لا يوجد موعد

الإمام الماوردي

الإمام الماوردي

نسبه:
هو علي بن محمد بن حبيب، أبو الحسن الماوردي البصري الشافعي.

مولده ونشأته:
ولد الماوردي في البصرة سنة 364 هـ، في أسرة محبة للعلم وأهله، فانشغل في صباه بالحديث والفقه والأصول.

مناقبه:
كان إماما جليلا رفيع الشأن له اليد الباسطة في المذهب الشافعي والتفنن التام في سائر العلوم، درس بالبصرة وبغداد سنين كثيرة، ويلقب أقضى القضاة، لقب به في سنة 429 هـ.

قال الخطيب: كان من وجوه الفقهاء الشافعيين وله تصانيف عدة في أصول الفقه وفروعه وغير ذلك، وجعل إليه ولاية القضاء ببلدان كثيرة.

وقال ابن خيرون: كان رجلا عظيم القدر مقدمًا عند السلطان، أحد الأئمة، له التصانيف الحسان في كل فن من العلم.

وكان ذا منزلة من ملوك دولة بني بويه يرسلونه في التوسطات بينهم وبين من يناوئهم، ويرتضون بوساطته، ويقنعون بتقريراته.

وأرسل القائم بأمر الله قاضي القضاة أبا الحسن الماوردي إلى الملك أبي كاليجار ليأخذ عليه البيعة، ويخطب له في بلاده، فأجاب وبايع، وخطب له في بلاده، وأرسل إليه هدايا جليلة وأموالا كثيرة.

وسأل جلالُ الدولة الخليفةَ القائمَ بأمر الله ليخاطب بملك الملوك، فامتنع، ثم أجاب إليه إذا أفتى الفقهاء بجوازه، فكتب فتوى إلى الفقهاء في ذلك فأفتى القاضي أبو الطيب الطبري، والقاضي أبو عبد الله الصيمري، والقاضي ابن البيضاوي، وأبو القاسم الكرخي بجوازه، وامتنع منه قاضي القضاة أبو الحسن الماوردي، وجرى بينه وبين من أفتى بجوازه مراجعاتٌ، وخُطِبَ لجلال الدولة بملك الملوك.

وكان الماوردي من أخص الناس بجلال الدولة، وكان يتردد إلى دار المملكة كل يوم، فلما أفتى بهذه الفتيا انقطع ولزم بيته خائفًا، فأقام منقطعًا من شهر رمضان إلى يوم عيد النحر، فاستدعاه جلال الدولة، فحضر خائفا فأدخله وحده وقال له: قد علم كل أحد أنك من أكثر الفقهاء مالا وجاها وقربا منا وقد خالفتهم فيما خالف هواي، ولم تفعل ذلك إلا لعدم المحاباة منك، واتباع الحق، وقد بان لي موضعك من الدين، ومكانك من العلم، وجعلت جزاء ذلك إكرامك بأن أدخلتك إلي وحدك..

وقيل: إنه لم يُظهر شيئا من تصانيفه في حياته، وجمعها في موضع، فلما دنت وفاته قال لمن يثق به: الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما لم أظهرها لأني لم أجد نية خالصة، فإذا عاينت الموت ووقعت في النزع، فاجعل يدك في يدي، فإن قبضت عليها وعصرتها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء منها، فاعمد إلى الكتب وألقها في دجلة، وإن بسطت يدي ولم أقبض على يدك، فاعلم أنها قد قبلت وأني قد ظفرت بما كنت أرجوه من النية.

قال ذلك الشخص: فلما قارب الموت وضعت يدي في يده فبسطها ولم يقبض على يدي فعلمت أنها علامة القبول فأظهرت كتبه بعده.

ومن كلام الماوردي الدال على دينه ومجاهدته لنفسه ما ذكره في كتاب أدب الدين والدنيا، فقال: ومما أنذرك به من حالي أني صنفت في البيوع كتابا جمعته ما استطعت من كتب الناس وأجهدت فيه نفسي وكددت فيه خاطري، حتى إذا تهذَّب واستكمل وكدت أعجب به وتصورت أني أشد الناس اطلاعا بعلمه، حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان، فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل ولم أعرف لشيء منها جوابًا، فأطرقت مفكرًا، وبحالي وحالهما معتبرًا، فقالا: أما عندك فيما سألناك جواب وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لا، فقالا: إيها لك، وانصرفا. ثم أتيا من قد يتقدمه في العلم كثير من أصحابي فسألاه فأجابهما مسرعا بما أقنعهما فانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه، إلى أن قال: فكان ذلك زاجر نصيحة ونذير عظة، تذلل لهما قياد النفس وانخفض لهما جناح العجب.

شيوخه:
روى عن الحسن بن علي الجيلي، ومحمد بن عدي المنقري، ومحمد بن المعلي الأزدي، وجعفر بن محمد بن الفضل البغدادي، وتفقه بالبصرة على أبي القاسم الصيمري، ثم رحل إلى الشيخ أبي حامد الإسفراييني ببغداد، وتفقه أيضًا على شيخ الشافعية أبو محمد عبد الله بن محمد البخاري المعروف بالباقي.

تلاميذه:
من تلاميذ الإمام الماوردي: أبو بكر الخطيب البغدادي، وعبد الملك بن إبراهيم المقدسي، ومحمد بن أحمد بن عبد الباقي الربعي الموصلي، وأبو الحسن العبدري، ومهدي بن علي الإسفراييني، وابن خيرون، وأبو منصور القشيري، وعبد الواحد بن عبد الكريم بن هوازن الملقب بركن الإسلام، وعبد الغني بن نازل بن يحيى الألواحي، وأبو بكر الحلواني، وأُبيُّ النَّرْسِيُّ، وأبو العز بن كادش.

مصنفاته:
له الحاوي في الفقه الشافعي ويقع في ثمانية عشر مجلدًا، والإقناع والكافي في الفقه، وأدب الدنيا والدين أو (النهضة العليا في أدب الدين والدنيا)، والتفسير، وأعلام النبوة، والأحكام السلطانية، وقانون الوزارة، وسياسة الملك، والنكت والعيون، وغير ذلك.

وفاته:
مات في يوم الثلاثاء آخر يوم من شهر ربيع الأول سنة 450 هـ ودفن من الغد في مقبرة باب حرب، وكان قد بلغ 86 سنة.

المصادر:
طبقات الشافعية الكبرى للسبكي: 5/267، ط هجر للطباعة والنشر.
معجم الأدباء لياقوت الحموي: 5/1955، ط دار الغرب الإسلامي.
الكامل في التاريخ لعز الدين ابن الأثير: 7/748 ، 768، ط دار الكتاب العربي.
مقدمة كتاب الحاوي الكبير للماوردي: تحقيق وتعليق علي محمد معوض، وعادل أحمد عبد الجواد، وتقديم د/ محمد بكر إسماعيل، ود/ عبد الفتاح أبو سنة، ص 55 وما بعدها، ط دار الكتب العلمية.