ما حكم من نوى التمتع ثم تعذر عليه أداء العمرة قبل الحج؟ فقد سافرت امرأة إلى الحج، فأحرمت من بلدها، ونوَتِ التمتع، وبعد النزول في مكة المكرمة، وقبل أداء العمرة تم تغيير برنامج الرحلة، بحيث يذهبون إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة أولًا، ويعودون في نهاية اليوم السابع من ذي الحجة، على أن يخرجوا إلى عرفة صبيحة اليوم الثامن، وتخشى أن لا تتمكن من أداء العمرة قبل الحج، وتسأل هل يجوز لها أن تُحوِّل إحرامها من تمتع إلى قِران؟ وهل عليها دم؟
إذا أحرم المسلم بالعمرة متمتعًا بها إلى الحج، فوصل إلى مكة ثم تغير برنامج الرحلة بالذهاب إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة، أو غيره من الأسباب الأخرى، ولن يتمكن من أداء العمرة قبل الذهاب إلى عرفة، فإنه يجوز له في هذه الحالة أن يُحوِّل النُّسُك من التمتع إلى القِران، ولا حرج في ذلك شرعًا، وعليه هدي القِران.
المحتويات
التمتع في الحج هو: الإحرام بالعمرة في أشهر الحج والتحلل منها بعد إتمامها، ثم إنشاءُ حَجةٍ في العام نفسه، وسمي بذلك؛ لانتفاع المحرِم بالتقرُّب بالعمرة إلى الله تعالى قبل الانتفاع بتقرُّبه بالحج، أو لتمتعه بإحلالِ محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ من العمرة وإحرامه بالحج، أو لتمتعه بسقوط العَوْدِ إلى الميقات ليُحرِمَ منه بالحج.
ويشترط في التمتع: تقدم العمرة على الحج، ودليل ذلك قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ [البقرة: 196]؛ حيث جعل الله تعالى الحج غايةً ومنتهى إلى التمتع، فيكون المبدأ من العمرة.
قال العلامة ابن فَرْحُون في "إرشاد السالك إلى أفعال المناسك" (1/ 479، ط. مكتبة العبيكان) في شروط التمتع: [الثالث: أن يُقدم العمرة على الحج، فلو اعتمر بعد فراغ الحج في أشهر الحج لم يكن متمتعًا] اهـ.
وقال الإمام بدر الدين العَيْنِي في "البناية" (4/ 288، ط. دار الكتب العلمية): [ويقدم أفعال العمرة؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾، بيانه: أن الله تعالى جعل الحج غاية ومنتهى إلى التمتع، فيكون المبدأ من العمرة لا محالة] اهـ.
من المقرر شرعًا أنه يجوز للمُحرِم الذي نوى التمتع -رجلًا كان أو امرأة- أن يُغَيِّر نسكه بتحويل نيته من التمتع إلى القِران، وإدخال الحج على العمرة بشرط ألا يكون قد طاف للعمرة؛ إذ الحج لَمَّا كان أقوى من العمرة صحَّ إدخاله عليها، وذلك لإمكان اندراج أفعال العمرة في الحج، وليس العكس.
والأصل في ذلك ما جاء في حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها أحرمت بالعمرة في أشهر الحج، ومنعها الحيض من الطواف، فلم تتمكن من التحلل من عمرتها حتى ضاق الوقت وذهب الناس للحج، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنْ تهل بالحج مع عمرتها الأولى فصارت قارنة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عائشة رضي الله عنها، فوجدها تبكي، فقال: «مَا شَأْنُكِ»؟ قالت: شأني أني قد حضت، وقد حَلَّ الناس ولم أحْلِل ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن، فقال: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ»، ففعَلَت ووقَفَت المواقف، حتى إذا طَهُرَت طافَت بالكعبة والصفا والمروة، ثم قال: «قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا» أخرجه الشيخان.
قال الحافظ ولي الدين العراقي في "طرح التثريب" (5/ 33، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله: «وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ» أي مُدخِلةً له على العُمرة، وحينئذٍ فتَصِير قارنةً بعد أن كانت مُتَمَتِّعةً، وهو جائزٌ بالإجماع إذا كان قَبْل الطَّواف] اهـ.
وإذا كان تحويل نية التمتع إلى القِران جائزًا مطلقًا، فإن الجواز عند ضيق الوقت وخشية فوات الحج من باب أولى، بل هو المتَّجه على المُحرِم حينئذ.
قال الإمام ابن قُدَامة في "المغني" (3/ 421، ط. مكتبة القاهرة): [إدخال الحج على العمرة جائزٌ بالإجماع من غير خشية الفوات، فمع خشية الفوات أَوْلى] اهـ.
وقال أيضًا (3/ 422): [وكلُّ متمتعٍ خشي فوات الحج، فإنَّه يُحرِم بالحج، ويصير قارنًا] اهـ.
وقال العلامة ابن مُفْلِح في "المبدع" (4/ 86- 87، ط. دار ركائز): [والمرأة إذا دخلت متمتعة فحاضت قبل طواف العمرة، (فخشيت فوات الحج)، أو خافه غيرها؛ (أحرمت بالحج وصارت قارنة)، نص عليه؛ لما روى مسلم: أن عائشة رضي الله عنها كانت متمتعة فحاضت، فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَهِلِّي بِالْحَجِّ»، ولأن إدخال الحج على العمرة يجوز من غير خشية الفوات، فمعها أَوْلى؛ لكونها ممنوعة من دخول المسجد] اهـ.
حينئذٍ يلزم القارن هديٌ كالمتمتع، والأصل في ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهدى عن نسائه البقر"، وقد كنَّ حينئذٍ قارنات.
فالقارن تمتع بسقوط الرجوع إلى الميقات للإحرام بالحج فكان كالمتمتع، قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (4/ 93، ط. دار الكتب العلمية): [ومن معنى التمتع أيضًا القِران عند جماعةٍ من الفقهاء؛ لأنَّ القارن يتمتع بسقوط سفره الثاني من بلده كما صنع المتمتع في عمرته إذا حج من عامه ولم ينصرف إلى بلده، فالتمتع والقِران يتفقان في هذا المعنى، وكذلك يتفقان عند أكثر العلماء في الهدي والصيام لمن لم يجد هديًا منهما] اهـ.
ولأن الهدي "إذا وجب على المتمتع لأنه جمع بين النُّسُكين في وقت أحدهما، فلَأن يجب على القارن وقد جمع بينهما في الإحرام أَوْلى، فإنْ لم يجد الهدي فعليه صوم التمتع ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعة إذا رجع"، كما قال الإمام الشيرازي في "المهذب" (1/ 371، ط. دار الكتب العلمية).
وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة -على خلافٍ بينهم أهو دم نسكٍ أو جبران- وهو المروي عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم. ينظر: "اللباب شرح الكتاب" للإمام الميداني الحنفي (1/ 197، ط. المكتبة العلمية)، و"الإشراف" للقاضي عبد الوهاب المالكي (1/ 468، ط. دار ابن حزم)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (7/ 190، ط. دار الفكر)، و"المبدع" للإمام ابن مُفْلِح الحنبلي (3/ 115، ط. دار الكتب العلمية).
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا أحرمت المرأة بالعمرة متمتعة بها إلى الحج، فوصلت إلى مكة ثم تغير برنامج الرحلة بالذهاب إلى زيارة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة المنورة، ولن تتمكن من أداء العمرة قبل الذهاب إلى عرفة، فإنه يجوز لها في هذه الحالة أن تُحوِّل نُسُكها من التمتع إلى القِران، ولا حرج في ذلك شرعًا، وعليها هدي القِران.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاستدانة للحج وزيارة المدينة؟ فقد حججت بيت الله تعالى وأخذت في طريقي لذلك من أخي خمسمائة ريال سعودي، ولم أردها حتى الآن، ولم أذهب إلى المدينة المشرفة على ساكنها الصلاة والسلام، وقد توفي أخي، فهل حجي صحيحٌ؟ وكيف أردُّ دَيْن أخي؟
ما حكم الأضحية بالشاة المغصوبة؟
ما حكم تأخير حج الفريضة بعد الاستطاعة لرعاية الأم المريضة؟ فهناك شخصٌ أكرَمَه اللهُ تعالى بالقدرة المالية والبدنية على أداء فريضة الحج، لكن أمه مريضة ولا يقدر على تركها، حيث يقوم على خدمتها ورعايتها، وليس لها غيره يرعاها ويقوم على شؤونها في هذا الوقت، فهل يجوز له تأخير الحج إلى العام القادم أو إلى تمام شفائها ثم يَحُجُّ؟
ما حكم الحج عن المريض؟ فبرجاء التكرم والتفضل من سيادتكم بإعطائي الفتوى الشرعية عن حكم قيامي بالحج وحالتي الصحية غير منتظمة؛ حيث إنني مصاب بالتهاب كبدي -فيروس c- مزمن، وتضخم وتليف بالكبد، ومضاعفات عملية إزالة ورم حميدي نشط بالمخ، واضطراب في إفرازات الغدد الصماء، وكسل في الغدة الدرقية، وخشونة شديدة في المفاصل والعمود الفقري، وسيولة في الدم، وصرع، ويتم علاجي بالمُكَمِّلات الغذائية والمُسَكِّنات -24 صنف علاج يوميًّا-، ولا أقدر على الصلاة واقفًا، فأصلي على كرسي، وأتحرك دائمًا بالتوك توك -أعاذكم الله مِن مِثل هذه الأمراض-، مع ملاحظة أني تقدمت للحج في أكثر من جهة عن طريق القرعة والشركات السياحية منذ ثلاث سنوات. فهل عليَّ وزرٌ إذا لم أحج؟ وهل إذا ذهبت للحج يكون في ذلك إهلاك لنفسي؟ وماذا أفعل في حالتي هذه؟
ما حكم من ذهب لأداء العمرة وترك الحلق أو التقصير وحلَّ من إحرامه، هل عليه شيء؟
ما حكم لف المُحرِم الرباط الضاغط على الفخذ للحماية من التسلخات؟ فأنا أحتاج لاستعمال رباط ضاغط للفخذ؛ لحماية الفخذين من التسلخ الناتج عن المشي، فأرجو منكم بيان الحكم الشرعي في استعمال هذا الرباط أثناء الإحرام.