ما حكم الإقامة في بلاد غير المسلمين؟ فلي شقيقة تعيش في أمريكا مع زوجها، وعندهم خمسة من الأولاد كلهم مسلمون ومحافظون على الدين الإسلامي ويعظمون أركانه، ويعيشون عيشة هادئة في مجتمع يتبادلون فيه مع من يتعاملون معهم من مجاملات وتهاني، إلى غير ذلك. فهل يعتبرون كفارًا لأنهم يعيشون في مجتمع غير إسلامي، رغم إيضاحنا لفضيلتكم أنهم على الدين الإسلامي، ويؤدون ما يفرضه عليهم الدين من الشهادتين وأداء الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان والتعامل الحسن بما يرضي الله ورسوله، مع العلم أنَّه لا يوجد من يؤثر على دينهم أو يمسُّ أو يقترب من جوهر عقيدتهم أو يحول بينهم وبين القيام بتكاليف الدين الإسلامي؟
أولًا: يحرم شرعًا المبادرة بتكفير المسلم؛ فالحكم على شخص معين بالكفر إنما هو وظيفة القاضي، ويجب حمل أفعاله وأقواله على السلامة ما أمكن ذلك.
ثانيًا: يجوز للمسلم شرعًا الإقامة في بلاد غير المسلمين ما دام يأمن فيها على نفسه ودينه ويستطيع القيام بالتكاليف الشرعية.
المحتويات
التكفير حكم شرعي، مرده إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فكما أن التحليل والتحريم لله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فكذلك التكفير، وليس كل وصف بالكفر من قول وفعل يكون كفرًا أكبر مخرجًا عن الملة؛ ولذلك لم يجز أن نكفر إلا من دل َّالكتاب والسنة على كُفرِه دلالة واضحة، فلا يكفي في ذلك مجردُ الشبهة والظن؛ لِمَا يترتب على ذلك من الأحكام الخطيرة؛ فإن تكفير المسلم كقتله؛ كما جاء في حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ غَيْرِ الإِسْلاَمِ فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فِيمَا لاَ يَمْلِكُ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِنًا فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ» رواه البخاري وغيره.
وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير، فالتكفير أولى أن يُدرَأ بالشبهات؛ ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحكم بالتكفير على الناس:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا» رواه الشيخان.
وروى الإمام مسلم في "صحيحه" أيضًا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لِأَخِيهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا، إِنْ كَانَ كَمَا قَالَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ».
وروى الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" عن عِمرَانَ بن حُصَينٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ، فَهُوَ كَقَتْلِهِ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ».
والحكم بكفر إنسان شأنه كشأن غيره من الأحكام التي لا تتم إلا بوجود أسبابها وشروطها، وانتفاء موانعها، فقد ينطق المسلم بكلمة الكفر لغلبة فرح أو غضب أو نحوهما أو لعدم علمٍ أو تفطُّنٍ لمدلولها، فلا يكفر به لعدم القصد؛ كما روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ».
فمسائل الإيمان والكفر من المسائل التي ينبغي الحذر من الكلام فيها؛ لما يترتب عليها مِن أحكام دنيوية وأخروية، والتسرع في التكفير يترتب عليه أمور خطيرة من استحلال الدماء والأموال، ومنع التوارث، وفسخ النكاح، وغيرها مما يترتب على الردة، ولذلك وجب التبيُّنُ والتحري الشديد قبل إصدار الحكم بالكفر خصوصًا على من ثبت إسلامهم، فمتى أمكن حمل فعل المسلم أو قوله على محمل حسن تعيَّن ذلك، لا سيما أن إسلامه قرينة قوية تدفع عنه حكم الكفر.
يقول حجة الإسلام الغزالي في "الاقتصاد" (ص: 157، ط. دار الكتب العلمية): [والذي ينبغي أن يميل المحصِّلُ إليه: الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلًا، فإن استباحة الأموال والدماء من المصلِّين إلى القبلة المصرِّحين بقول: "لا إله إلا الله، محمد رسول الله" خطأٌ، والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم امرئ مسلم] اهـ.
ليس التكفير من شأن العامة، وإنما هو شأنُ القاضي بما خَوَّلَه إياه وليُّ الأمر مِن صلاحيَّات التثبت من وقوع المكلَّف فيما أجمعت الأمة على أنه كفر أكبر ناقل عن الملة، عامدًا عالمًا قاصدًا مختارًا، مع التحقق من قيام الشروط وانتفاء الموانع، والتيقن من زوال عوارض الأهلية والتكليف بالكلية، والتأكد من توفر القصد بالبينات والقرائن.
قد نص الفقهاء على جواز إقامة المسلم في بلاد غير المسلمين، ما دام المسلم قادرًا على إقامة شعائر دينه المفروضة عليه، ولا يوجد ما يؤثِّر على دينه سلبًا، أو يحول بينه وبين القيام بتكاليف الدين الإسلامي:
قال الإمام شهاب الدين الرملي الشافعي [ت957هـ] في "الفتاوى" (4 /52-54، ط. المكتبة الإسلامية): [(سئل) عن المسلمين الساكنين في وطن من الأوطان الأندلسية يسمى "أرغون" وهم تحت ذمة السلطان النصراني؛ يأخذ منهم خراج الأرض بقدر ما يصيبونه فيها، ولم يتعد عليهم بظلم غير ذلك لا في الأموال ولا في الأنفس، ولهم جوامع يصلون فيها ويصومون رمضان ويتصدقون ويفكون الأسارى من أيدي النصارى إذا حلوا بأيديهم، ويقيمون حدود الإسلام جهرًا كما ينبغي، ويظهرون قواعد الشريعة عيانًا كما يجب، ولا يتعرض لهم النصراني في شيء من أفعالهم الدينية، ويدعون في خطبهم لسلاطين المسلمين من غير تعيين شخص، ويطلبون من الله نصرهم وهلاك أعدائهم الكفار، وهم مع ذلك يخافون أن يكونوا عاصين بإقامتهم ببلاد الكفر فهل تجب عليهم الهجرة؟
(فأجاب) بأنه لا تجب الهجرة على هؤلاء المسلمين من وطنهم؛ لقدرتهم على إظهار دينهم به، ولأنه صلى الله عليه وآله وسلم بعث عثمان يوم الحديبية إلى مكة لقدرته على إظهار دينه بها، بل لا تجوز لهم الهجرة منه؛ لأنه يرجى بإقامتهم به إسلامُ غيرهم، ولأنه دار إسلام؛ فلو هاجروا منه صار دار حرب.
وفيما ذكر في السؤال من إظهارهم أحكام الشريعة المطهرة وعدم تعرض الكفار لهم بسببها على تطاول السنين الكثيرة ما يفيد الظن الغالب بأنهم آمنون منهم من إكراههم على الارتداد عن الإسلام أو على إجراء أحكام الكفر عليهم: ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾ [البقرة: 220] اهـ بتصرف.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (9/ 295، ط. مكتبة القاهرة): [والثالث، من تستحب له، ولا تجب عليه: وهو من يقدر عليها، لكنه يتمكن من إظهار دينه، وإقامته في دار الكفر، فتستحب له، ليتمكن من جهادهم، وتكثير المسلمين، ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار، ومخالطتهم، ورؤية المنكر بينهم. ولا تجب عليه؛ لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة. وقد كان العباس رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقيمًا بمكة مع إسلامه] اهـ.
بناءً على ذلك: فإقامة المسلم في بلاد غير المسلمين لا تقدح في إسلامه، ويجوز له أن يقيم في تلك البلاد ما دام أن ذلك لا يؤثر على دينه ولا يمسُّ جوهر عقيدته ولا يحول بينه وبين القيام بتكاليف الدين الإسلامي.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل للحاكم أن يُقيِّد بعض مظاهر العبادات التي جاء بها الشرع الشريف؟ وما الضابط في ذلك؟
امتازت الشريعة الإسلامية السمحة بمبادئ والتزامات حياتية أوجدها الله سبحانه وتعالى لتيسير أمور البشر وتنظيم أحوالهم، ومعروف لدى الجميع مدى صرامة الإسلام بكل ما يتعلق بحفظ واحترام حقوق المسلم، وقد جاءت النصوص القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بتحريم جريمة السرقة وتجريم مرتكبها، وتضمنت عقوبات رادعة في حق السارق.
وبهذا الصدد لا يخفى أن سرقة الملكية الفردية، والعلامات التجارية الأصلية المسجلة، أو الاحتيال عليها لا تقل خطورة عن السرقة بالأساليب والأنماط التي اعتدنا رؤيتها؛ فهي تضر بمصالح أصحابها، وتفوت عليهم فرصة النمو والتطور، فضلًا عن الأضرار التي تلحق بسمعتهم مِن جراء قيام سارقها بخداع المستهلك مع سابق نية.
فما هو الحكم الشرعي في سرقة الملكية الفكرية والعلامات التجارية الأصلية المسجلة من أصحابها؟
وما حكم فتح محلات تجارية والمتاجرة بها، وخداع المواطنين والمستهلكين بأنها العلامة الأصلية؟
وما حكم العمل في تلك المحلات بالنسبة للموظفين؟
وما هو الحكم الشرعي للذين يتعاملون مع سارقي العلامات التجارية؟
وما هي العقوبات التي ترون وجوب اتخاذها بحق سارقها؟
ما حكم صلاة العيد في البيت؟ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من فيروس (كوفيد-19) والإجراءات الاحترازية التي قامت بها الدولة، ومنها غلق دور العبادة حفاظًا على حياة الناس؛ فهل تصح صلاة العيد في البيت سواء بعذرٍ أو بغير عذرٍ، وهل تشترط الخُطْبَة بعدها، وما هي كيفية أداء صلاة العيد في البيت؟
ما حكم لعبة البلياردو؟
هل يجوز لأصحاب الأعذار وكبار السن والأمراض المزمنة الإقامة بمكة المكرمة أيام المبيت بمنى (أيام التشريق)؟ ولكم خالص الشكر والتحية.
ما حكم غسل الرجل لزوجته المتوفاة بفيروس كورونا؟ حيث إنه بسبب تزايد أعداد المتوفين بهذا الوباء اضطر كثير من الرجال لتغسيل زوجاتهم؛ لعدم سهولة توفير من يُغسِّلهن من النساء؛ نظرًا للخوف من العدوى؟