حكم حلق شعر المولودة الأنثى

تاريخ الفتوى: 26 سبتمبر 2024 م
رقم الفتوى: 21598
التصنيف: أحكام المولود
حكم حلق شعر المولودة الأنثى

ما حكم حلق شعر المولودة الأنثى؟ وهل هناك فرق بين المولود الذكر والأنثى في حكم الحلق؟

حلق شعر المولود يوم سابعه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمة أحدهما لمن قدر عليه أمرٌ مستحب، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، فقد رُوِيَ أن فاطمةَ رضي الله تعالى عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَزَنَتْ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".

فإذا خيف وقوع ضرر برأس المولود، أو خيف عليه الأذى فيترك الحلق حينئذ؛ رفعًا للضرر، ويُقدَّر وزن الشعر ويتصدق بزنته.

المحتويات

 

 شكر نعمة الولد والحكمة من حلق شعر المولود

من نعم الله تعالى على عباده: نعمة الولد، قال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ﴾ [الشورى: 49]، وهي نعمة عظيمة تستدعي شكر المولى سبحانه وتعالى عليها، ومن صور الشكر على هذه النعمة: العقيقة عن الولد، وحلق رأسه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمتهما؛ فعن سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ غُلامٍ رهينةٌ بعقيقته تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى» رواه أبو داود، وعن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مع الغلام عقيقةٌ، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى» أخرجه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (9/ 593، ط. دار المعرفة): [ووقع في حديث عائشة عند الحاكم: "وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى"، ولكن لا يتعين ذلك في حلق الرأس، فقد وقع في حديث ابن عباس عند الطبراني: "ويُماط عنه الأذى، ويُحلق رأسُه" فعطفه عليه، فالأولى حمل الأذى على ما هو أعم من حلق الرأس، ويؤيد ذلك أن في بعض طرق حديث عمرو بن شعيب: "ويماط عنه أقذاره" رواه أبو الشيخ] اهـ.

وممَّا يُفهم من الحكمة من حلق شعر المولود والتَّصدُّق بقيمة وزنه ذهبًا أو فضة أن الحلق فيه نظافة وتطهير مما يكون قد علق به من شوائب أثناء الولادة، ويرمز التَّصدُّق بزنة الشعر ذهبًا أو فضة إلى شكر نعمة الله تعالى، وإيصال الخير إلى الغير على جهة التعاون والتكافل، وكل ذلك على رجاء حصول البركة في المولود في مستقبل أيامه وحياته.

حكم حلق الشعر للمولود في سابع ولادته

ذهب جمهور الفقهاء من المالكية في المشهور، والشافعية، والحنابلة إلى أن حلق شعر المولود الذكر يوم سابعه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة لمن قَدر عليه مستحب؛ لعموم الأحاديث الواردة في هذا الشأن، وذهب الحنفية إلى أنه مستحب، وقيل: مباح، وليس بواجب ولا سنة؛ إذ السنة عندهم أعلى رتبة من المستحب؛ لمواظبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، بخلاف المستحب والمندوب فلم يواظب عليه وإن رغَّب فيه، وهما مترادفان عند الجمهور. ينظر: "التحرير" للكمال ابن الهمام (ص303، ط. دار الحلبي)، و "شرح جمع الجوامع" للعلامة جلال الدين المحلي مع "حاشية العطار" (1/ 126، ط. دار الكتب العلمية).

قال الإمام محمد بن شهاب الدين البزازي الكردري في "الفتاوى البزازية بهامش الفتاوى الهندية" في فقه الحنفية (6 / 371، ط. دار الفكر): [والعقيقة عن الغلام وعن الجارية، وهو ذبح شاة في سابع الولادة، وضيافة الناس، وحلق شعره مباح لا سنة ولا واجب] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (6/ 336، ط. دار الفكر): [يستحب لمن ولد له ولد أن يسميه يوم أسبوعه ويحلق رأسه ويتصدق عند الأئمة الثلاثة بزنة شعره فضةً أو ذهبًا، ثم يَعِقُّ عند الحلق] اهـ.

وقال الشيخ محمد عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 491، ط. دار الفكر): [و) ندب حلق رأس المولود في اليوم السابع، و(التصدق بزنة شعره) ذهبًا، أو فضةً، عق عنه أم لا، قبل العق عنه، وإن لم يحلق تحرى وتصدق به] اهـ.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (1/ 549، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(فصل يستحب) لمن ولد له ولد (أن يحلق له يوم السابع) لما مر أول الباب (بعد الذبح) كما في الحاج، (و) أن (يتصدق بوزن الشعر ذهبا)] اهـ.

وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (9/ 461، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب أن يحلق رأس الصبي يوم السابع، ويسمى؛ لحديث سمرة. وإن تصدق بزنة شعره فضة فحسن] اهـ.

آراء الفقهاء في حكم حلق شعر المولودة الأنثى

في خصوص حلق شعر المولودة الأنثى -وهو محل السؤال- اختلف الفقهاء على قولين:

الأول: أنه لا فرق في استحباب حلق شعر رأس المولود والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة بين المولود الذكر والأنثى، فكما يستحب حلق شعر الذكر يستحب كذلك حلق شعر الأنثى، وهو ما ذهب إليه الحنفية، والمالكية في المشهور والشافعية؛ لعموم حديث سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه السابق، ولما رُوِيَ أن فاطمةَ رضي الله تعالى عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَزَنَتْ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".

ووجه الدلالة: أن هذه الأحاديث لم تفرق بين الذكر والأنثى، والأذى: هو شعر الرأس، وهو عامٌّ في كليهما، كما نقله الشوكاني عن ابن سيرين في "نيل الأوطار" (5/ 157، ط. دار الحديث).

قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (6/ 336): [يستحب لمن ولد له ولد أن يسميه يوم أسبوعه ويحلق رأسه ويتصدق عند الأئمة الثلاثة بزنة شعره فضةً أو ذهبًا، ثم يَعِقُّ عند الحلق] اهـ.

وقال العلامة علي أبو الحسن المالكي في "كفاية الطالب الرباني" بحاشية العدوي (1/ 594، ط. دار الفكر): [(وإن حلق شعر المولود) ذكرًا كان أو أنثى (وتصدق بوزنه من ذهب أو فضةٍ فذلك مستحب) على المشهور؛ لما في "الترمذي" من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عَقَّ عن الحسن بكبش، وقال: «يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة، قال: فوزناه فكان درهمًا أو بعض درهم»] اهـ.

وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 432، ط. دار الفكر): [يستحب حلق رأس المولود يوم سابعه، قال أصحابنا: ويستحب أن يتصدق بوزن شعره ذهبًا، فإن لم يفعل؛ ففضة، سواء فيه الذكر والأنثى، هكذا قاله أصحابنا] اهـ.

والقول الثاني: أن استحباب الحلق خاص بالمولود الذكر ولا يشمل الأنثى، وهو ما ذهب إليه الحنابلة، فلا يستحب عندهم حلق شعر الأنثى عند ولادتها، بل نصُّوا على كراهية الحلق في حقها.

قال الإمام الحجاوي الحنبلي في "متن الإقناع" (1/ 411، ط. دار المعرفة): [ويحلق رأس ذكر لا أنثى يوم سابعه، ويتصدق بوزنه وَرِقًا] اهـ.

وقال العلامة علاء الدين المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (4/ 111، ط. دار إحياء التراث العربي): [(ويحلق رأسه ويتصدق بوزنه ورقا يوم السابع) وهذا المذهب، وعليه الأصحاب، وقال في "الروضة": ليس في حلق رأسه ووزن شعره سنة أكيدة، وإن فعله فحسن. والعقيقة هي السنة، تنبيه: الظاهر أن مراده بالحلق: الذكر، وهو الصحيح من المذهب، وعليه الأكثر، وقدمه في "الفروع"، وقال الأزجي في "نهايته": لا فرق في استحباب الحلق بين الذكور وللإناث. قال: ولعله يختص بالذكور إلا الإناث يكره في حقهن الحلق] اهـ.

المختار للفتوى في هذه المسألة

المختار للفتوى هو استحباب حلق شعر المولود يوم سابعه ذكرًا كان أو أنثى والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمة أحدهما لمن قدر عليه، إلا إذا خيف وقوع ضرر برأس المولود، أو خيف عليه الأذى، فتركه حينئذ أفضل؛ إذ الضرر ممنوع، ودفع المفسدة أولى من تحصيل المنفعة، وحينئذ يُقدَّر وزن الشعر ويُتصدق بزنته.

قال العلامة ابن النجار الحنبلي في "شرح الكوكب المنير" (4/ 681، ط. مكتبة العبيكان) [ويرجح أيضًا ما مدلوله الحظر على ما مدلوله الندب؛ لأن الندب لتحصيل المصلحة، والحظر لدفع المفسدة، ودفع المفسدة أهم من تحصيل المصلحة في نظر العقلاء] اهـ.

وقال العلامة محمد عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 491) عند بيان حكم من تعذر عليه حلق شعر المولود في اليوم السابع: [وإن لم يحلق تحرى وتصدق به] اهـ.

الخلاصة

بناء على ذلك: فإن حلق شعر المولود يوم سابعه والتصدق بزنته ذهبًا أو فضة أو قيمة أحدهما لمن قدر عليه أمرٌ مستحب، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، إلا إذا خيف وقوع ضرر برأس المولود، أو خيف عليه الأذى فيترك الحلق حينئذ؛ رفعًا للضرر، ويُقدَّر وزن الشعر ويتصدق بزنته.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

يقول السائل: والدتي تمتلك محلًّا بعقد شراكة بينها وبين والدي، ويعمل بهذا المحل أخي الأصغر، ولا يراعي إخوته، فأعطت والدتي توكيلًا رسميًّا لأخي الآخر يعطيه الحق في التصرف في حقوق باقي إخوته، فما حكم الشرع في تصرف والدتي؟ وما حكم الشرع في تصرف أخي الأصغر؟


ما حكم إخراج زكاة الفطر عن الابن الكبير الموسر؟ فقد اعتدتُ إخراج زكاة الفطر عن نفسي وزوجتي وجميع أبنائي، ولي ابنٌ كبيرٌ يعمل وله مالٌ ولله الحمد؛ فهل يجوز لي شرعًا إخراج زكاة الفطر عنه مع كونه قادرًا على إخراجها عن نفسه ويجزئ ذلك عنه؟تجب زكاة الفطر على المسلم إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، فإن تَطَوَّع الأب فأداها عن ابنه الكبير جاز ذلك شرعًا على جهة التبرع والإحسان، لا على جهة الوجوب والإلزام، وسواء أَأَعْلَمَهُ بذلك أو لا؛ لوجود الإذن منه عادةً، وإن كان إعلامه هو الأَوْلَى؛ خروجًا مِن خلاف مَن أوجبه.


يقول السائل: ما الحكم إذا كَفَلَت أسرة طفلًا، ثم أنجبت هذه الأسرة ابنًا أو بنتًا؟ هل يصير أَخًا أو أختًا للمكفول بالرضاع، وتثبت بينهم الأخوة؟ وتجري بينهما أحكام الرضاع؟


هل يجوز إخراج الزكاة من الـمُزَكِّي لمَنْ يجب عليه نفقتهم؟


سائل يطلب النصيحة الشرعية في خصوص كيفية الاختيار والقبول عند إرادة الزواج؟


ما حكم الزواج بقصد الإنجاب في المختبر من دون جماع والطلاق بعده؟ فأنا امرأة تجاوزتُ الأربعين من عمري، وكنت قد مررتُ بتجربة زواج سابقة، ولم يتيسَّر لي أمر الإنجاب، وذلك لوجود مشكلة صحية تتعلق بأني لا أُطيق العلاقة الزوجية؛ حيث عانيتُ في بداية حياتي الزوجية من وجود بكتريا حادَّة تمنع من الاتصال الجنسي، وحينما ذهبنا إلى الأطباء أخبروني بوجود فيروس يسمى "فيروس الهربس البسيط"، وأن العَدوَى به تستمر مدى الحياة، وعادة ما تكثر عند حصول العلاقة، وكنت أُعالَج أنا وزوجي في وقت واحد، واستمررنا على ذلك 3 سنوات، وإن تحسن الوضع قليلًا سرعان ما يرجع مرة أُخرى، فلم يتحمل طليقي الأمر، واتفقنا على الانفصال، وأنا الآن تعرفت على رجلٍ ذي خلق، واتفقنا على الزواج على أن لا يحدث بيننا معاشرة، ولكن نجري عملية الحقن المجهري بقصد الإنجاب الذي حرمتُ منه طول العمر، وهو قد رضي بذلك، إلَّا أنه أخبرني بيني وبينه بأنه بعدما يتم الإنجاب سوف ننفصل، وتراضينا على ذلك وتزوجنا.

فما حكم هذا الزواج شرعًا؟ وهل يدخل ضمن تأقيت النكاح المنهيِّ عنه؟

مع العلم أننا لم نكتب ما اتفقنا عليه وتراضينا في عقد الزواج، ومعي التقارير الطبية التي تفيد حالتي المرضية. أفيدونا أفادكم الله.