ما حكم الأخذ من أشجار منى للتسوك؟ فكنت أريد التسَوُّك أثناء المبيت بمنى فأخذتُ من أشجار بمشعر مِنًى السواك والحطب وهو أخضر، فما حكم ذلك؟
الأحوط ألَّا يَقتربَ المُحرِمُ أو غيرُه مِن أخذ السواك من شجر الحرم، أو التَّعدِّي على شجر الحرم النابت بنفسه؛ رعاية لحَقِّ الحرم، وخروجًا مِن خلاف مَن منع ذلك، فإن فَعَل ذلك فلا شيء عليه على ما قَرَّره بعض الفقهاء من جواز أخذ السواك من شَجَر الحرم؛ عملًا بما تَقرَّر في القواعد "أنَّ مَن ابتُلي بشيءٍ من المختَلف فيه فليُقَلِّد مَن أجاز".
المحتويات
الحَرَمُ المكي له أحكام كثيرة وفضائل عدة، فمِن فضائله: أنَّ الله تعالى جعله آمنًا؛ قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [البقرة: 126]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: 97].
ومن فضائله أيضًا: أنَّ الله تعالى ضاعف الرزق فيه استجابة لدعوة سيدنا إبراهيم حين قال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ﴾ [إبراهيم: 37]؛ ولذا ورد في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهم اجْعَل بالمدينة ضِعْفَي ما جَعْلتَ بمكة من البَرَكة» متفقٌ عليه.
من أحكامه التي فَصَّلتها السُّنَّة النبوية المطهَّرة: أنَّه لا يجوز قطع شجر الحرم؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلا يُعْضَدُ شَجَرُهَا»، ومعنى: «لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا»، أي: لا يقطع نباتها، ومعنى: «لا يُعْضَدُ شَجَرُهَا»، أي: يُقْطَع، كما في "غريب الحديث" لابن قُتَيْبَة (1/ 147، ط. مطبعة العاني).
ولا فَرْق في هذا بين الـمُحْرِم وغيرِه؛ وذلك لأنَّ حرمة التَّعرُّض لشجر الحرم إنما هو لأجل الحَرَم ذاته، فيستوي في ذلك المُحرِم وغيره، كما في "بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 210، ط. دار الكتب العلمية).
والمقصود بالحرم ليس خصوص الكعبة، بل يشمل غيرها ممَّا يَدْخُل في حدود الحرم، والتي منها منًى ومزدلفة، لكن مع القول بالمنع من قطع أشجار الحرم والإثم المترتب على ذلك، إلَّا أَنَّ الفقهاء اختلفوا في جزاء فِعْل ذلك: فيرى المالكية: أنَّه لا جَزَاء فيه، وهو مقابل الأظهر عند الشافعية، ووافقهم على ذلك الحنفية والحنابلة فيما زَرَعه الإنسان بنفسه، فإن نَبَت بطبعه ففيه الجزاء، ويرى الشافعية في الأظهر: أنَّ عليه الجزاء مطلقًا. يُنظر: "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني (2/ 210)، و"عقد الجواهر الثمينة" للعلامة ابن شاس (1/ 304، ط. دار الغرب الإسلامي)، و"روضة الطالبين" للإمام النووي (3/ 165، ط. المكتب الإسلامي)، و"شرح منتهى الإرادات" للعلامة البُهُوتي (1/ 565، ط. عالم الكتب).
أمَّا أَخْذ السِّوَاك من شَجَر الحَرَم -وهو مسألتنا-، فقد ألحقه الحنفية والحنابلة بالشَّجَر الممنوع أخذه، إلَّا أن يكون يابسًا فيُباح أخذه، ومُدْرَكهم في ذلك عموم النهي الوارد عن قَطْع شجر الحرم في حديث ابن عباس رضي الله عنهما السابق.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 210) عند كلامه على حديث ابن عباس رضي الله عنهما: [أخبر الله تعالى أنَّه جعل الحرم آمنًا مطلقًا، فيجب العمل بإطلاقه إلا ما قُيِّد بدليل، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ألَا إنَّ مكة حرام، حرَّمها الله تعالى..»، إلى قوله: «لا يُخْتَلَى خَلَاها، ولا يُعضَدُ شجرها» نَهَى عن اختلاء كل خَلًى، وعضد كل شجر، فيَجْرِي على عمومه، إلا ما خُصَّ بدليل، وهو: الإِذْخر] اهـ.
وقال الإمام المَرْدَاوي الحنبلي في "الإنصاف" (3/ 552، ط. دار إحياء التراث العربي): [يَحْرُم قَلْع شَجَر الحرم إجماعًا، وهو المذهب، وعليه الأصحاب: أنه يحرم قلع حشيشه ونباته، حتى السواك والوَرَق] اهـ.
بينما رخَّص في ذلك فقهاء المالكية والشافعية.
قال العلامة ابن فَرْحون المالكي في "إرشاد السالك إلى أفعال المناسك" (2/ 704، ط. مكتبة العبيكان): [قال القرافي: وخَفَّف مالكٌ في قَطْع العصا والعصاتين من شَجَر الحرم. قال ابن الحاج: ولا بأس بأخذ السواك] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (7/ 449، ط. دار الفكر): [اتَّفق أصحابنا على جواز أخذ ثمار شجر الحرم، وإن كانت أشجارًا مباحة، كالأراك، ويقال لثمرة الأراك: الكَبَاث -بكاف مفتوحة، ثم باء موحدة مُخَفَّفة، ثم ألف، ثم ثاء مُثلثَّة-، واتفقوا على أخذ عود السواك ونحوه] اهـ.
ومُدْرك هذا القول الـمُجَوِّز: أنَّ ما يأخذه مِن الشجر هو غصن لطيف لا يكاد يضرُّ بالشجر، فإن ضرَّ فعليه ضمانه، كما أَنَّ هذا مما يُحتاج لأخذه على العموم فسُوِمحَ فيه ما لم يُسامَح في الأغصان التي ليست كذلك، وتبعهم في ذلك المسلك: مجاهد، وعطاء، وعمرو بن دينار رضي الله عنهم. يُنظر: "تحفة المحتاج" للإمام ابن حجر الهيتمي (4/ 190، ط. المكتبة التجارية الكبرى)، و"عمدة القاري" للعلامة بدر الدين العَيْني (8/ 162، ط. دار إحياء التراث العربي).
بناءً عليه: فالأحوط ألَّا يَقتربَ المُحرِمُ أو غيرُه مِن أخذ السواك من شجر الحرم، أو التَّعدِّي على شجر الحرم النابت بنفسه؛ رعاية لحَقِّ الحرم، وخروجًا مِن خلاف مَن منع ذلك، فإن فَعَل فلا شيء عليه؛ عملًا بما تَقرَّر في القواعد "أنَّ مَن ابتُلي بشيءٍ من المختَلف فيه فليُقَلِّد مَن أجاز".
وفي واقعة السؤال: ما فعلتَه مِن قطع السواك من الشَّجَر في منى: جائزٌ شرعًا على ما قَرَّره بعض الفقهاء من جواز أخذ السواك من شَجَر الحرم، والأحوط عَدَم الأخذ خروجًا مِن خلاف الفقهاء في ذلك.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تعيين نية الطواف في الحج؟ فرجلٌ يقول: والدتي امرأةٌ مُسِنَّةٌ، وقد أكرمها اللهُ تعالى بالحج هذا العام، وبعد عودتها سألتُها عن المناسك وكيف أدت الحج؟ فقالت: إنها كانت تفعل مثل ما يفعل غيرها، متبعة إرشادات مسؤول فَوْج الحجيج معهم، وطافت للقدوم والإفاضة والوداع مِن غير تعيين النية في كلٍّ منها. فهل يقبل منها ذلك أو كانت تحتاج إلى تعيين النية لكلِّ طواف قبل أدائه؟
أُريدُ الحجَّ وعليَّ ديون مؤجلة نتيجةَ شراء شقة بالتقسيط. فهل يجوز لي الحج أم أنه يجب عليَّ قضاء الدين أولًا؟
هل يصح حج الصغير إذا فعله؟ فقد ذهبتُ أنا وأخي الأكبر لأداء فريضة الحج وكان معه ابنه الأصغر، وبعد عودتنا أخبره بعض الناس بأنه لا يصح حج الأطفال؛ لعدم مقدرتهم على أداء مناسك الحج كاملة، وأن الصبي لا يعرف ما يفعل لصغر سنه. فهل حج هذا الصبي صحيح؟
ما حكم الاقتراض من أجل تأدية فريضة الحج؟
ما حكم إنابة الغير في الحج وكون النائب مقيمًا في بلد المناسك؟ حيث أبلغ من العمر 67 عامًا، وقد سبق له السفر لأداء فريضة الحجّ، ولكنه لم يستكمل مناسك الحجّ لمرضه المفاجئ، وصحته حتى الآن متعبة، ولا يستطيع السفر مرة أخرى لأداء الحج، ويسأل هل يصح له أن يُنِيبَ غيره ليحجّ عنه، وهل يجوز أن يكون النائب من المقيمين بالسعودية، وما هي الشروط الواجب توافرها في النائب؟
ما حكم الصعود على جبلي الصفا والمروة في أداء المناسك في الحج والعمرة؟ وبيان القدر الواجب في السعي بين االصفا والمروة في كل شوط؟