتها، أو على الورثة؟ وما هو اللازم شرعًا في التكفين والتجهيز حتى الدفن؟ وهل إذا صرف أحد الورثة من ماله في التجهيز والتكفين زيادةً عمَّا هو لازم لها حسب أمثالها، وكان ذلك بدون إذن الورثة، وكذا ما صرفه في غير التجهيز والتكفين مثل أجرة وتكاليف مكان العزاء؛ من مأكل ومشرب وغير ذلك، بدون إذن باقي الورثة أيضًا، هل يلزم ذلك الورثة أو لا يلزمهم ويكون متبرعًا؟