ما حكم أداء العمرة عقب الانتهاء من أعمال الحج؟ فقد قمت بأداء فريضة الحج ولم أكن أعرف أنواع النسك، فأحرمت ونويت الحج دون تحديد نوع معين من النسك، ثم بعد رمي الجمرات والنزول من منى مباشرة ذهبت إلى مسجد التنعيم وأحرمت بالعمرة. فما الحكم في ذلك؟
يجوز شرعًا أداءُ العمرة بعد الانتهاء مِن مناسك الحج، وذلك بالخروج إلى "التنعيم"، أو مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها، والإحرام بالعمرة من هناك.
المحتويات
مِن المقرَّر شرعًا أنَّ الإحرام مِن مناسك الحجِّ والعمرة، وهو أولُ المناسِك؛ وذلك لما أخرجَهُ الشَّيخان في "صحيحيهما" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى».
وقد اتَّفق الفقهاءُ على فرضية الإحرام، قال الإمام ابنُ حزم في "مراتب الإجماع" (ص: 42، ط. دار الكتب العلمية): [واتفقوا أنَّ الإحرام للحجِّ فرض] اهـ.
وحقيقة الإحرام شرعًا: أنَّه نيةُ الدخول في النُّسك، وهو على ثلاثة أنواع، هي: الإفراد، والتمتع، والقران.
فالإِفرادُ: هو أن يُحرم بالحج مِن ميقاته ويفرغ منه، ثم يُحرم بالعمرة، كإحرام المكي؛ بأن يخرج إلى أدنى الحلِّ فيُحرم بها.
وأما التمتع: فهو أن يُحرم بالعمرة مِن ميقات بلده في أشهر الحج، ويدخل مكة، ويفرغ مِن أفعال العمرة، ثم ينشئ الحجَّ من مكة.
وأما القِران: فهو أن يُحرم بهما مِن الميقات، ويعمل عمل الحجِّ، فيحصلان معًا.
والأصلُ في ذلك: ما أخرجه الشَّيخان مِن حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "خرَجْنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام حجَّة الوداع، فمِنَّا مَن أهلَّ بعمرة، ومِنَّا مَن أهلَّ بحجٍّ وعمرة، ومِنَّا مِن أهلَّ بالحجِّ، وأهلَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحجِّ".
وجهُ الدلالة: كان الصحابة أوَّلًا لا يعرفون إلا الحج، فبين لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجُوه الإحرامِ، وجوَّز لهم الاعتمار في أشهر الحج.
حكى ابن القطان عن جمهور العلماء أن المحرم بالحج لا ينبغي له أن يحرم بالعمرة قبل فروغه من الحج، فقال في "الإقناع" (1/ 298، ط. الفاروق الحديثة): [وأجمعوا أنه لا ينبغي لأحد أحرم بحجة أن يُضيف إليها عمرة قبل فراغه من الحجة، إلا الأوزاعي فإنه أباح ذلك] اهـ.
والمختار أن العمرة قبل الفروغ من الحج لا تنعقد؛ لانشغال الحاج بأعمال الحج، وكونه مخاطبًا ببقية آثار الحج.
وقد نص على هذا فقهاء المالكية والشافعية.
فقال الشيخ الموَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (4/ 30، 35، ط. دار الكتب العلمية): [ومن مناسك المؤلف -الشيخ خليل- رحمه الله: أما العمرة فلها ميقاتان: مكاني وزماني، فذكر المكاني ثم قال: وأما الزماني فجميع أيام السنة وفي يوم النحر وأيام التشريق إلا أن يحرم بالحج فيمتنع عليه الإحرام بها من حين إحرامه إلى آخر أيام التشريق، ولا يعتمر حتى يفرغ من حجه، ولو نفر في النفر الأول لم ينعقد إحرامه بها، وكذلك لا ينعقد إذا أحرم بها قبل رميه لليوم الثالث ولا يلزمه أداؤها ولا قضاؤها، ويكره أن يحرم بعد رميه وقبل غروب الشمس من آخر أيام التشريق، وإن أحرم حينئذ لزمه الإحرام بها ومضى فيها حتى يتمها بشرط أن يكون طاف للإفاضة، وعلى هذا لا ينعقد إلا بشرطين: أن يرمي لليوم الثالث، وأن يطوف للإفاضة] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 223، ط. دار الكتب العلمية): [الميقات الزماني للعمرة جميع السنة... وقد يمتنع الإحرام بها في أوقات: منها: ما لو كان محرمًا بعمرة، ومنها: ما لو كان محرمًا بحج، فإن العمرة لا تدخل على الحج، ومنها: ما إذا أحرم بها قبل نَفْره؛ لاشتغاله بالرمي والمبيت، فهو عاجز عن التشاغل بعملها] اهـ.
أمَّا الإحرامُ بالعمرة بعد التحلُّلين والنُّفور مِن منى -وهو المسؤولُ عنه- فجائزٌ شرعًا، وينعقِد إحرامُه؛ لأنَّه بالنَّفْر خَرَجَ مِن الحجِّ.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 458، ط. دار الكتاب الإسلامي): [أما إحرامه بها -أي: العمرة- بعد نَفْره فصحيح، وإن كان وقت الرمي بعد النَّفْر الأول باقيًا؛ لأنه بالنَّفْر خرج من الحج، وصار كما لو مضى وقت الرمي، نقله القاضي أبو الطيب عن نص "الأم"، وقال في "المجموع": لا خلاف فيه] اهـ.
ويجِبُ على مُريد الإحرام بالعمرة أن يخرج إلى أدنى الحِلِّ، كالتنعيم أو مسجد السيدة عائشة رضي الله عنها، فيُحرِم منه بالعُمرة.
قال ابنُ القطان في "الإقناع" (1/ 285): [ولا يُهل الرجلُ مِن أهل مكة بعمرة، حتى يخرجَ إلى الحلِّ، فيُحرِم منه، بإجماعٍ من العلماء لا يختلفون فيه] اهـ.
بناء على ذلك وفي واقعة السؤال: فأداءُ العمرة بعد الانتهاء مِن مناسك الحج، وذلك بالخروج إلى "التنعيم"، والإحرام من هناك -جائز شرعًا، ولا حرج فيه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الاستراحة في الطواف؟ فأنا رجلٌ تقدَّمَ بي العمر، ولا أقدرُ على إتمامِ الطوافِ دفعةً واحدة، فأجلسُ لالتقاطِ أنفاسي لأقدرَ على إكمالِ الطواف.
سئل بإفادة واردة من وزارة الداخلية؛ صورتها: نحيط علم فضيلتكم أنه لما قامت الحرب الأوروبية في العام الماضي صار السفر إلى الحجاز صعبًا وطريقه غير مأمون للأسباب الآتية:
أولًا: عدم توفر الأسباب لسفر البواخر المخصصة لنقل الحجاج المصريين في ذهابهم وإيابهم، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في تأخيرهم بالحجاز زمنًا ليس بالقليل، وفي ذلك مخاطرة على أنفسهم وعائلاتهم.
ثانيًا: صعوبة المواصلات الخاصة بنقل المواد الغذائية للأقطار الحجازية التي انبنى عليها عدم إرسال مرتبات الغلال التي كانت ترسلها الحكومة المصرية للحجاز سنويًّا، ولا يبعد أن يكون ذلك سببًا في وجود خطر على الحُجاج أثناء وجودهم في الأراضي المقدسة.
ثالثًا: عدم تمكُّن الحكومة بسبب العسر المالي من اتخاذ التدابير اللازمة لوقاية الحجاج المصريين من الأخطار التي تهدد حياتهم سواء كان من اعتداء أعراب الحجاز عليهم، أو من تأخيرهم مدة طويلة بتلك الجهات.
رابعًا: عدم تمكن الحكومة بسبب العسر المالي أيضًا من اتخاذ الاحتياطات الصحية التي كانت تتخذها في كل سنة لوقاية القطر من الأوبئة والأمراض المعدية التي ربما تفد مع الحجاج.
لذلك قد أخذت الوزارة في ذلك الوقت رأي فضيلة المفتي السابق عما يراه موافقًا للشرع الشريف من جهة الترخيص للحجاج المصريين بالسفر إلى الحجاز، فرأى فضيلته أنه يجوز للحكومة والحالة هذه إعطاء النصائح الكافية للحجاج المصريين بتأجيل حجهم للعام المقبل مثلًا حتى تزول الأخطار ويتوفر أمن الطريق الذي لا بد منه في وجوب الحج. وحيث إن الأسباب التي انبنى عليها هذا الرأي ما زالت موجودة بل زادت خطورة بدخول تركيا في الحرب، وقد آن موسم الحج الذي فيه تصدر وزارة الداخلية منشورها السنوي الخاص بسفر الحجاج المصريين؛ لذلك رأينا لزوم الاستمداد برأي فضيلتكم فيما يوافق الشرع الشريف في هذا الشأن.
هل يجوز أن تقوم شقيقة سيدة متوفاة بأداء فريضة الحج عنها ومن مال ابن المتوفاة التي لم تترك أموالًا؟ علمًا بأن هذا الابن لم يسبق له أداء حجة الفريضة، ومع العلم بأن هذه الشقيقة قد أدت هذه الفريضة. فهل يجوز أداء فريضة الحج لهذه المتوفاة من مال ابنها الذي لم يسبق له أداء الفريضة، أم لا يجوز؟
توفي رجل وترك تركة بعد وفاته ولم يحج طيلة حياته حتى توفي، علمًا بأن التركة لم توزع حتى الآن. فهل يجب إجباريًّا استقطاع مبلغ من التركة لتكاليف الحج قبل توزيعها؟ وهل يعتبر ذلك دَيْنًا على المتوفى؟ وهل يجوز دفع تكلفة الحج إلى إحدى الجمعيات الشرعية المعتمدة لتقوم بالحج عنه؟
ما حكم مَن وقف بعرفة قبل الزوال فقط؟ وهل يجوز للحجاج أن ينفروا من عرفة قبل المغرب؟ وما حكم مَن وقف بها جزءًا من ليلة النحر فقط؟ وهل يجوز شرعًا أن تكون نفرة الحجيج من عرفات على مراحل لتتم النفرة في سهولة ويسر لهذه الأعداد الغفيرة المتزايدة؟ وهل هذا يعتبر تغييرًا لمناسك الحج؟
ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟ فقد سألني بعض الأصدقاء أنَّه يعتاد وضع بعض أنواع الكريمات على جَسَده بعد الغُسْل، وبعضُ هذه الكريمات ذات رائحةٍ عِطْريةٍ، فهل يجوز له ذلك؟