نسبه:
هو عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، أبو محمد، شمس الدين المقدسي الجماعيلي الصالحي الحنبلي.
مولده ونشأته:
ولد سنة 597 هـ، في الدير المبارك بسفح قاسيون، في بيت علم، حيث كان أبوه أبو عمر بن قدامة من أكابر العلماء في عصره، وعلى يديه قرأ شمس الدين بن قدامة العلوم.
شيوخه:
قرأ على والده أبي عمر، وتفقه على عمه موفق الدين ابن قدامة، وابن كامل، والقاضي أسعد بن المنجا، وابن البنا، والبكري، والجلاجلي، والشمس البخاري، وأبو علي حنبل بن عبد الله الواسطي، وأبي اليمن الكندي، وأبي القاسم بن الحرستاني، وابن ملاعب والآمدي، وست الكتبة بنت الطراح.
وكتب وقرأ على ابن الزبيدي وجعفر الهمداني، والضياء المقدسي، وسمع بمكة من أبي المجد القزويني، وابن باسويه، وبالمدينة من أبي طالب عبد المحسن بن أبي العميد الخفيفي، وغيرهم.
تلاميذه:
من تلاميذه: أبو عبد الله محمد بن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي، وكمال الدين أبو الحسن بن أبي بكر، وأبو بكر المناوي، وأبو الفضل بن قدامة الحاكم، وابن تيمية، و أبو محمد الحارثي، و أبو الحسن بن العطار، والمزي، والشيخ برهان الدين، و مجد الدين إسماعيل بن محمد الحراني، والبرزالي.
مناقبه:
كان شمس الدين ابن قدامة شيخ الإسلام علمًا، وزهدًا، وورعًا، وديانة، وأمانة، كان - رحمه الله - كبير القدر، جم الفضائل، إليه انتهت الرياسة في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وكانت له اليد الطولى في معرفة الحديث، والأصول، والنحو، وغير ذلك من العلوم الشرعية مع العبادة الكثيرة، واللطف، وكرم الأخلاق، ولين الجانب، والإحسان إلى القريب والبعيد، والاحتمال، وولى قضاء القضاة بالشام يوم الأحد 18 جمادى الأولى سنة 664 هـ مُكْرَهًا، وباشر ذلك عدَّة سنوات، وكان الشيخ رحمه الله رحمة على المسلمين، ولولاه لراحت أملاك الناس، وعاداه جماعة الحكام، وتحدثوا فيه بما لا يليق، ونصره الله عليهم بحسن نيته، ثم عزل نفسه، وامتنع من الحكم، وبقي متوفرًا على العبادة، والتدريس، والاشتغال، والتصنيف، وكان أوحد زمانه في تعدد الفضائل، والتفرد بالمحامد، وحج غير مرة، ولم يكن له نظير في خلقه، ورياضته، وما هو عليه، وكان على قدم السلف رضي الله عنهم في معظم أحواله.
ذكره الشيخ محي الدين النواوي رحمه الله تعالى فقال عنه: هو الإمام المتفق على إمامته، وبراعته، وورعه، وزهادته، وسيادته، والعلوم الباهرة، والمحاسن المتظاهرة.
وذكره الشيخ زكي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد العزيز الكوري المالكي، فقال: شيخنا شمس الدين ممن يفتخر به دمشق على سائر البلدان، يزهو به عصره على متقدم العصور والأزمان، لما جمع الله تعالى فيه من المناقب، والفضائل، والمكارم، منها التواضع مع عظمته في الصدور، وترك التنازع فيما يفضى إلى التشاجر والنفور، كانت به صدور المجالس والمحافل، مع ما أمده الله تعالى به من سعة العلم، وفطره عليه من الرأفة، والحلم، ألحق الأصاغر بالأكابر في رواية الحديث.
وحكى الشيخ أبو الفضل بدر بن برغارم الشاغوري قطب وقته في زمانه، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم وهو يقول صلى الله عليه وسلم: يا أبا الفضل! قلت: لبيك يا رسول الله! قال: أبشر بالخير من الله تعالى، فإنك من أهل الجنة؛ فقلت: يا رسول الله.. وأصحابي؟ فقال: وأصحابك أيضًا من أهل الجنة، طيب قلبك، فقلت: يا رسول الله.. فالشيخ شمس الدين خطيب الجبل والشيخ عز الدين؟ ثم قال: يا أبا الفضل! قلت: لبيك يا رسول الله! قال: قل لهما وبشرهما أنهما من أهل الجنة.
وقال البرزالي في تاريخه: كان الشيخ شيخ الوقت، وبركة العصر، ولي الحكم والخطابة، والمشيخة والتدريس مدة طويلة.
مصنفاته:
صنف شمس الدين ابن قدامة كتاب شرح المقنع أو (الشرح الكبير) وهو مطبوع متداول، والمقنع من تأليف عمه الموفق ابن قدامة، وقد بحثه وعرضه عليه، وصنف له هذا الشرح في عشر مجلدات.
وفاته:
مرض شمس الدين ابن قدامة عدَّة أيام، ثم توفى إلى رحمة الله تعالى ليلة الثلاثاء آخر ربيع الآخر 682 هـ، بمنزله بجبل قاسيون بدمشق. ودفن عند قبر والده الشيخ أبي عمر رضي الله عنهما.
المصادر:
ذيل مرآة الزمان لليونيني: 4/186، ط دار الكتاب الإسلامي ـ القاهرة.
فوات الوفيات لصلاح الدين: 2/292، ط دار صادر.
مرآة الجنان وعبرة اليقظان لليافعي: 4/148، ط دار الكتب العلمية.
الذيل على طبقات الحنابلة للسلامي: 4/173، ط العبيكان ـ الرياض.
العبر في خبر من غبر للذهبي: 4/189، ط دار الكتب العلمية.
سير أعلام النبلاء للذهبي: 15/456، ط دار الحديث.